ما بعد زيارة البابا فرنسيس للإمارات.. وثيقة الإخوة الإنسانية امتداد للمجمع الفاتيكانى الثانى الذى غَير علاقة الكنيسة بالمسلمين.. القصر الرسولى اختار "لؤلؤة الخليج" لسجلها المشرف فى مجال التنوع والحريات الدينية

الثلاثاء، 12 فبراير 2019 01:00 ص
ما بعد زيارة البابا فرنسيس للإمارات.. وثيقة الإخوة الإنسانية امتداد للمجمع الفاتيكانى الثانى الذى غَير علاقة الكنيسة بالمسلمين.. القصر الرسولى اختار "لؤلؤة الخليج" لسجلها المشرف فى مجال التنوع والحريات الدينية قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان
تحليل تكتبه: سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تكن زيارة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس للإمارات مجرد زيارة رعوية على جدول بابا الكنيسة الأكبر فى العالم، بل حملت تلك الزيارة عدة دلالات يمكن قراءتها عبر مستويات متعددة بداية من اختيار القصر الرسولى للإمارات كأول محطة يقف فيها القطار الباباوى فى منطقة الخليج العربى التى عرف عنها عدم الترحيب بالوجود المسيحى فى السنوات الماضية إلا أن هذا الأمر قد تغير تمامًا.

 

لماذا اختار البابا فرنسيس الإمارات فى أول زيارة خليجية؟

 

 وإن كان التغيير قد بدأه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أول من سمح ببناء كنائس للعمالة الوافدة فى الخليج العربى ثم امتد الأمر ليشمل دولًا أخرى مثل البحرين التى عرفت بالتنوع الدينى باعتبارها جزيرة وكعادة أهل الجزر أكثر قبولا للأخر من غيرهم، واستمرت حركة بناء الكنائس فى الخليج حتى توقفت على أعتاب المملكة العربية السعودية التى غيرت سياساتها هى الأخرى فى هذا المطاف، وسمحت بإقامة أول قداس قبطى على أراضيها ترأسه الأنبا مرقس مطران الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بشبرا الخيمة، بالإضافة إلى استقبال وفد فاتيكانى منذ شهور من قبل ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان وقد جرى فى هذا اللقاء الحديث عن بناء الكنائس فى المملكة.

 

زيارة البابا فرنسيس واختياره للإمارات التى سمحت قبل عام من بناء معبد هندوسى على أراضيها وأطلقت وزارة للتسامح تعمل على ملف التنوع الديني، لم يأتى من فراغ بل كان نتيجة دراسة متأنية ووفود متبادلة بين دولة الفاتيكان ولؤلؤة الخليج حتى تم تتويج ذلك بالزيارة التى نتج عنها وثيقة الإخوة الإنسانية.

 

وثيقة الإخوة الإنسانية ووثائق المجمع الفاتيكانى الثانى.. مقاربات

 

وثيقة الإخوة الإنسانية التى وقع عليها بابا الفاتيكان وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر تعتبر لبنة إضافية فى مجال الحوار الفاتيكانى الإسلامى والذى انطلق مع المجمع الفاتيكانى الثانى فى الستينات من القرن المنصرم حيث قاده البابا يوحنا الثالث والعشرون فى الفترة من 1962 وحتى 1965 وهو المجمع الذى شهدت الكنيسة طفرة كبيرة على يديه.

 

 

حقق المجمع الفاتيكانى الثانى حقق ثورة فى تجديد الخطاب الدينى دفعت الكنائس الكاثوليكية إلى التخلى عن بعض الأفكار والتعاليم الخاطئة، مثل ما كان قبلها من معتقدات، كأن يرى الكاثوليك أنهم فقط من سيتمتعون بملكوت السماء ويدخلون الجنة بينما يذهب الباقون إلى الجحيم.

 

تشير المراجع إلى أن الإعلان عن هذا المجمع جاء على لسان البابا يوحنا الثالث والعشرين خلال خطبة ألقاها بتاريخ 25 يناير 1959 بعد تسعين يوماً من انتخابه للسدة البابوية حيث أعرب عن نيته دعوة أساقفة الكاثوليك فى العالم أجمع للحضور إلى الفاتيكان لعقد مجمع مسكونى جديد .

 

المجمع الفاتيكانى الثانى أزال التجاعيد من وجه الكنيسة

 

وبعكس المجامع السابقة لم تكن غاية المجمع الفاتيكانى الثانى تفنيد بدعة ما أو البت فى مسألة تأديبية معينة ولكن بحسب كلمة البابا الافتتاحية فقد كان الهدف من هذا المجمع "إزالة تجاعيد الهَرَم و الشيخوخة من وجه الكنيسة، وإعادة بهائها وشبابها إليها"، فكانت أهدافه المعلنة تجديد الكنيسة الكاثوليكية روحياً وتحديد موقفها من قضايا العالم المعاصر المختلفة بشكل عام يمكن تلخيص أهداف المجمع فى خمس نقاط وهى تطوير علاقات إيجابية للكنيسة الكاثوليكية مع العالم الحديث، و التخلى عن نظام الحروم القاسى أناثيما المستعمل فى المجامع السابقة، والتأكيد على حقوق الإنسان الأساسية بما يتعلق بالحرية الدينية، والتأكيد على أن الحقائق الأساسية تُعلم أيضاً فى ديانات ومذاهب غير الكاثوليكية، وإصلاح الروحانية الكاثوليكية والسلطة الكنسية.

 

اعتبر الخبراء أن هذا المجمع تحديدا علامة متميزة فى علاقة الكنيسة مع العالم الإسلامى والإسلام بشكل عام لأنه أول مجمع يحدد شكل هذه العلاقة على نحو إيجابى مجافٍ ومنافٍ للكثير من الخلافات والرؤى السابقة عبر عصور، حيث خرج عن هذا المجمع تصريح عن علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية، وجاء صدوره تلبية لرغبة البابا الداعى للمجمع، وعبر عنها الكاردينال بيا، رئيس سكرتارية الوحدة المسيحية، وهدف البابا من هذا التصريح أن يستأصل كل جذور الكراهية والحقد التى طالما تسببت فى الاضطهادات، وخاصة عندما تتخذ النصوص الدينية ذريعة لذلك

 

وقد حمل النص المتعلق بالدين الإسلامى دعوة تصالحية غير مسبوقة فى الخطاب المسيحى الغربى من قبل إذ يقول «ولئن كان عبر الزمان قد وقعت من المنازعات والعداوات بين المسيحيين والمسلمين، فإن المجمع يهيب بالجميع أن ينسوا الماضى، وأن يعملوا باجتهاد صادق سبيلا للتفاهم فيما بينهم، وأن يتماسكوا من أجل جميع الناس على حماية وتعزيز العدالة الاجتماعية والقيم الأدبية والسلام والحرية».

 

وثيقة الإخوة الإنسانية خطوة مفصلية فى مسيرة الحوار الإسلامى المسيحى

 

تماثل وثيقة الإخوة المجمع الفاتيكانى الثانى فى نتائج كثيرة إذ يرى الأب هانى باخوم متحدث الكنيسة الكاثوليكية بمصر أن وثيقـة الأخــوة الإنســانية خطوة مفصلية فى مسيرة الحوار الدينى الاسلامى المسيحى ونقطة انطلاق جديدة تاريخية، ستذكرها الأجيال القادمة من أجل السلام العالمى والعيش المشترك

وأكد باخوم أن هذه الوثيقة تنبع من أن الإيمان يدفعنا أن نرى فى الأخر أخا ووصف الوثيقة بثمرة عِدَّةِ لقاءاتٍ بين قداسة البابا فرنسيس وفضيلة شيخ الأزهر الإمام الدكتور احمد الطيب.

 

بينما رأى الدكتور القس إكرام لمعي، رئيس مجلس الإعلام والنشر فى الكنيسة الإنجيلية بمصر، إن وثيقة الأخوة الإنسانية، وثيقة تاريخية وغير مسبوقة فى التاريخ الإنساني، ومكتوبة بحرفية عالية، وتمس معظم المشاكل الموجودة على الأرض فى العلاقات بين الأديان، خاصة المسيحية والإسلام، وتصلح لكل دول العالم، هذا فضلا عن أن الموقعين هما قمتا الأزهر والكنيسة، مما يؤكد مصداقيتها.

 

وألقى لمعى بالمسئولية على عاتق صناع القرار وقال "الدور الآن على القادرين على تنفيذ هذه الوثيقة على أرض الواقع، والمقصود بذلك الملوك والرؤساء وكل التنفيذيين على مستوى العالم"، مطالبا الأمم المتحدة مراقبة ومتابعة تنفيذه بدقة.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة