محطات تاريخية، ومفترق طرق شهدته ولاية ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا السابق، خلال توليه منصبه، فذلك السياسى الذى اتسم بالهدوء فى الكثير من الأحيان، يحمله البعض مسئولية دخول بريطانيا فى النفق المظلم بعد بريكست، فيما يراه البعض الآخر ضحية لموجة من الفوضى، التى كانت أكبر كثيراً من يتحملها مع أفراد حكومته وحزب المحافظين، بعد استفتاء بريكست الذى كانت نتائجه حينها مخيبة للآمال.
وبعد سنوات من مغادرة ديفيد كاميرون الحياة السياسية، وبعد الأزمات المتتالية التى دخلها مشروع خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبى على يد رئيسة الوزراء الحالية تريزا ماى، حاول "كاميرون" الاختفاء عن الأنظار قدر المستطاع، إلا أن عدسات وسائل الإعلام استطاعت أن تلاحقه فى الأشهر القليلة الماضية لتسلط الضوء على صاحب الإنذار الأول من فوضى الخروج من وجهة نظر البعض، والمسئول عن تلك الفوضى من وجهة نظر البعض الآخر.
الظهور الأخير لـ"كاميرون" رصدته صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية على لسان الكاتبة جابى هنسليف، والتى قالت إن الرجل الذى دمر بريطانيا ـ على حد وصفها ـ شوهد نهاية يناير الماضى فى الهند يقضى أجازة تحت أشعة الشمس الساحرة، حرص على هامشها على إلقاء محاضرة فى العلوم السياسية فى تشيناى، تكريماً لرجل الأعمال الهندى كيه اس ناريانان.
وشنت الكاتبة البريطانية هجوماً لاذعاً على كاميرون، وحملته مسئولية فوضى بريكست، متسائلة: "هل رأى أحد ديفيد كاميرون؟ هل رأه أحد بعد كل الفوضى التى غرقنا فيها؟".
السؤال الذى طرحته "هنسليف" رغم صعوبته، إلا أن اقتفاء آثر "كاميرون" ليس بالأمر المستحيل، فبخلاف رحلة الهند ومحاضرته الأخيرة، كشفت تقارير إعلامية بريطانية أن "كاميرون" رئيس الوزراء السابق، يعانى فوضى شخصية مماثلة لا تقل عن فوضى بريكست، حيث أن صفحة زوجته سامانثا على انستجرام امتلأت بالانتقادات لزوجها، ما يعكس أن الأمر بينهما ليس على ما يرام.
وفيما اختار وزير المالية فى حكومته جورج أوزبورن العمل فى الصحافة وتولى رئاسة تحرير صحيفة "إيفنينج ستاندارد" اليومية الرئيسية بالعاصمة لندن، وفيما يعمل نيك كليج، نائب رئيس الوزراء السابق فى كاليفورنيا مع "فيس بوك"، يحلم "كاميرون" بحسب تقرير سابق للتليجراف بالعمل وزيراً للخارجية فى أى حكومة جديدة.
الرغبة فى العودة للأضواء عبر وزارة الخارجية، نفتها صحيفة "أوبزرفر" ونقلت عن أحد المقربين من كاميرون قوله أنه "فى حالة مزاجية فلسفية وحالة بحث ذاتى"، مؤكدا أن الوقت ليس سهلا بالنسبة له، فهو يعيد التفكير في جدوى وقته، وفى جميع القرارات التي اتخذها.
وأضافت الصحيفة أنه بالنظر إلى أوزبورن وكليج وغيرهم، نجد أن جميعهم يحققون أداء جيدا، بينما لم يتمكن "كاميرون" فى البدء فى حياة جديدة له حتى الآن.
ويبدأ "كاميرون" يومه بممارسة رياضة الجرى، وبعد ذلك ينتهى من اجتماعاته - فهو رئيس مؤسسة "الزهايمر" للأبحاث في المملكة المتحدة، ويعمل يومين أو ثلاثة أيام في الشهر لشركة First Data Corporation الأمريكية، كما يعمل فى لجنة أكاديمية خاصة بالدول الضعيفة – وبين الحين والآخر يذهب لتناول الغداء فى نادى شخص ما.
وأضافت الصحيفة نفسها أن "كاميرون" غالبًا ما يقضى عطلة نهاية الأسبوع، إما فى ملاذه الجديد فى كورنوال أو فى دائرته الانتخابية فى أوكسفوردشاير، حيث قام ببناء كوخ هناك لإنهاء مذكراته. ومع ذلك يفتقر كاميرون إلى الهدف. فحتى صندوق الاستثمار بين المملكة المتحدة والصين الذى يديره، يبدو غير ناجحا مع تباطؤ النمو الصيني وحذر الشركات الصينية التي تستخدم لأغراض سياسية.
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن كتابة كاميرون لمذكراته أجبرته على التخلص من أثر قرارات مؤلمة، فرغم التوقعات بأنه سيستخدم كتابه فى تسوية حسابات مع أصدقاء سابقين مثل مايكل جوف، فإن المقربين منه يعتقدون أنه سيكون تأملى.
ويقول أحد المساعدين السابقين: "أعلم أنه سيكون فخوراً للغاية بما تمكن من تحقيقه ، وأعتقد أنه سيعرض قضيته ، لكن لا يملك المرء إلا ان يتساءل "ماذا لو فعلت ذلك بشكل مختلف؟."
بالنسبة للبعض – تضيف الصحيفة - سيظل كاميرون دائماً الرجل الذي دمر بلاده في محاولة خرقاء لإنقاذ حزبه، ففي أسوأ الأحوال ، لا يمكن لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن يضرب الاقتصاد فحسب، بل يمكن أن يدمر الاتحاد –فهو يعطى اسكتلندا أسبابًا جديدة للسعي إلى الاستقلال ، كما يدفع الناخبين الأيرلنديين الشماليين نحو الوحدة مع الجنوب - ونظام الأحزاب السياسية، فضلا عن أن الناخبين سيعاقبون كلا من حزب العمل وحزب المحافظين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة