الإنسان مشغول بشكل دائم بسؤال الحياة والموت حتى إن تظاهر بغير ذلك، فهو طوال الوقت يتأمل حياته وحياة الكائنات من حوله، ومن الأشياء التى تثيره دائما سؤال: لماذا متوسط عمر النباتات قصير مقارنة بالحيوان، ومتوسط عمر الحيوان قصير مقارنة بمتوسط عمر الإنسان؟
يقول كتاب "حياتنا وإن طالت" الصادر ضمن سلسلة عالم المعرفة، الصادرة عن المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب بالكويت " لعقود طويلة تختفي تحت سجادة لا تطوى إلا تحت أقدام ملك جديد ( الأرضية العظيمة) لدير وستمنستر فى بريطانيا، والتي تتكون من فسيفساء رائعة التشكيل تصور مشهدا للكون يرجع إلى العصور الوسطى، وتربط هذه الأرضية فترة حياة كل من النباتات، الحيوانات، الناس، بفترة حياة الكون، ويوم الحساب الذي سيكون إيذانا بنهاية هذا الكون.
ولا يمكننا الآن أن نقرأ القصة المكتوبة على الأرضية العظيمة وعلى سطحها لمصاب بتلف كبير، ولكن فريق تحقيق تاريخيا وأثريا دقيقا قد أعاد ترميمها.
وهناك كتابة بالحروف اللاتيتية حول الجوانب الأربعة للإطار المربع الذي يصن داخله الأرضية، هذه الكتابة تقول لنا، إن الفسيفساء اكتملت (فى هذا العام من أعوام الرب، 1272) فى أثناء حكم الملك هنرى الثالث.
وأسهم البابا فى تكلفة إنشائها، أما الفنانون الحرفيون الإيطاليون الذين وضعوا النموذج المدهش لها، فقد جلبوا معهم إلى لندن الكئيبة أحجارا متألقة استخلصت من الأرضيات الرومانية القديمة: قطع فسيفساء مزججة بألوان الأزرق الكوبالت، والفيروزي، والأحمر والأبيض، والبنفسجي البورفيرى اللون الداكن للدم المتخثر، وهذا الأخير من أندر الأحجار فى الأرضية العظيمة ولا يوجد إلا فى محجر واحد بمصر، وهذا المحجر أغلق قبل 500 عام من ميلاد المسيح.
وداخل الإطار المربع تصميم من أربع دوائر تتدفق كل منها إلى الأخرى، مثل حلقات ضخمة مشكلة من حبل واحد، ذات يوم كانت الكلمات التي تلتف بمحيط الدوائر تقول:
إذا تأمل القارئ جيدا كل ما هو مكتوب
سوف يكتسف هنا مقياس (المحرك الأساسي):
السياج النباتي يعيش لثلاث سنوات
وأضف بالترتيب الكلاب، الجياد، الإنسان
والثيران، الغربان، النسور، ووحوش النهر الضخمة، والعالم:
كل واحد يعيش ثلاثة أضعاف عدد السنوات التي يعيشها السابق عليه.
"المحرك الأساسى" إشارة إلى الدائرة السماوية الهائلة الأخيرة فى المفهوم السائد فى العصر الوسيط عن الكون، وهكذا وفقا لهذه الكلمات، فإن القارئ الذكي سوف يكتشف فى الأرضية العظيمة، مقياس الكون، أو بعبارة أخرى، كم من الزمن سيظل هذا الكون، كان مصممو العصور الوسطى الذين صمموا هذه الأرضية العظيمة يعرفون أن الحيوانات والنباتات المختلفة لها فترات حياة مختلفة، وأدركوا أن هذا التنوع جزء من التصميم الأكبر للكون نفسه، والدوائر النتصلة فى الأرضية تجسد فكرة أن دوائر الحياة مترابطة معا ومتصلة بمدى حياة الكون، كل شيء مرتبط بتطبيق الرقم ثلاثة المقدس، ويصل إلى ذروته فى يوم الحساب، الصيغة التي تربط مدى الحياة فى الأرضية هي ثلاث سنوات للسياج النباتي (قبل تجديده بقص الزوائد)، ونتيجة مضاعفته ثلاثا (9 سنوات) هي مدى الحياة المفترضة، وعند مضاعفتها ثلاثا تعطينا فترة حياة الحصان 27 سنة، والإنسان يعيش ثلاث مرات ضعف عمر الخيل، وهكذا حتى نصل إلى رقم 3 مضروبا فى نفسه 9 مرات أو الرقم 19683 سنة لمدى حياة (المحرك الأساسى).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة