فى 12 فبراير 1949 تم اغتيال حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، وظلت الحكومة والقصر هما المتهمان الأساسيان فى هذه القضية.. لكن ما العلاقة حقا بين القصر ومؤسس الجماعة؟
يقول الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فى كتابه المهم (صفحات مجهولة) "عاودت اتصالى بالمرحوم حسن البنا، وأنا هارب من المعتقل.. وتبسط مع حسن البنا بصورة لم تسبق له من قبل.. فرغم كل الصلات التى قامت بينى وبيه كنت أشعر دائما أنه يقول شيئا ويخفى فى نفسه أشياء.
لكنه فى تلك المرة، تبسط كثيرا وشرح كثيرا، وأفاض كثيرا ثم.. ثم كلفنى بأمر!
شرح لى حسن البنا متاعبه التى تأتيه من ناحيتين:
ناحية الملك.. وناحية الأجانب..
وقال لى إن الملك قد بدأ يشعر شعورا قويا بخطورة دعوة الإخوان، لما كان يسمعه من أن دعوتهم تقوم على أن يكون الملك بالمبايعة لا بالوراثة وقال لى إن الملك يدبر أمره ليبطش بهذه الحركة، وأنه يخشى أن يضرب الملك ضربته والحركة لم تبلغ بعد أوج قوتها.
يقول السادات فى الكتاب "كانت هذه أول مرة يفصح فيها حسن البنا عن شعوره بعدم وصول دعوته إلى ذروة القوة والمناعة.. فقد كان دائما يعطى سامعه صوره للجماعة، أشبه بصورة العملاق الذي لا يقهر ولا يخشى عليه..
ويتابع السادات "واستمعت إليه منصتا ومناقشا، ثم رأيته يطرق فجأة يستجمع كلمات معينة، يريد أن يبدأ بها حديثا جديدا.
وبدأ حديثه الجديد: قال لى إنه يريد أن يضع حدا لهذه المتاعب، وأنه يعتقد أن الأجانب يمكن أن يطمئنوا إلى الدعوة، لو اطمأن إليها الملك.
ونظر فى عينى طويلا وهو يقول:
أنا أستطيع أن أكسب طمأنينية الملك، لو تقابلت معه، وكان وجهه ينبئ فعلا عن الثقة الكبيرة التى تملأ نفسه بقدرته عل كسب طمأنينة الملك.
وظهرت هذه الثقة أكثر وأكثر، وهو يصف لى كيف يستطيع أن يزيل من نفسه جميع الأوهام والشكوك لو تيسرت له مقابلته مرة واحدة.
ثم أوضح لى أنه لا يريد مع الملك سياسة وفاق وتعاون.. ولكنه يريد أن يشيع جوا من الطمأنينة فى نفس الملك، يجنب به سفينة الإخوان أية عقبات تعترض الطريق.
ويتابع السادات أن حسن البنا قصد إلى هدفه مباشرة، وقال: أنت تعرف يوسف رشاد..
قلت له: نعم أعرفه، وبينى وبينه صداقة كبيرة ومودة.
فقال: ويوسف اليوم ذو حظوة، فلو استطعت أن تشرح له هدفي.. وأن تفهمه أنى لست خطرا على الملك، ولا أريد أن أكون خطرا، لأمكنه إقناع الملك بمقابلتى.
وأجبته أنا: أحاول
المهم أنه بعد محاولات كثيرة ذكرها كتاب "صفحات مجهولة" وافق الملك ليوسف رشاد أن يجلس مع حسن البنا ويعود إليه، ولما عاد يوسف رشاد للملك وقال له لا تخشى "الإخوان" قال له فاروق "حسن البنا ضحك عليك".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة