عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وطارق عامر، مُحافظ البنك المركزى، مؤتمرًا صحفيًا لإطلاق ثلاث مبادرات تحفيزية لتشجيع وتمويل القطاع الخاص الصناعى، ومساندة المصانع المتعثرة، ودعم عملاء التمويل العقارى للإسكان المتوسط، والتى تتبناها الحكومة والبنك المركزى، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى؛ وذلك بحضور الدكتور محمد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربى، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والمهندس عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وجمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي.
وأعرب رئيس الوزراء عن سعادته بتواجد محافظ البنك المركزى، والوزراء، والزملاء من البنك، للإعلان عن عدد من المُبادرات المهمة التى تم التوافق عليها بين الحكومة والبنك المركزى، بهدف تنشيط القطاعات الاقتصادية المهمة فى مصر، وذلك فى إطار اهتمام الدولة بالتنسيق الكامل بين الحكومة والبنك المركزى، لدفع وضمان استمرار معدلات نمو الاقتصاد المصرى، بالصورة المرجوة التى نأملها جميعًا.
وأوضح مدبولى، أن المبادرات التى يتم إطلاقها، تتضمن مبادرة تتعلق بقطاع الصناعة، حيث أن هناك توجيهًا من الرئيس عبد الفتاح السيسى، بدعم قطاع الصناعة كقاطرة للنمو، وضرورة أن تشهد المرحلة المقبلة انطلاقة كبيرة فى هذا القطاع، لافتًا إلى عدد من المبادرات التى تم إطلاقها خلال الفترة الماضية من بينها رد المتأخرات للمصدرين، واتاحة الأراضى بنظام الحجز الإلكترونى، وبرنامج دعم الصادرات الجديد.
وأعلن رئيس الوزراء عن مُبادرة مُشتركة يتم إطلاقها اليوم، بعد مناقشتها بالتفصيل بين الحكومة والبنك المركزى بطلب من الرئيس عبد الفتاح السيسى، وهى لتمويل الأنشطة الصناعية، للقطاعات الصناعات القائمة بالفعل التى تسعى للتوسع وزيادة حجم أعمالها، أو الراغبة فى التواجد، وذلك بإتاحة تمويل بقيمة 100 مليار جنيه، بسعر فائدة 10% متناقصة.
ولفت إلى أن التمويل سيغطى كافة الصناعات القائمة، مع منح الأولوية للصناعات التى تأمل الدولة فى تواجدها لسد فجوة الاستيراد، مثل مستلزمات الإنتاج، أو الصناعات التى ترتفع فاتورة استيرادها، لفتح المجال للصناعات الجادة لتتوسع، موضحًا أن عددًا كبيرًا من المصانع لديه القدرة على التوسع ولكن ينقصه مبالغ لشراء ماكينات جديدة أو تشغيل عمالة، مؤكدًا أنه تم مناقشة المبادرة والتوافق على فائدة أقل من سعر الفائدة الحالى، وتم التوافق على أن يكون تحمل هذا الفارق بصورة مشتركة بين الحكومة ممثلة فى وزارة المالية والبنك المركزى، والبنوك المصرية المشاركة فى المبادرة.
وأكد رئيس الوزراء، أن المبادرة الثانية التى يتم إطلاقها اليوم، تتعلق بالتعامل مع المصانع المتعثرة، المتوقفة حاليًا، مؤكدًا أنها تتضمن برنامجًا لرفع عدد كبير من الأعباء المترتبة عليها، وفتح المجال مرة أخرى لأصحابها للعودة والتشغيل لتشجيع المصانع المغلقة وأعدادها بالآلاف، لتدور من جديد عجلة الإنتاج.
وأضاف مدبولى، أن المبادرة الثالثة تخص القطاع العقارى، والتى ستوجه لوحدات إسكان الأسر المتوسطة الدخل، لافتًا إلى أن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا خلال الفترة الماضية بالإسكان الاجتماعى، والإسكان الخاص بنقل وتوطين قاطنى العشوائيات كبديل للمناطق غير الآمنة، وتدعمهما الدولة بصورة كبيرة.
وأوضح رئيس الوزراء، أنه من هنا جاءت فكرة إطلاق برنامج لتمويل الوحدات التى تستهدف الأسر متوسطة الدخل، بقيمة 50 مليار جنيه، بحيث يتم اتاحة هذه الوحدات بسعر فائدة أقل من سعر السوق، ولمدة زمنية أطول، بما يشجع الأسر المتوسطة على اتاحة مصدر للتمويل الميسر لها بسعر فائدة أقل من الحالي.
وأكد مدبولى، أن الاقتصاد الوطنى كلما حقق معدلات أفضل، اتيح باستمرار تنفيذ مبادرات تحفيزية كالتى يتم إعلانها اليوم، مشيرًا إلى أن توجيهات الرئيس مستمرة بضرورة الدفع بقطاع الصناعة وكافة القطاعات، والعمل على زيادة معدلات النمو، لافتًا إلى أن الحكومة تستهدف زيادة المعدل من 5.6% إلى 6% خلال العام الحالى، والوصول إلى رقم أكبر العام القادم.
من جانبه، أعرب طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، عن شكره وتقديره لرئيس الوزراء على دعمه الدائم للبنك المركزى، وكذا أثنى على التعاون الكبير مع الحكومة الذى يسفر دائمًا عن نتائج إيجابية لصالح الاقتصاد المصري.
وقال عامر خلال المؤتمر الصحفى: "ناقشت الحكومة، وبخاصة المجموعة الاقتصادية، على مدار الأشهر الماضية، سبل النهوض بالقطاع الخاص الصناعى، من أجل توفير المزيد من فرص العمل وزيادة الصادرات، وكذا فرص إنتاج سلع محلية الصنع تصلح كبدائل للواردات، مدفوعة بالنجاح الذى تحقق من إعادة الاستقرار للأوضاع المالية والنقدية، بقيادة الحكومة وبالتعاون مع البنك المركزى المصرى وبدعم الرئيس عبد الفتاح السيسى".
وأضاف أن البنك المركزى، وفى ضوء توجيهات القيادة السياسية، قرر تخصيص 100 مليار جنيه، بمقتضاها تقدم البنوك تسهيلات ائتمانية للمشروعات الصناعية المتوسطة والكبيرة التى تبلغ مبيعاتها مليار جنيه كحد أقصى سنويًا، تخصص لتمويل السلع الاستثمارية أو لتمويل رأس المال العامل، بسعر فائدة 10% متناقصة سنويًا، من خلال قروض طويلة الأجل أو قصيرة الأجل على حسب الاحتياجات، ستكون فيها الأولوية للصناعات البديلة للواردات أو الصناعات التصديرية.
وأوضح عامر، أن المبادرة الجديدة ستغطى 96 ألف مؤسسة صناعية، ووصفها بأنها خطوة كبيرة تتحمل فيها وزارة المالية والبنك المركزى تضحية كبيرة، إذ أنهما سيغطيان من خلال إيراداتهما فرق التكلفة بين سعر الفائدة الطبيعى الحالى على القروض وسعر الفائدة الجديد المعلن للمستفيدين من المبادرة.
وأشار محافظ البنك المركزى، إلى المبادرة تأتى بعد 4 سنوات من إطلاق المبادرة الخاصة بتمويل المشروعات الصغيرة بقيمة 200 مليار جنيه، وبفائدة 5%، وأن هذه المبادرة حققت نتائج طيبة حيث قدمت تسهيلات ائتمانية لعدد 86 ألف مشروع صغير.
ولفت عامر، إلى أن إجمالى القروض الممنوحة للقطاع الصناعى فى مصر تبلغ 432 مليار جنيه لعدد 182 ألف منشأة صناعية، وأن مبادرة اليوم ستكون دفعة كبيرة للقطاع الصناعى، وحث جميع البنوك المصرية للانضمام لهذه المبادرة قائلًا" لن نرتاح حتى نطمئن أن قطاع الصناعة فى مصر تقدم خطوات كبيرة للأمام".
كما تطرق محافظ البنك المركزى للحديث عن مبادرة إعفاء المصانع المتعثرة من الفوائد المتراكمة، والتى يبلغ عددها 5184 مصنعًا ولديها قضايا مع البنوك، قائلًا "عكفنا على مراجعة ملف المصانع المتعثرة على مدى 6 أشهر، وسنوجه البنوك بإعفاء هذه المصانع من الفوائد المتراكمة بالكامل". وأضاف أن حجم هذه الفوائد على مدى السنوات الماضية بلغ قيمتها 31 مليار جنيه.
ولفت عامر، إلى أن مبادرة الحكومة بإعفاء المصانع المتعثرة من الفوائد المتراكمة تمنح فرصًا جديدة لهذه المؤسسات للبدء من جديد، مضيفًا : "قررنا إزالة هذه الشركات من القوائم السلبية لدى البنك المركزى، بشرط أن تسدد 50% من قيمة أصل الدين، وبالتالى ستكون هذه الشركات والمصانع قادرة على العودة إلى التعامل مع الجهاز المصرفى مرة أخرى بناء على ملاءتها ودراستها وعلى جدوى مشروعاتها، بدون أى خلفيات تعوقها عن العمل، لافتًا إلى أن أصل الدين على جميع الشركات المتعثرة يبلغ 6 مليارات جنيه.
كما تطرق محافظ البنك المركزى إلى مبادرة التمويل العقارى للإسكان المتوسط، حيث تم تخصيص 50 مليار جنيه لها بشكل مبدئى بسعر فائدة 10% وتصل نسبة التقسيط إلى 20 سنة.
وفى هذا الصدد، أشار عامر، إلى أن حجم التمويل العقارى على ميزانيات البنوك المصرية ضئيل للغاية وبالتالى هناك مجال كبير لزيادة التمويل العقارى على ميزانيات البنوك المصرية، وهذه المبادرة ستسهم فى نمو السوق العقارى، وهو أحد القطاعات المهمة وكذا ستعمل على تخفيف الأعباء بالنظر لفترة السداد الطويلة، لافتًا إلى أن الدولة قامت بالفعل بإنشاء مئات الآلاف من الوحدات على مدار السنوات العشر الماضية.
واختتم عامر حديثه بأن القطاع المصرفى فى وضع طيب للغاية بما يمكنه من توفير أى تمويل مطلوب لعمليات التنمية المخطط لها، وأن هذه المبادرات ستكون بداية جيدة نستمر فى متابعتها.
وأضاف أن المبادرات الثلاث ستنفذها البنوك المملوكة للدولة والبنوك المشتركة التى لدى الدولة مساهمات بها، وحث البنوك الأجنبية أن تراجع مع مراكزها الرئيسية خارج مصر مسألة الانضمام للمبادرة.
وفى ختام المؤتمر قال رئيس الوزراء: "كنا حريصين على عقد المؤتمر بصورة مشتركة بين الحكومة والبنك ىالمركزى للإعلان عن هذه المبادرات وبحضور الوزراء المعنيين"، مضيفًا أن الاقتصاد المصرى كلما يظهر تحسنا تتاح لنا المساحة لإطلاق مثل هذه المبادرات الكبرى لدفع كل مجالات الاقتصاد، لاسيما مع مؤشرات الأداء الاقتصادى الجيدة من انخفاض معدل التضخم وتراجع سعر الفائدة ما يهيئ لنا ضخ مخصصات مالية فى شرايين الاقتصاد المصرى وهو ما يسهم فى خلق فرص عمل جديدة لشبابنا".
وأضاف مدبولي: "لدينا يقين بأن قطاع الصناعة لدينا سيقود قاطرة التنمية خلال الفترة المقبلة، والمبادرات التى تم إطلاقها اليوم ستكون خطوة أولى، كما ندرس مبادرات عديدة بالتعاون مع الوزراء المعنيين".