تجددت معركة الموضوعية والفبركة فى وسائل الإعلام الدولية، وتوظيف الصور والفيديوهات لأهداف سياسية، وذلك على خلفية ما كشفه أحد العاملين فى هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، حول فبركة فيلم عن ضحايا الكيماوى فى سوريا شنت قوات التحالف بناء عليه هجمات ضد مواقع سورية العام الماضى، وفى 7 إبريل 2018 نقلت وسائل إعلام غربية تقارير عن الجمعية الطبية السورية الأمريكية، ومنظمة الخوذ البيضاء، إعلانهما فى بيان مشترك، عن مقتل 49 شخصا جراء استخدام القوات السورية سلاحا كيميائيا فى مدينة دوما فى الفوطة، وبناء عليه شن حلف شمال الأطلسى ضربات على مناطق فى سوريا قال إنها مصانع إنتاج الكيماوى.
ومن بين التقارير الإعلامية التى تم على أساسها قصف سوريا تقرير بالفيديو نشرته «بى بى سى» فيلما قالت إنه لضحايا الكيماوى فى مستشفى دوما شرقى دمشق عقب هجوم كيميائى، لكن مؤخرا كشف المنتج والمراسل فى هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، ريام دالاتى، عن فبركة مشاهد الهجوم الكيميائى فى مستشفى دوما بسوريا، وأعلن فى تغريدات على «تويتر» أنه أجرى تحقيقات على مدى 6 شهور، واكتشف أن المشاهد التى قيل إنها صورت فى مستشفى مدينة دوما بالغوطة الشرقية، يوم الهجوم الكيميائى فى إبريل الماضى كانت «مجرد مسرحية».
الخارجية الروسية قالت إن ما كشفه مراسل «بى بى سى»، يؤكد ما ذهبت إليه روسيا وقتها عندما أكدت أن المشاهد مزيفة، وأن شهادة مراسل الهيئة البريطانية تثبت تزوير التحالف الغربى للوقائع المتعلقة بتلك الحادثة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «نتيجة تزوير التحالف الغربى بقيادة أمريكا للوقائع حول هجوم دوما تم شن عدوان جوى على سوريا، ونحن كشفنا هذا التزوير، لكن الغرب اختبأ وراء روايات شهود العيان المزعومين الذين شاركوا فى الدعاية لتعزير صحة مزاعم التحالف».
وعلّقت «بى بى سى» أن مراسلها دالاتى تحدث عن اللقطات فقط، ولم ينف وقوع الهجوم على الغوطة، لكن الروس ردوا بأن الغرب لن يتوقف حتى لو اكتشفوا فبركة الأدلة، لأنهم ضالعون فى هذه الفبركة لتبرير عدوانهم.
وتظل القضية معلقة ومجالا للجدل بين روسيا والتحالف الغربى، حيث ما تزال اتهامات بريطانيا لروسيا بمحاولة اغتيال عميلها السابق فى لندن سيرجى سكريبال بالكيماوى قائمة.
وهى ليست المرة الأولى التى يجرى فيها الحديث عن فبركة أدلة استعمال الكيماوى، ففى 2016 أثيرت قضية قصف بالكيماوى، وشنت الولايات المتحدة ضربات بالصواريخ، بناء على تقارير منظمة «أصحاب الخوذات البيضاء»، والتى كانت مصدر الصور، وبعد شهور كشفت منظمة «أطباء سويديون من أجل حقوق الإنسان» تقريرا كشفت فيه عن ما أسمته «خداع الخوذات البيضاء»، قالت إن أعضاء «الخوذات» زيفوا الصور والفيديوهات، حيث ظهر ضحايا مفترضون يفتحون عيونهم قبل انتهاء التصوير، كما أن المنظمة نشرت صورا، زعمت أنها لضحايا سوريين، اتضح أنها لضحايا من العراق وخارج سوريا.
روسيا من جانبها تشير إلى أن تقرير «بى بى سى» ليس مجرد خطأ للمراسل، لكنه جزء من سياسة بريطانية فى توظيف الإعلام لصالح مصالحها وأهدافها، لكن الهيئة الإعلامية البريطانية، تؤكد أن الهجوم وقع وأن تشكيك مراسلها، يتعلق بالصور وليس بالموضوع.