رغم التدابير الحاسمة التى تسنها الحكومة الفرنسية والعديد من الخطط المكافحة والقوانين الرادعة، لمعادة اليهود فى البلاد، إلا أنهم يواجهون حوادث عنصرية عديدة كان آخرها تشويه مقابرهم بعبارات استفزازية وعنصرية يوم الأربعاء، كما تم تسجيل 541 عملا معاديا لليهود فى عام 2018، بزيادة نسبتها 74% فى التهديدات والعنف ضد اليهود، وفقا لإحصائيات وزارة الداخلية.
وفى هذا الإطار دشنت السلطات الفرنسية "مكتب وطنى لمكافحة الكراهية" بعد حادث انتهاك حرمة مقبرة ويستهوفن اليهودية فى منطقة ألزاس (شرق فرنسا) وإثارة الخوف فى منطقة شهدت فى الأشهر الماضية سلسلة من الأعمال المماثلة.
فمن جانبه قال وزير الداخلية الفرنسى كريستوف كاستانير، على هامش زيارة للمقبرة أن "الكراهية موجودة على أراضى وطننا. ولقد انتهكت حرمة الجمهورية بأسرها من خلال هذا الحدث".
ووفقاً لقناة فرانس 24 الفرنسية، قال كاستانير مستنكراً الواقعة فى مقابلة خلال وجوده بمنطقة المقابر، انه من المقرر أن يتم تكليف المكتب الجديد الذى سينشأ لمكافحة الكراهية على وجه التحديد بتنسيق التحقيق فى حادثة وستهوفين و"جميع التحقيقات فى الأعمال التى تنم عن كراهية لليهود والمسلمين والمسيحيين".
ومن جانبه ندد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بالحادث الذى أعتبره إهانة لكل الفرنسيين، مدينا حوادث الكراهية والعنصرية الموجهة ضد اليهود فى فرنسا.
وتعهد ماكرون، بحماية اليهود فى بلاده، سواء كانوا "أحياءً أو أمواتا"، وقال عبر حسابه على تويتر، أن اليهود "جزء لا يتجزأ من فرنسا، ومن يعتدى عليهم حتى وإن كانوا موتى فى قبورهم، لا يدرك جيدا تلك الفكرة التى نتبناها".
وأضاف: "معاداة السامية جريمة نحاربها، سواء فى ويستهوفن أو فى أى مكان آخر، حتى يستطيع موتانا أن يرقدوا فى سلام".
وتعرضت العديد من المقابر الخاصة باليهود فى فرنسا لتشويه برسومات وشعارات معادية لـ"السامية" لتكون الحادثة الثانية فى أقل من 24 ساعة.
ووفقاً لوسائل الإعلام الفرنسية ، فأكثر من 100 مقبرة شرق فرنسا تم تشويهها، وكانت من بين الرسومات على الجدران "الصليب المعقوف" وعبارات تتوعدهم، وأخرى غير مرحبة بوحودهم
وتعرض أكثر من 100 قبر يهودى للتخريب الثلاثاء فى شرق فرنسا حيث رسم عليها الصليب المعقوف وكتبت عبارات معادية للسامية، بحسب مسؤولين، بعد ساعات من عملية تخريب مماثلة فى قرية مجاورة.
ومن جانبه قال مسؤول الطائفة اليهودية فى منطقة باس-رين، موريس داهان، لوسائل الإعلام "إنها صدمة" مضيفا أن غالبية القبور غطيت برسوم الصليب المعقوف الذى كان شعارا للنازية.
ويشار إلى أن هناك دراسة أجراها الاتحاد الأوروبى فى يوليو الماضى ،أثبتت أن الشبان اليهود الأوروبيين يواجهون تصرفات معادية للسامية أكثر من آبائهم مع زيادة التعرض لإساءات عبر البريد الإلكترونى والرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعى.
وأشارت الدراسة ذاتها التى أجرتها وكالة الاتحاد الأوروبى للحقوق الأساسية إلى أن ما يقرب من 44% من المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و34 عاما قالوا إنهم عانوا من المضايقات وهو ما يشكل أكثر من ضعف النسبة بين من تفوق أعمارهم الستين عاما.
وقال أكثر من 80% من اليهود من كل الأعمار إنهم شعروا بتزايد السلوكيات المعادية للسامية عبر الإنترنت على مدى الأعوام الخمسة الماضية وقال نحو 70% إنهم واجهوا مزيدا من التصرفات العدوانية فى الأماكن العامة.
ورصدت دراسات مسحية أخرى تزايدا فى هجمات مرتبطة بمعاداة السامية فى الغرب وأرجعت سببها إلى صعود حركات اليمين المتطرف واليسار المتطرف والاتجاهات الشعبوية.
من ناحية أخرى، تراجعت الحوادث المعادية للمسلمين إلى أدنى مستوى منذ عام 2010 مع تسجيل مئة حادث، مثلما تراجعت الأعمال ذات الطبيعة العنصرية وتلك التى تنم عن كراهية للأجانب، باستثناء الأعمال المعادية للمسلمين واليهود، بأكثر من 4% بعدما قاربت 15% فى عام 2017).