حالة من التناقض السياسى تسيطر على أحزاب المعارضة فى مصر، تتظاهر بالديمقرطية وترفع شعار الحرية، وتتشدق بالمبادئ ثم نفاجأ بالنقيض تماما، انفراد بالسلطة.. مصالح شخصية.. إجراءات عقابية ضد المخالفين فى الرأى.. والنتيجة باتت واضحة للكل: حالة من الضعف والارتباك وعدم ثقة من المواطنين لتفقد الأحزاب بوصلتها الحقيقية، وتعبر عن مصالح أصحابها دون النظر للأهداف التى تأسست من أجلها.
حزب المحافظين برئاسة أكمل أحمد قرطام يمثل نموذجا فظا للحزب السياسى، فإدارة الأحزاب تختلف جملة وتفصيلا عن إدارة الشركات، ففى الحزب أنت تتعامل مع أعضاء لهم رأى وموقف واتجاه، والرأى الذى يمثل الحزب يجب أن يعبر عن شراكة فكرية واحترام للجميع ويكفل للكل أن يعبر عن رأيه ويلزم الحزب بذلك.
أما إدارة الشركة فأنت تتعامل مع موظفين ليس لهم الحق فى إبداء رأيهم، والكل فى النهاية يخدم على صاحب المال ليتحمل بدوره النتيجة أيا كانت، ربح أم خسارة، وحقيقة الأمر أن حزب المحافظين يدار بطريقة الشركات، لا بنهج الأحزاب، فرئيسه لا يعرف إلا فرض الرأى والتفرد بالسلطة ويفقد أبسط أعراف الشراكة الفكرية.
المراقب لأداء حزب المحافظين يجد أن الكلمة الأولى والأخيرة داخل الحزب لرئيسه فقط، ولا يوجد ما يدعى وجود آراء أو اتجاهات أخرى، والدليل على ذلك ما حدث مؤخرا فيما يتعلق بموقف الحزب من التعديلات الدستورية إذ تتكون الهيئة البرلمانية للمحافظين من 5 نواب منهم نائب واحد فقط رفض التعديلات و4 وافقوا على التعديلات، لنفاجأ بأن رئيس الحزب يحاول فرض إرادته على الجميع متجاهلا رأى أغلبيته بشكل يفسر كم التخبط والارتباك التى يعانى منه.
غياب الرؤية وانعدام الشراكة داخل الأحزاب يجعلها تفقد دورها الحقيقى داخل الشارع، فلا يمكن لمواطن أن يتقبل ديمقراطية ينادى بها رئيس حزب بعينه لا يطبقها داخل أركان حزبه، فالديمقراطية ليست كلمة نلجأ لها تارة ونلفظها تارة أخرى فإما أن تقبل بها جملة واحدة أو ترفضها جملة واحدة، والعيب كل العيب أن نصدر للمواطنين اتجاهات ورؤى لا نؤمن بها أو نشاركها.
على أحزاب المعارضة أن تعيد النظر من جديد فى طريقة إدارتها وأسباب نشأتها، فالشارع لا يقبل الرأى المزيف ولا يتحمل مسلسل الكذب المستمر، ومن يتصور أن ادعاءاته المستمرة ستنال رضا الجميع واهم، فالمصريون يفرقون بين الصادق والكاذب، من ينتصر لهم ومن ينتصر لنفسه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة