ها قد جاءت، اليوم، إلينا الفرصة كاملة لنتعرف على أفريقيا وأهميتها لنا، وأن نلقى نظرة قريبة على الأجيال الجديدة التى تحكم أفريقيا الآن، فقد تم اختيار مصر رئيسا للاتحاد الأفريقى 2019.
لذا سوف أبدأ من لوم أنفسنا على الماضى الذى عزلنا أنفسنا بعيدا عن أفريقيا، الأمر هنا ليس مقصورًا على مستوى المسؤولين والسياسيين ورجال الأعمال، لكنه يمتد للأخطر والأهم وهو المستوى الثقافى، فعلى الرغم من كون مثقفى مصر يعرفون معظم أدباء أوروبا وأمريكا، لكنهم يكادون يجهلون كل شىء عن كتاب أفريقيا سوى الذين يحققون شهرة عالمية، بل ونتعرف عليهم من ثقافات أخرى، فالصومالى نور الدين فرح الذى يكتب بالإنجليزية لا نعرفه إلا لكون اسمه دائم الحضور فى ترشيحات جائزة نوبل، كذلك لا نعرف الكاتب الكبير الموزمبيقى ميا كوتو وغيرهما الكثير من المبدعين الأفارقة، ومن جانب آخر هل نستمع للموسيقى الأفريقية ونعرف تطورها وأهم رجالها، وهل نقيم لهم المهرجانات كما نفعل مع الموسيقى الغربية؟
المعروف أن أفريقيا تملك حضارة إنسانية عريقة قائمة على المعرفة والتنوع الثقافى، لذا بدلًا من اتهامهم بالجحود ننتبه جيدا للخطوات التى قمنا بها نحن تجاههم، بالتأكيد سنجدها قليلة جدا لا ترقى لمكانة مصر ولا لمكانة أفريقيا، والحل يكمن فى أن تقوم ثلاث مؤسسات مصرية بمراجعة نفسها وخرائطها والبحث عن سبل لصناعة العمق الأفريقى داخل الثقافة المصرية والعكس، هذه المؤسسات هى وزارة السياحة ووزارة الثقافة ووزارة التعليم.
أما فيما يتعلق بوزارة الثقافة، فلماذا لا يصبح هناك محور سنوى دائم يتعلق بالثقافة الأفريقية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، على أن يشمل هذا المحور ندوات وحفلات ويستضيف كتابا كبارا يقدمهم لنا ويعرفنا بهم ويعرض لأحدث الترجمات، ويبحث عن الهم المشترك فى الثقافة الأفريقية، على أن تشمل الندوات الشعر والرواية والمسرح والموسيقى الأفريقية، ويجب أن يكون هذا المحور دائمًا لا يرتبط بالبرنامج العام للمعرض الذى يتغير كل سنة حسب المحور العام.
كذلك على المركز القومى للترجمة أن يصنع محورًا مماثلًا لترجمة الكتابات الأفريقية، وألا تكون الترجمة مقصورة على الشخصيات الشهيرة، فهناك كتاب كثر بحاجة إلى معرفتهم ومعرفة إبداعهم، كذلك على «قطاع العلاقات الثقافية الخارجية» الاتجاه جنوبًا ناحية أفريقيا لإظهار وجه مصر الحضارى فى قلب كل أفريقى، وحتى يشعر الأفارقة بأننا شعب واحد مستهدف من عدو واحد هو الإمبريالية الغربية.
الثقافة وحدها القادرة على تحريك الحجر الجاثم على قلب العلاقات المصرية الأفريقية، وفتح منافذ متعددة من الرؤية، بما يجعل الطريق متاحًا لصناعة مستقبل واحد للقارة السمراء فى نهايته نصبح جميعًا على قلب رجل واحد.