أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

جونسون يراهن على موسكو قبل "بريكست"

الخميس، 26 ديسمبر 2019 08:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى تجاهر فيه الحكومة البريطانية بالعداء تجاه روسيا، يبقى انتصار حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون بالأغلبية المطلقة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة خبرا سعيدا للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خاصة أن بقاء جونسون يمثل اللبنة الأولى فى انهيار الاتحاد الأوروبى، والذى طالما كان بمثابة الشوكة فى خاصرة موسكو، عبر توسعه الدائم فى مناطق الجمهوريات السوفيتية السابقة، والتى تمثل عمقا استراتيجيا وتاريخيا لروسيا.

إلا أن مسألة الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى لا تمثل السبب الوحيد وراء سعادة بوتين بانتصار جونسون المدوى، حيث يبقى بقاء روسيا "القوية" رهانا بريطانيا، رغم الدعاية العدائية التى ترفعها الحكومات البريطانية، منذ حقبة رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر، والتى تلقب بـ"المرأة الحديدية"، والتى كانت المناوئة الأكبر للشيوعية السوفيتية، منذ ما قبل صعودها إلى السلطة فى السبعينيات من القرن الماضى، إلا أنها بالرغم من ذلك كانت تؤمن بأهمية بقاء الكيان الشيوعى لتحقيق قدرا من التوازن الدولى، وللاحتفاظ بمكانة لندن الدولية على حساب أقرانها الأوروبيين.

رؤية تاتشر تجلت بوضوح فى لجوئها إلى الزعيم السوفيتى الأخير ميخائيل جورباتشوف، حتى يتدخل لمنع سقوط حائط برلين، بينما سعت للوساطة بينه وبين الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان، لإنهاء الصراع، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لإيمانها بأن سقوط الاتحاد السوفيتى، وبداية عصر الأحادية القطبية، هو بمثابة إعلان عن نهاية النفوذ البريطانى، لصالح قوى أوروبية أخرى، وعلى رأسها ألمانيا التى صارت أكثر تأثيرا بعد توحيدها.

ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، مازالت روسيا رهانا بريطانية لاستعادة مكانتها، وهو ما يبدو فى حرص رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى، ومن بعدها جونسون على التلويح من جديد بفزاعة موسكو، لإجبار الغرب الأوروبى على الالتفاف حول لندن، فى الوقت الذى تثور فيه المخاوف جراء "عزلة" بريطانية محتملة فى محيطها الجغرافى، فى أعقاب الخروج من أوروبا الموحدة.

فلو نظرنا إلى قضية العميل الروسى المزدوج سيرجى سكريبال، والذى اتهمت فيها ماى روسيا بالتورط فى تسميمه، فى العام الماضى، هو بمثابة محاولة خجولة لحشد الأوروبيين، أو بالأحرى المعسكر الغربى بأسره، ورائها، فى محاولة لتجاوز ما يمكننا تسميته بـ"الجرح الأوروبى" الناجم عن بريكست، وهو الدرب الذى تواصله حكومة جونسون، عبر اتهامها الأخير لروسيا بانتهاك المجال الجوى لأستونيا، وهى المحاولات التى تمثل رهانا بريطانيا صريحا على "الفزاعة" الروسية لإجبار أوروبا على الدوران فى فلك لندن.

وهنا يمكننا القول بأن بقاء روسيا، واحتفاظها بقدر من قوتها، يمثل ورقة بريطانية رابحة، لمناورة عمقها الاستراتيجى، فى ظل رغبة لندن فى الاحتفاظ بأكبر قدر من المزايا الأوروبية فى مرحلة ما بعد "بريكست"، وهو ما بدا فى الزيارة التى قام بها جونسون مؤخرا لقواته فى أستونيا، فى محاولة صريحة للتلويح بأهمية الدور الذى تلعبه بلاده فى خدمة الأهداف القارية، رغم الخروج من الاتحاد الأوروبى، ربما فى محاولة لابتزاز قادة القارة العجوز قبل الخطوة التاريخية التى سوف تتخذها لندن خلال الأسابيع المقبلة.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة