أقيم ضمن محور الكتب المؤسسة للثقافة العربية، اليوم الجمعة، مناقشة كتاب "الاستشراق" للبروفيسور الراحل إدوارد سعيد، بالقاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وناقش الكتاب، الدكتور مصطفى رياض، والدكتور عادل ضرغام، وأدار المناقشة الدكتور سيد ضيف الله.
ويتناول إدوارد سعيد فى كتابه موضوع الاستشراق وخلفياته وكيف استطاعت الثقافة الغربية من خلاله أن تتدبر الشرق وحتى أن تنتجه سياسيًا واجتماعيًا وعسكريًا وعقائديًا وعلميًا. ومن جهة أخرى يتحدث إدوارد سعيد فى كتابه هذا عن الاستشراق الذى احتل مركز السيادة بحيث فرض قيوده على الفكر الشرقى وحتى على من يكتبون عن الشرق.
وغاية حديثه هذا هو الوصول الى كيفية حدوث كل ذلك ليكشف عنه وليظهر أن الثقافة الغربية اكتسبت المزيد من القوة والهوية بوضع نفسها موضع التضاد مع الشرق باعتباره ذاتاً بديلة.
وفى تقديمه للندوة، قال الدكتور سيد ضيف الله، إن الكتاب لم يكن مؤثرا فى الثقافة الغربية وحدها وإنما كان له تأثيرًا كبيرًا على الثقافة العربية ليس فى المجال الأكاديمى وحده وإنما فى الواقع الثقافى بشأن عام، وهذا الكتاب واحد من أهم الكتب المؤسسة فى تشكيل العقلية النقدية فى العالم العربي.
ورأى "ضيف الله" أن هذا الكتاب وصمة عار، فهناك أجيال أصبحت تشعر بعد هذا الكتاب بأن على جبينها وصمة عار بسبب صفة المستشرق، مشيرًا إلى أن هذا النفور من كلمة المستشرق، تأتى على خلفية ربط المستشرق بالاستعمار والإمبريالية.
واعتبر أن ما طرحه إدوارد سعيد تم توظيفة بأشكال مختلفة، والمفارقة أن الفرقاء اتفقوا، والخصوم السياسين اتفقوا على أن إدوارد سعيد هو ابن شرعى للمختلفين والمتفقين لكليهما، فقدم لهم الذخيرة النقدية التى يسعون إليها.
فيما قال الدكتور مصطفى رياض إن إدوارد سعيد يقدم عمله من منظور النزعة الإنسانية، ويعود إلى عصر النهضة الأوروبية، وكتاب "الاستشراق" كان صدمة للمجتمع الأكاديمى الأمريكى، وكان يخرج عن العرف المألوف، إذ غرد إدوارد سعيد خارج السرب وقدم لنا من الآداب الإنجليزية ما يثبت وجهة نظره، فقدم لنا مفهوما نظريا كان هذا صادم للمجتمع الأمريكى، وأثار حوله ضجة كبيرة فى ذاك الوقت.
والكتاب يصف ثنائية الشرق والغرب، من خلال الأعمال التى تنتمى إلى العلوم الإنسانية استطاع أن يرصد وجود مثل هذه الثنائية وحدد لها نقطة البداية وبدايات عصر الاستعمار وخصوصا العصر الإنجليزى والفرنسى، فرسم ثنائية تفصل بين شرق وغرب، وقدم هذه الثنائية بمنهج وصفى واستخدم فيه مناهج النقد فى ذلك الوقت.
وأكد رياض أن الكتاب ليس كتابًا سياسيًا وإن كان له أصداء سياسية، فى رصد ما كتبه الغربيون عن الشرق منذ عهد الاستعمار وهو يعلم جيدًا أن العالم كان أقرب للتقارب بين أجزائه لكن الاستعمار ما قام به من أعمال سياسية وعسكرية، قام بتدمير مفاهيم وصور عن الشرق نتيجة عن اسكات صوت الشرقى، والكتاب يتتبع من خلال قراءات سعيد تلك الصورة النمطية.
ورأى رياض أن رؤية إدوارد سعيد عن الاستشراق لم يبدأها فى كتابه هذا فقط وإنما هناك كتاب آخر وهو "الثقافة والإمبريالية"، تكمن أهمية هذا الكتاب فى أنه يستكمل الصورة، فالاستشراق يقدم الثنائية وصفية ولكن يلى ذلك فى "الثقافة والامبرالية"، نجد إدوارد سعيد يحاول ان يرأب الصدع ويسد الفجوة التى احدثتها تلك الثنائية، فاهم فصل فى الكتاب الثانى فصل "التداخل تاريخيا وجغرافيا"، وهبا التداخل فى راى سعيد ونقاد الاخرين يرأب هذا الصدع بين تلك الثنائية.
وأضاف رياض: "أشار سعيد فى الاستشراق إلى مسألة مهمة تتصل بالوسط الأكاديمى الأمريكى، فيقول سعيد فيما معناه أن المؤسسة الأمريكية لا تبذل جهدا فى البحث فيما بين النظام الفوقى والقاعدى، بل يقول فى بعض الأحيان أن الحديث فى هذا المجال ممنوع إذن هناك مجال خصب للبحث يجمع بين طرفى تلك الثنائية حتى نستطيع أن نتقدم إلى الأمام، فلا يفيد البكاء على اللبن المسكوب".
وتحدث عن إدوارد سعيد وطه حسين وقال "كتاب (مستقبل الثقافة فى مصر) لطه حسين، يلفت النظر ويصدم القارئ حين يقرأ ما يقوله طه حسين إن العقل المصرى ليس شرقيا أو هو اقرب لحضارة اليونان، ويبدو أن طه حسين أراد ان يلحقنا بالغرب كى لا نظل فى خانة الشرق المستبد، فى حين أن أدوارد سعيد أراد أن يفتت هذه الفجوة بين الشرق والغرب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة