ونحن نتحدث عن أفريقيا وعلاقتنا بالقارة وبعدنا الاستراتيجى وكيفية بناء علاقات دائمة سياسية واقتصادية، طبيعى أن نحاول معرفة ما نتحدث عنه، وما نسعى إليه لأننا بصدد قارة مترامية الأطراف ثرية ومتنوعة جغرافيًا وإنسانيًا، تضم أعراقًا ولغات وطوائف متعددة، علينا ونحن نفكر فى العودة لأفريقيا، واستعادة القارة، أن نعرف عنها الكثير. وربما علينا أن نعترف بأننا لانعرف الكثير عن دول أفريقيا وأننا انقطعنا عقودًا عن قارة نشاركها الكثير. والاعتراف هو أولى خطوات المعرفة.
وقد أشرت لذلك قبل شهور عندما قادنى حسن الحظ لرحلة إلى جمهورية غانا، هناك اكتشفت أننى لا أعرف الكثير عن غانا ولا أفريقيا وأن معرفتنا أقل مما ينبغى، وما يتناسب مع سعينا إلى هذا العالم. وربما يكون من أهم خطوات الاتحاد الأفريقى أن يتيح المعلومات حول دول القارة بالتفضيل ويتيح للشعوب الأفريقية أن تتبادل الزيارات حتى لو كانت السياحة الأفريقية أحد بنود العمل فى المرحلة المقبلة. لأنه حتى المعلومات المتاحة على شبكات التواصل ومحركات البحث عن أفريقيا أقل كثيرًا مما تستحق القارة، وأتذكر أننا فى مصر خلال الخمسينيات والستينيات كانت هناك سلاسل كتب ومطبوعات عن كل دول أفريقيا وكانت سلسلة الدراسات الأفريقية مهمة فى هذا الإطار، ربما تحتاج هذه الكتب إلى تحديث، وهناك تطورات تكنولوجية تتيح إنشاء مواقع تقدم معلومات حقيقية عن أفريقيا ومميزات وصفات كل بلد وتقاليدها الاجتماعية وتوزيعها السكانى. وما تتميز كل بلد أفريقى بإنتاجه وما تحتاج إليه.
الدول الأفريقية غنية بالموارد والفرص، لديها ثروات هائلة زراعية وتعدينية وأراض بكر تفتح بابها للاستثمار وبعضها يحتاج إلى خبرات هندسية أو زراعية، أو أياد عاملة مدربة، وبعضها لديه أياد عاملة ويحتاج إلى تدريب أو مشورات فنية. كل هذا يفترض أن يكون معروضًا بشكل مفصل بدعم من الاتحاد الأفريقى، وحتى من باب المصالح المشتركة، فإن المعلومات مهمة لكل الأطراف، فى عصر تشكل المصالح هدفًا مهمًا وأساسيًا.
عندما كنت فى غانا نوفمبر الماضى، اكتشفت أننا لا نعرف الكثير عن هذا البلد الذى ارتبطنا به تاريخيًا وروحيًا، ويفترض أن تكون أكثر تواجدًا ليس من باب المصلحة فقط، لكن من باب التعاون والمصير المشترك، ولهذا أشرت إلى أهمية توفير خرائط للمعلومات حول أفريقيا التى لا نعرف عنها الكثير. ونفس الأمر ينطبق على دول أفريقيا المختلفة، وهناك بالفعل تواجد وتنافس بين الاستثمارات الدولية فى أفريقيا ومن دول بعيدة عن هذا الواقع.
لقد تطور الاتحاد الأفريقى كثيرًا خلال العقود الماضية، وانتقل من منظمة الوحدة الأفريقية إلى اتحاد 2002، وعليه تقع الكثير من الأعباء فى ظل تحديات تواجه القارة، منها مساندة الدول التى تواجه صراعات داخلية على التوصل إلى حلول تمهد للاستقرار، ومساندة الفقراء فى بعض الأقاليم وكلها عناصر مهمة فى مواجهة التطرف والهجرة غير الشرعية. والتجارة والتكامل الاقتصادى وتوطين التكنولوجيا.
ويبدو لافتًا أن تكون لدينا كل هذه التحركات حول أفريقيا، ولا توجد بوابات معلوماتية تتبع الاتحاد الأفريقى أو قناة واحدة تليفزيونية تخاطب شعوب القارة وتعرض وتنشر ثقافاتهم وفنونهم وعالمهم، وتخاطب جمهورًا يحتاج إلى التعارف وإلى التفاعل. وتفتح أبواب التعاون والتفاعل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى وهى خطوات ليست صعبة فى ظل التطور التكنولوجى الحادث. كل هذا يمكن للاتحاد أن يوفره بإمكانات مشتركة من دول القارة.