نعرف جميعا أغنية الموسيقار الكبير سيد مكاوى "الأرض بتتكلم عربى" والتى تحولت إلى "أيقونة" فى الحوارات والكتابة والنقاش، لكنها ليست المرة الأولى التى يربط الناس بين "الوجود" واللغة العربية التى هى لغة القرآن الكريم، والتى قدر لها أن تحفظ إلى أبد الآبدين بسبب ارتباطها بهذا النص المقدس، وقديما ذهب العلماء إلى أن "اللغة العربية هى لغة أهل الجنة أيضا" فمن قائل هذه العبارة، وهل هذا الأمر حقيقة؟
الذين ذهبوا إلى أن اللغة العربية هى لغة أهل الجنة منطقهم فى ذلك أنهم يتكلمون باللغة العربية التى هى لغة القرآن الكريم التى شرفها الله، وبسبب أنّ هذه الأمّة هى الأمّة صاحبة الرّسالة الخاتمة فهى غالبة على الأمم حتّى بلغتها، ويستند أصحاب هذا القول على حديث لم يصحّ عن النّبى عليه الصّلاة والسّلام ورواه الطّبرانى فى مسنده (أحبوا العرب لثلاثة، لأنّى النّبى العربى، وأنّ القرآن عربى، ولسان أهل الجنّة عربى).
ومن العلماء من قال إنّ لغة أهل الجنّة هى اللّغة العربيّة، ولغة أهل النّار هى اللّغة الفارسيّة.
وهذا الحديث حكم عليه ابن الجوزى بالوضع، وقال الذهبى: أظن الحديث موضوعا، وقال الألبانى فى السلسة الضعيفة (رقم 160): موضوع.
وقال عنه ابن تيمية رحمه الله "وكذلك روى أبو جعفر محمد بن عبد الله الحافظ الكوفى المعروف بمطين حدثنا العلاء بن عمرو الحنفى حدثنا يحيى بن زيد الأشعرى حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب العرب لثلاث: لأنه عربى، والقرآن عربى، ولسان أهل الجنة عربى) قال الحافظ السلفى: هذا حديث حسن.
وقال الثعلبى: لا أصل له، وقال ابن حبان: يحيى بن زيد يروى المقلوبات عن الإثبات، فبطل الاحتجاج به، والله أعلم.
وروى الطبرانى فى الأوسط عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا عربى، والقرآن عربى، ولسان أهل الجنة عربى ).
قال الألبانى فى السلسلة الضعيفة رقم 161 : موضوع.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بماذا يخاطب الناس يوم البعث؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب؟ وهل صح أن لسان أهل النار الفارسية وأن لسان أهل الجنة العربية؟
فأجاب: "الحمد لله رب العالمين لا يُعلم بأى لغة يتكلم الناس يومئذ، ولا بأى لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا ؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدى، ولا نعلم نزاعا فى ذلك بين الصحابة رضى الله عنهم، بل كلهم يكفون عن ذلك لأن الكلام فى مثل هذا من فضول القول ... ولكن حدث فى ذلك خلاف بين المتأخرين، فقال ناس: يتخاطبون بالعربية، وقال آخرون: إلا أهل النار فإنهم يجيبون بالفارسية، وهى لغتهم فى النار. وقال آخرون : يتخاطبون بالسريانية لأنها لغة آدم وعنها تفرعت اللغات. وقال آخرون : إلا أهل الجنة فإنهم يتكلمون بالعربية. وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها لا من طريق عقلٍ ولا نقل بل هى دعاوى عارية عن الأدلة والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/299).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة