تمر اليوم الذكرى الـ 13 لـ إعدام الرئيس العراقى صدام حسين، الذى تم تنفيذ الحكم فيه فى يوم 30 ديسمبر من عام 2006، وقد رصدت كتب عدة هذه الحادثة الشهيرة، كما رصدت السنوات التى سبقتها، ومن ذلك كتاب "سجين فى قصره" لـ ويل باردنويربر، الذى صدرت ترجمته عن الدار العربية للعلوم ناشرون.
ويتحدث الكتاب عن الساعات الأخيرة من حياة صدام حسين فيقول "كان واحدا من أبرد الصباحات التى شهدها السوبر اثنا عشر فى العراق، مع انخفاض درجة الحرارة إلى 15 درجة مئوية فى ساعات ما قبل الفجر.. بعد رحلة قصيرة بالمروحية فوق بغداد النائمة، تلتها رحلة سريعة أخرى على متن الراينو المصفحة، سلم الجنود المدججون بالسلاح، الذين تطلبت مهمتهم ضمان سلامة ورفاه الرئيس السابق صدام حسين إلى مصيره النهائى.
من سخرية القدر أن الإعدام كان سينفذ فى مقر الاستخبارات العسكرية القديم، الذى يقال إنه كان يحوى غرف تعذيب عانى فيها "أعداء الدولة" المفترضين ألوان العذاب فى ظل حكم صدام. كانت الإجراءات الأمنية مشددة، مع طوق أمنى محيطي أمنه لواء أمريكى وبحر من رجال الأمن العراقيين الذين كانوا يسيطرون على المنطقة المحيطة مباشرة بموقع المشنقة. أعطيت للأمريكيين أوامر صارمة بعدم دخول الموقع، لأنها اعتبرت عملية عراقية بحتة.
عند خروج صدام من العربة المصفحة الضخمة، بدا تصميمه يشتد مع كل درجة ينولها، كما لو أنه كان يرغم نفسه على قبول مصره برباطة جأش، متسلحا باعتقاده الراسخ الفخور بأنه كان يموت من أجل بلده.
انتظر السوبر اثنا عشر خارج مبنى المشنقة الضعيف المشيد من ألواح معدنية تشبه الصفيح، والمفتوح جزئيا إلى الخارج كالحظيرة. لم يكن باستطاعة الجنود رؤية المشنقة بشكل مباشر من موقعهم، ولكن كان بوسعهم رؤية ظلال شبحية للمنصة المرتفعة والحبل المتدلي منها.
فى أثناء انتظارهم، أحس "هتش" بالانزعاج لمعرفته بأن صدام كان يكره فكرة أن يشنق، أكثر حتى من الحكم عليه بالموت.
كان موفق الربيعى، مستشار الأمن القومى للعراق، هو من تسلم صدام، وهو من كان مسئولا عن إدارة عملية الإعدام. كان ذات يوم عضوا فى حزب الدعوة الشيعى العراقى، نفس الحزب المسئول عن محاولة اعتيال صدام فى الدجيل، التى أثارت الرد الفضيع الذي حوكم صدام، وحكم عليه بالموت، بسببه. قيل إن الربيعى نفسه تعرض للتعذيب مرارا على يد أجهزة صدام الأمنية قبل هربه إلى لندن فى 1979 وبقائه فى المنفى حتى 2003.
تسلم الربيعى صدام المكبل من الأمريكيين وقاده إلى غرفة حيث قرأ قاض بصوت عال لائحة الاتهامات عليه. كان صدام يحمل قرآنه وبدا للربيعى "طبيعيا ومسترخيا" . ولم يبد أية علامات على الندم بينما كانت الاتهامات تقرأ عليه.
بعد ذلك قاده الربيعى إلى المشنقة.
فى تلك اللحظة حدث شيء غريب. بينما كانا يصعدان الدرجات الأولى، توقف صدام ونظر إلى المشنقة ثم نظر إلى الربيعى من الأعلى إلى الأسفل، وقال: "يا دكتور، هذه للرجال". يبدو أن صدان كان يحاول إظهار سجاعة شبه مسرحية.
بعد ذلك، قاد جلادان مقنعان الرئيس السابق فوق سلسلة درجات أخرى نحو أنشوطة ضخمة وغطاء قابل للفتح فى الأرضية. لم ين الجلادان يرتديان زيا رسميا، أحدهما كان يرتدى جاكيتا جلديا والآخر معطفا قماشيا. أما صدام فكان يبدو مثل رجل دولة فى معطفه الغامق وقميصه الأبيض الظاهر من تحته، كان أطول من قاتليه بعدة سنتمترات، وكانت طريقة مشيته ووقفته مثيرة للدهشة إذ حافظ على جسده منتصبا مع تعبير شبيه بتعبير رجال الأعمال على وجهه. بدا بأنه كان يستخرج ما بقى لديه من احتياطيات ذلك التصميم الصلب عديم الرحمة الذى كان يتسم به فى أيام شبابه، كندما كان يرسل العراقيين ببرود إلى حتفهم زهو ينفث دخان سيجاره دون اكتراث، بل اتبع إرشادات الجلادين بانصياع دون أي خوف ظاهر.
ورفض تغطية رأسه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة