على مدار السنوات الـ3 الماضية، تزايدت تدريجيًا أرصدة النقد الأجنبى لمصر، وتحسنت أرصدة البنوك من العملة الصعبة، مع تحرير سعر الصرف، وتوحيد سعر الدولار، والقضاء على السوق السوداء للعملة، مما دعم ثقة الاسثتمار الأجنبى المباشر، وغير المباشر، حيث وصلت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المصرية إلى نحو 20 مليار دولار حاليًا.. ولكن هل تؤثر استثمارات الأموال الساخنة على أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر؟.
وشهد الاحتياطى الأجنبى لمصر على مدار 4 سنوات، ارتفاعًا إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، وبنحو 28.876 مليار دولار، ليغطى نحو 8 أشهر من الواردات، لترتفع الأرصدة من 16.478 مليار دولار فى نهاية يناير 2016، إلى نحو 45.354 مليار دولار، فى نهاية نوفمبر 2019.
والأموال الساخنة تشمل استثمارات الأجانب فى أدوات الدين – أذون وسندات الخزانة – والأسهم بالبورصة، وتسمى بالساخنة نظرًا لسرعة دخولها وخروجها من الأسواق بحثًا عن أسعار العائد المرتفعة.
وخلال شهر نوفمبر 2019، أصدرت مصر سندات بقيمة 2 مليار دولار على ثلاث شرائح " 4 -12- 40 سنة" وبقيم مصدرة تبلغ 500 مليون دولار، ومليار دولار، و500 مليون دولار على التوالى وبأسعار عائد جيدة، وتقل عن أسعار العائد السائدة فى السوق الثانوى للسندات الدولية المصرية وذلك فى ضوء تزايد طلبات الاكتتاب من قبل المستثمرين الدولين لتتخطى 14.5 مليار دولار وبعد ساعات قليلة من الإعلان عن الطرح من القاهرة.
ونجاح الطرح فى فئة السند بأجل 40 سنة بأقل تكلفة ممكنة، أدى إلى إضافة 10 سنوات إلى منحنى العائد للسندات الدولية المصرية، حيث كان أطول إصدار دولى قبل هذا الطرح 30 سنة، مما يؤكد الإقبال الكبير والمتزايد على السندات الدولية المصرية والذى وصل مع نهاية الطرح إلى 14.5 مليار دولار يمثل نسبة تغطية تتعدى 7 مرات قيمة الطرح والذى بلغ 2 مليار دولار وهو معدل تغطية كبير جدا ويزيد على نسب التغطية التى شهدتها الإصدارت الدولية للعديد من دول المنطقة والدول الناشئة خلال الشهور الماضية مما يعكس ثقة المجتمع الدولى فى جهود ونتائج الإصلاح الاقتصادى والمالى الذى تقوم به الحكومة المصرية.
ويسجل صافى استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية، منذ تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر 2016، وحتى الآن، نحو 20 مليار دولار، مما يؤكد الثقة فى مؤشرات الاقتصاد المصرى، والرؤية المستقبلية الإيجابية لها.
وعلى مدار السنوات التى نفذت فيها الحكومة المصرية برنامج الإصلاح الاقتصادى، دعمت البنوك أرصدتها من العملة الصعبة، والتى تسجل نحو 18 مليار دولار، مما يجعلها ذات مركز قوة فى تغطية وامتصاص صدمات ناتجة عن ظروف استثنائية دولية تواجه الاقتصاد العالمى، وأى خروج متوقع للأموال الساخنة من موارد البنوك الذاتية، وبعيدًا عن أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر.
وقرر البنك المركزى المصرى، فى ديسمبر 2018، إلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب، وهو القرار الخاص باستثمارات بالعملات الأجنبية فى أدوات الدين الحكومية من أذون خزانة وسندات وكذلك الأسهم المدرجة فى البورصة المصرية، بما دعم السيولة الدولارية لدى البنوك المصرية، وتدفقات العملة الأجنبية عبر سوق الإنتربنك، وهو ما يؤكد أن البنوك قادرة على تغطية أى خروج متوقع لهذا النوع من الاستثمار.
وتدفقات النقد الأجنبى وخاصة أموال المحافظ المالية والتى تقدر ما بين 200 إلى 300 مليون دولار يوميًا، وترتفع إلى 500 مليون دولار فى بعض الأيام، وتدفقات أموال الاستثمارات الأجنبية فى الأسواق المالية المصرية خاصة فى أذون وسندات الخزانة المصرية، تدعم السيولة بالعملة الأجنبية.
ويتحدد سعر الصرف فى البنوك المصرية وفقًا لآلية العرض والطلب، وكلما زاد المعروض الدولارى وتراجع الطلب عليه انخفض سعر الدولار، وعلى مدار عام 2019، فقد الدولار نحو 190 قرشًا من أرصدته أمام الجنيه المصرى بما يؤكد التحسن الكبير فى الاقتصاد المصرى.
ويعد ارتفاع إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل نحو 25.1 مليار دولار خلال عام، وهو ما يعكس ثقة المصريين فى التعامل مع الجهاز المصرفى المصرى كنتيجة إيجابية لقرار تحرير سعر صرف الجنيه المصرى، إلى جانب ارتفاع الصادرات المصرية وإيرادات قناة السويس التى تسجل 5.731 مليار دولار.
وجاء ارتفاع أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر، بفعل خطة مدروسة انتهجها البنك المركزى المصرى والمجموعة الاقتصادية، تعتمد على ترشيد استخدامات العملة الصعبة والاستيراد من الخارج، وزيادة آجال الدين الخارجى لمصر، وتنويع مصادر العملة الأجنبية من القروض الدولية بدعم مؤسسات مثل صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، إلى جانب إصدار سندات دولية لمصر فى الأسواق العالمية.
وحجم أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى، فى نهاية نوفمبر 2019، ارتفع إلى نحو 45.354 مليار دولار، مقارنة بنحو 45.247 مليار دولار، فى نهاية أكتوبر 2019، بارتفاع قدره نحو 107 ملايين دولار.
وتشير تقديرات المحللين إلى إمكانية ارتفاع أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر من مستواها الحالى، البالغ نحو 45.3 مليار دولار فى نهاية نوفمبر 2019، إلى 50 مليار دولار، مع تنويع مصادر العملة الصعبة.
ومع تزايد الثقة فى القطاع المصرى سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج – يقدر عددهم بأكثر من 8 ملايين مصرى - نحو 25.1 مليار دولار خلال العام المالى 2018 – 2019، مقارنة بنحو 26.5 مليار دولار، فى السنة المالية 2017 – 2018، ومقابل نحو 21.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2016 – 2017، أى بإجمالى يقدر بنحو 73.5 مليار دولار خلال 3 سنوات، خاصة مع انتهاء عصر السوق السوداء للعملة.
وتعد حصيلة رسوم المرور فى قناة السويس، إلى جانب تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والصادرات والاستثمار والسياحة، مصادر العملات الأجنبية للاقتصاد المصرى، والداعم الرئيسى للاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى.
وعلى مدار 3 سنوات، منذ تحرير سعر صرف الجنيه "التعويم" والذى تم فى 3 نوفمبر 2016، وخلال تلك الفترة شهدت مؤشرات الاقتصاد المصرى تحولات هامة، تمثلت فى زيادة نمو الناتج المحلى الإجمالى إلى 5.5% وأبرزها تحسن أداء الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، والذى يلامس حاليًا مستوى 16 جنيهًا للدولار، مقابل أكثر من 18 جنيهًا، فى الفترة التى أعقبت قرار التعويم، وتدفقات دولارية بأكثر من 200 مليار دولار على مدار 3 سنوات.
وتستورد مصر بما يعادل متوسط 5 مليارات دولار شهريًا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 55 مليار دولار، وبالتالى فإن المتوسط الحالى للاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 8 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الورادات السلعية لمصر، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.
وتتكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر من سلة من العملات الدولية الرئيسية، هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى واليوان الصينى، وهى نسبة توزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسؤولى البنك المركزى المصرى.
وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، هى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية، مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات، إلا أن مصادر أخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى مستوى قياسى، واستقرار عائدات قناة السويس، تساهم فى دعم الاحتياطى فى بعض الشهور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة