مشروع المرحلة الأولى من الخط الرابع للمترو المارة بشارع الهرم عاد للمربع صفر بعد 10 سنوات من التفاوض مع اليابانيين لتنفيذه.. المفاوضات التى بدأت عام 2010 مع الجانب اليابانى عندما كان المهندس علاء فهمى وزيرا للنقلم من أجل تمويل وتنفيذ هذا المشروع انتهت إلى لا شىء.. تجاوب بطىء من الجانب اليابانى مرة لأسباب سياسية، بسبب الظروف التى مرت بها البلاد فى أعقاب ثورة 25 يناير، ومرة بسبب التشدد فى المطالب وعدم قدرة المسؤولين المصريين المفوضين للتفاوض بالقدرة على حسم الأمر وصولا إلى المغالاة فى أسعار التنفيذ.
المحصلة أن بعد 10 سنوات من التفاوض والاجتماعات مع الجانب اليابانى عاد المسـؤولون فى وزارة النقل إلى النقطة صفرو سواء من حيث البحث عن تمويل يغطى تكلفة المشروعو أو البحث عن الشركة التى ستنفذ هذا المشروع.
10 سنوات ضاعت على البلد فى اجتماعات انتهت بلا فائدة.. المشروع الذى كان مخطط بدء تنفيذ فى بداية التفاوض مع اليابانيين فى 2014 أصبح يواجه مصيرا مجهولا وغير معلوم موعد بدء تنفيذه وإلى متى سيظل مؤجل.
آخر موعد كان محدد لبدء تنفيذ هذا المشروع وأعمال الحفر وفقا للمناقصة التى تم طرحها فى نهاية 2016 هو يناير 2018و هذا الموعد الذى تم تحديده تم الشروع، بناءً على أساسه فى تحويلات المرافق المتعارض مع مسار المشروع، من أجل سرعة البدء فى أعمال الحفر عقب الانتهاء من إجراءات التعاقد مع الشركة اليابانية التى ستتولى التنفيذ، وانتهت الهيئة القومية للأنفاق فعيلا من تحويلات أكثر من 70% من المرافق المتعارضة مع مسار المشروع، لكن تشدد الشركة اليابانية الوحيدة التى تقدمت للمناقصة التى تم طرحها دفعت إلى إلغاء هذه المناقصة بعد أكثر من عامين من طرحها والتفاوض معها، نتيجة مغالاتها فى أسعار التنفيذ.
الجانب اليابانى كان متشددا فى شروطه منذ البداية عندما تقدم بعرض تمويلى فى صورة قرض ميسر قيمته 1.2 مليار دولار، حيث اشترط أن يكون استشارى المشروع يابانى، وبالفعل تم اختياره والتعاقد معه منذ أكثر من عامين، كما اشترط أن يكون الشركة المنفذة للمشروع يابانية، لذلك كانت المناقصة التى طرحتها الهيئة القومية للأنفاق قاصرة على الشركات اليابانية، وعندما تم طرح هذه المناقصة بين الشركات اليابانية تقدمت شركة يابانية وحيدة وهى «تايسى كوربوريشن» بعرض فنى ومالى لتنفيذ هذا المشروع.. طبعا بتنسيق مع المسـؤولين بدولة اليابان حتى تستطيع هذه الشركة فرض أسعارها، وتحديد أسعار التنفيذ التى ترغبها.
وبالفعل عندما تقدمت هذه الشركة بعرضها المالى بالغت فى قيمة أسعار التنفيذ، لدرجة أن تكلفة المشروع بناء على أسعارها تعدت القيمة التقديرية المحددة من قبل الهيئة القومية للأنفاق لتكلفة المشروع، وحاولت هذه الشركة فرض أسعارها على الجانب المصرى، لدرجة أن هددت بسحب القرض اليابانى المقدم بفائدة 0.28 فى حالة عدم القبول بأسعارها ورفض عرضها لتنفيذ المشروع.
المسؤولون المصريون ظلوا فى مفاوضات عامين تقريبا لإقناع هذه الشركة لتخفيض القيمة المالية للمشروع بما يتناسب مع القيمة التقديرية المحددة مسبقا، لكن هذه المحاولات لم تصل إلى نتيجة حتى اضطرت الهيئة القومية للأنفاق إلى إصدار قرار باستبعاد العرض اليابانى المقدم، بسبب زيادة قيمته عن القيمة التقديرية المحددة من قبل الهيئة لتكلفة المشروع والمغالاة فى قيمة أسعار التنفيذ من الجانب اليابانى بما يفوق بكثير الأسعار المقدرة من قبل الهيئة.
وأصدرت لجنة البت الرئيسية بالهيئة القومية للأنفاق قرارا برفض قبول العرض المالى المقدم من اتحاد الشركات اليابانية المصرية «تايسى كوربوريشن ـ أوراسكوم للإنشاءات» نتيجة زيادة قيمة العرض المقدم عن القيمة التقديرية، وقررت لجنة البت إلغاء المناقصة المحدودة على الشركات اليابانية السابق تأهيلها لتنفيذ الأعمال المدنية للمرحلة الرابعة من الخط الرابع للمترو لزيادة قيمة العرض المقدم عن القيمة التقديرية وعدم مناسبة الأسعار.
المسؤولون قالوا فى قرار رفض العرض اليابانى أن قرارهم جاء طبقا للمادة 15 من قانون رقم 89 لسنة 1998 الخاص بتنظيم المناقصات والمزايدات والمادة 29 من اللائحة التنفيذية لنفس القانون، ليعود المسؤولين إلى المربع صفر فى تنفيذ هذا المشروع بعد كل هذه السنوات التى أضاعوها على البلد بسبب عدم حسم الأمر سريعا، ليتركوا الزحام المرورى يتفاقم فى مناطق الهرم وفيصل والجيزة التى كان سيساعد هذا المشروع فى امتصاصها وتخفيفها، حيث متوقع تأجيل بدء تنفيذ هذا المشروع سنوات قادمة مجددا وفقا لحركة تعامل المسؤولين الحالية معه، فضلا أن فترة تنفيذ هذا المشروع من تاريخ البدء فيها مخطط ألا تقل عن 5 سنوات.
وأصبح هناك سيناريوهان أمام المسؤولين المصريين لتنفيذ هذا المشروع يتعاملون بناء عليهما.. السيناريو الأول هو تنفيذ تهديد الشركة اليابانية بسحب القرض اليابانى المقدم لتمويل تكلفة المشروع، وفى هذه الحالة ستقوم الهيئة القومية للأنفاق بالبحث عن مصادر بديلة لتمويل تكلفة المشروع بالكامل، سواء من خلال الموازنة العامة للدولة بالكامل أو الحصول على قرض ميسر من إحدى مؤسسات التمويل الدولية الأخرى، واستكمال التكلفة من الموازنة العامة للدولة، والسيناريو الثانى هو استمرار القرض اليابانى، وهنا ستقوم الهيئة بإعادة الطرح مجددا بين الشركات اليابانية فقط لاختيار عرض يابانى آخر لا يزيد عن القيمة التقديرية للمشروع.
والواقع أنه إذا ظل المسؤولون المصريين تحت أسر هذين الخيارين فإن موعد خروج هذا المشروع للنور والبدء فى أعمال التنفيذ سيظل مؤجلا سنوات قادمة، وسيظل ينتظر سكان محافظة الجيزة سنوات طويلة من أجل إنجاز مشروع مترو الهرم.. لابد أن يفكر المسؤولون فى اللجوء إلى الشركات المصرية التى اكتسبت خبرة فى تنفيذ مشروعات المترو على مدار أكثر من 25 سنة مضت مثلما فعلت فى تنفيذ الجزء الثانى من المرحلة الرابعة بالخط الثالث للمترو الممتد من النزهة حتى السلام عندما اسندت تنفيذها لاتحاد شركات مصرية.
على المسؤولين إسناد تنفيذ هذا المشروع لتحالف من الشركات المصرية ذات الخبرة فى تنفيذ مشروعات المترو وهى موجود فعلا، ويمكن لهذه الشركات المصرية الاستعانة بإحدى الشركات العالمية المتخصصة لمساعدتها إذا رغبت مثلما يحدث حاليا فى مشروع مترو النزهة - السلام بالخط الثالث للمترو.. والتمويل يمكن توفيره من الموازنة العامة للدولة على مدار 5 سنوات تمثل فترة تنفيذ المشروع أو عبر تحالف الشركات التى سيتم إسناد إليه تنفيذ هذا المشروع، بحيث يقوم هذا التحالف بتنفيذه وتشغيله بنظام حق الانتفاع مثلما تفعل كثير من الدول التى سبقتنا بمراحل فى مشروعات مترو الأنفاق، رغم أنها بدأت فى إدخالها إليها فى فترات متقارية مع مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة