"الفن والأمن معا يستطيعان مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب".. بهذه الكلمات بدأ الفنان والمخرج جلال الشرقاوى حديثه خلال ندوة تكريمه ضمن مهرجان الإسكندرية المسرحى العربى للمعاهد والكليات المتخصصة، مستنكرا إطلاق مصطلح القوة الناعمة على القوة الكبيرة لتأثير الفن، مشيرًا إلى أنه لابد من إطلاق مصطلح القوة الخلاقة عليها.
وتابع "الشرقاوى"، أن المصطلح الحقيقى لكلمة الموهبة هو القوة الداخلية للممثل وهى فى الحقيقة 3 قوى، الذكاء والإرادة والحاسة العاطفية، وتلك القوى تمثل فى مجموعها القوى الداخلية التى تمثل الموهبة وهى متواجدة لدى كل إنسان وكل شخص يستطيع تنميتها للنجاح والابتكار فى مجاله.
وأكد جلال الشرقاوى، أن تكريمه فى مهرجان المسرح العربى بمثابة جائزة حصل عليها عن مسيرة حياته الفنية لمدة 50 عاما، متقدما بالشكر للقائمين على المهرجان.
ووصف المخرج الكبير جلال الشرقاوى، المسرح بـ"السياسة"، قائلاً: "لا يوجد مسرح سياسى بل إن المسرح هو السياسة فى كل ما يطرحه من قضايا، وأنا أزعم أنى أنشأت المسرح السياسى المباشر فى مصر، وبالتالى فى العالم العربى، فكان مسرحا مباشرا من حيث التعبير عن الشخصية والمكان بكل صراحة ومباشرة، مثل مسرحية "على الرصيف" و"دستور يا سيادنا".
وعلق الفنان والمخرج الكبير جلال الشرقاوى، خلال الندوة، اليوم الأربعاء، على تجربة "مسرح مصر"، قائلاً: "هذه جريمة فى حق مصر، فهو عبارة عن اسكتشات ولا يجب ربطها باسم مصر"، منتقداً ما يقدمه محمد رمضان من أفلام بقوله: "ما يقدمه من فن هو مسىء للمجتمع ونوع من أنواع الإرهاب وهو ممثل عادى ويجب أن يوظف موهبته لخدمة المجتمع بعيدًا على العظة المباشرة، مؤكدا أنه ليس خريج المعهد العالى للتمثيل ولكنه التحق به لاحقا".
واستعرض "الشرقاوى"، دور الرقابة على الأعمال المسرحية والسينمائية خلال السنوات السابقة، قائلاً: "فى عهد جمال عبد الناصر تم نشر القمع بعد 1967 وبعدها بقليل، حيث تم منع مسرحية "انت اللى قتلت الوحش" وتمت إحالتى أنا شخصيا للتأديب لأول مرة فى حياتى لمسرحية "عمرو وخالد" قبل عرضها، أمام فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات فلم أجد أية مشكلات معه، وعهد حسنى مبارك كان مأساة، فمسرحى شمع بالشمع الأحمر 3 مرات وحاصرته سيارات الأمن المركزى مرتين، وحول عصر الإخوان قال: "اعتبره كأنه لم يكن".
وعن العصر الحالى فى عهد الرئيس السيسى قال: لم أشهد حتى هذه اللحظة أى رقابة ومنع من المصنفات الفنية فى عهد السيسى ولكنى وجدت العكس ؛ أجازت الرقابة جملتين فى مسرحية والفرقة رفضتها، قائلا: "ما نشهده حاليا عكس من رأيناها فى كل العصور السابقة الرقابة تسمح والفرقة ترفض "، مطالبا بمنع كافة أنواع الرقابة، سواء الرقابة الفنية والدينية أو السياسية.
وحول رأيه فى الفنانين الشباب من العصر الحالى، قال: لا أجد مخرجا مسرحيا لافتا للنظر ولكنى أرى جيلا جيدا من الشباب الممثلين مثل أحمد السقا وأحمد حلمى وهانى رمزى ومحمد سعد ممثل جيد جدا ولكنه إذا استمر على شخصية اللمبى سوف يفشل ولابد من التغيير.
وقالت الفنانة الدكتورة سميرة محسن، إنها تتلمذت على يد الاستاذ جلال الشرقاوى، مضيفة: خلال تصوير فيلم شىء من الخوف كنت أبكى لتأخرى عن محاضرته بعد أن رفض دخولى بسبب التأخير.
وتابعت أنه كان ينمى ذاكرة الحفظ لدى الممثل، كما أنه علمها احترام المهنة، وتناولت جوانب إنسانية للفنان جلال الشرقاوى قائلة: كان المعلم الذى يعرف كيف يقسو ويحنو على الطالب لمصلحته ".
وأضافت: "الشرقاوى لم يبخل على بأى معلومة ومنحنى ثقة كبيرة كانت ومازالت علاقتى به قوية جدا وتعلمت منه الكثير"، فهو فنان شامل أخرج وأنتج ومثل وكان مثل أعلى لى وسرت على خطواته فى مشوارى الفنى، مؤكدة أن الفن قيمة كبيرة يحتاج إلى جهد وثقة وتعلم مستمر.
فيما تحدث المخرج الشاب مازن الغرباوى، رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى عن سعادته بتقديمه شهادته عن قامة وقيمة كبيرة كالفنان جلال الشرقاوى، مؤكدا أنه مهما تحدث عنه لن يستطيع أن يوفيه حقه.
وأضاف "الغرباوى": "كنت من الطلاب المحظوظين الذين نالوا شرف التعلم على يد جلال الشرقاوى، بجانب عملى تحت يده فى مسرح الفن، فتعلمت منه كيفية العمل تحت ضغط بنفس الكفاءة التى يتطلبها سوق العمل، كما تعلمت منه الالتزام وإتقان العمل، أيضا كنت أكثر زملائى حظا عندما شاركت معه فى مسرحية "تاجر البندقية" التى كانت أول إنتاج لفرقة شباب مسرح الفن، كما منحنى دور البطولة فى مسرحية "دنيا أراجوزات" التى مرت بعدة منحنيات ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير وما بعدها".
جاء ذلك خلال ندوة تكريم المخرج د. جلال الشرقاوى حامل اسم الدورة الأولى من مهرجان الإسكندرية المسرحى العربى للمعاهد والكليات المتخصصة، المستمرة فعالياته حتى الثامن من ديسمبر الجاري، وأدار الندوة د. مدحت الكاشف، ويحاوره على المنصة الفنانة د. سميرة محسن والمخرج مازن الغرباوي.
الجدير بالذكر أن مهرجان الإسكندرية المسرحى العربى للمعاهد والكليات المتخصصة يقام تحت رعاية د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، وبدعم من الهيئة العربية للمسرح، وأسسه د. أشرف زكى رئيس أكاديمية الفنون، ويرأس تلك الدورة د. علاء عبد العزيز سليمان.