يترقب هواة الفلك والمهووسون بالظواهر الفلكية، يوم الجمعة المقبلة، واحدة من أهم وأقدم الظواهر الفلكية، وهى ظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل بأقصى جنوب مصر، وهو الحدث الفلكى الذى يترقبه من الآن المعهد القومى للبحث الفلكية.
استعدادات معهد الفلك لرصد التعامد
واستعد المعهد القومى للبحوث الفلكية لرصد ظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل، وذلك بالتجهيز لفريق علمى يضم أساتذة من علماء وأساتذة معمل أبحاث الشمس، وأساتذة قسم الفلك غادر لأسوان لعقد ندوات علمية ورصد الظاهرة وقت حدوثها.
وعن أهمية ظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل واستعدادات معهد الفلك، أكد الدكتور جاد القاضى، رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية، أن ظاهرة تعامد الشمس على المعابد ظاهرة فلكية قديمة تشير لبراعة المصريين القدماء فى تصميم معابدهم، مؤكدا على أن معهد الفلك حريص بشكل دائم على متابعة مثل هذه الظواهر.
معبد أبو سمبل وموعد ظاهرة التعامد
وأضاف رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن معبد أبو سمبل يعد من أشهر المعابد التى تشهد ظاهرة التعامد الشمسى وتحدث يومى 22 أكتوبر و 22 فبراير من كل عام، لافتا إلى أن معهد الفلك استعد بفريق علمى غادر لأسوان لمتابعة الظاهرة وعقد ندوات علمية بمتحفى النيل والنوبة ومحاضرات علمية للمصريين والأجانب فضلا عن متابعة ورصد الظاهرة بأحد التليسكوبات والأجهزة العلمية.
ومن جانبه، قال الدكتور ياسر عبد الهادى، أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية والفلك الأثرى، أنه أمام شاطئ بحيرة ناصر، يوجد معبدان أحدهما كبير للملك رمسيس الثانى والآخر صغير قام ببنائه نفس الملك وأهداه إلى زوجته المحبوبة نفرتاري جميلة الجميلات، لافتا إلى أن المعبد الذى تحدث فيه الظاهرة هو المعبد الكبير.
وأضاف أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية والفلك الأثرى، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أن المعبد الكبير حالياً على خط عرض 22°20′13″ شمالاً وخط طول 31°37′32″ شرقاً، وبُنيَ المعبدان في القرن الثالث عشر قبل الميلاد (تقريباً في الفترة من 1244 ق.م. إلى 1223 ق.م، موضحا أنه من الثابت أن البناء انتهى في عهد الملك رمسيس الثاني أشهر ملوك الأسرة 19 تخليداً لأعماله وإنجازاته وانتصاراته (المختلف فيها من قبل المؤرخين).
تغير توقيت الظاهرة
وأشار أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية والفلك الأثرى، إلى أنه في السابق كان التعامد يحدث في يومى 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام، لكن بعد بناء السد العالي ونقل المعبد إلى أعلى التلة المجاورة والمرتفعة حوالى 66 متراً فوق منسوب مياه نهر النيل تأخرت الظاهرة يوماً كاملاً في موعديها لتكون يوم 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام.
وأضاف الدكتور ياسر عبد الهادى، أنه اكتشف المعبد المطمور تحت الرمال لأول مرة عام 1813م بواسطة المستشرق السويسرى جى أل بوخاردت الذى تحدث عن هذا الاكتشاف مع نظيره الإيطالى المستكشف جيوفانى بيلونزى فقررا القيام بأول محاولة لدخوله واستكشافه لكنهما لم يتمكنا من ذلك لكن بيلونزى عاد فى عام 1817م ونجح فى الدخول إلى المعبد لأول مرة منذ نسيانه تحت رمال الصحراء، وتقول إحدى الأساطير إن فتى من السكان القريبين من المنطقة اسمه (أبو سمبل) هو من قاد بيلونزى إلى اكتشافه وساعده فى دخول المعبد، ومن هنا قرر بيلونزى إطلاق اسمه على المعبد والمنطقة.
رصد الظاهرة عام 1899
كما أشار "عبد الهادى" إلى أنه في عام 1874م قامت المستكشفة اميليا ادوارذ والفريق المرافق لها برصد هذه الظاهرة وتسجيلها في كتابها المنشور عام 1899م (ألف ميل فوق النيل) والذي جاء فيه: "تصبح تماثيل قدس الأقداس ذات تأثير كبير وتحاط بهالة جميلة من الهيبة والوقار عند شروق الشمس وسقوط أشعتها عليها" ، وتستطرد قائلة: "إن أي مشاهد إذا لم يراقب سقوط أشعة الشمس هذه يساوره شك في أثرها القوي المحسوب بدقة حسب علم الفلك والحساب عند قدماء المصريين ، حيث حُسب بدقة ووجه نحو زاوية معينة حتى يتسنى سقوط هذه الأشعة على وجوه التماثيل الأربعة".
وكشف الدكتور ياسر عبد الهادى أن ظاهرة التعامد تبدأ بعد شروق الشمس الذي يحدث في تمام الساعة 5:52 صباحاً ويحس بها المشاهد في حوالي الساعة السادسة صباحاً بعد ارتفاع الشمس بضع درجات فوق خط الأفق وتستمر حوالي ثلث ساعة لتنتهي في الساعة 6:22 صباحاً في يوم 22 أكتوبر، أما في يوم 22 فبراير فتبدأ هذه الظاهرة بعد شروق الشمس الذى يحدث فى تمام الساعة 6:20 صباحاً وتستمر حتى الساعة 6:42 صباحاً، لافتا إلى أن المقصود بالتعامد هو سقوط الأشعة عمودياً تقريباً على قدس أقداس المعبد الذى هو أهم مكان فيه وغالباً ما يكون أبعد مكان عن مدخله.
قدس الأقداس بمعبد أبو سمبل
وأوضح "عبد الهادى" أن قدس أقداس معبد أبي سمبل هو عبارة عن حجرة صغيرة بها 4 تماثيل تواجه مدخل الغرفة الذي هو امتداد لمحور المعبد البالغ طوله 66 متراً من البوابة الرئيسية له، هذه التماثيل من اليمين بالنسبة للمشاهد هي على الترتيبك ثمثال للإله رع حور إختي ثم تمثال للملك رمسيس الثاني نفسه ثم تمثال للإله آمون رع وأخيراً تمثال للإله بتاح.
وأشار أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية والفلك الأثرى، إلى أنه أثناء ظاهرة التعامد يغطي أشعة الشمس وجهي التمثالين الأوسطين (رمسيس الثاني وآمون رع) تماماً ونصف وجه التمثال الأيمن (رع حور إختي) ، بينما يقبع التثمال الأيسر (بتاح) في ظلام دامس، موضحا أن التفسير المقبول حالياً لترتيب هذا التعامد هو أن تمثالي آمون ورمسيس الثاني لابد أن تتعامد عليهما الشمس لأنهما تمثال كبير الآلهة والملك ، بينما يمثل تمثال (رع حو إختي) اليوم الفلكي الذي يكون نصفه نهار والنصف الاخر منه ليل ولذلك يكون التعامد على شقه الأيسر ، في حين أن الإله (بتاح) كان يرمز في بعض الأحيان إلى الظلمة والسواد ، ولذلك فهو يبقى في الظلام لا يكاد يُحَسُّ به.
وأوضح أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية والفلك الأثرى، أن الفكرة فى التصميم الهندسى المبنى على هذه الظاهرة، هو أن أى نقطة على سطح الأرض يمكن أن تتعامد عليها الشمس مرتين فى السنة، وفقاً للحقيقة الفلكية القائلة بميل محور الأرض على مستوى دورانها حول الشمس، والذى يستغرق سنة شمسية. ولذلك فمن الممكن إقامة بناء وتوجيهه إلى نقطة ما يكون فيها موقع الشمس فى وقت محدد وسنجد أن ظاهرة التعامد ستتكرر يوماً آخر بنفس الكيفية فى يوم مناظر لأى من الاعتدالين (الربيعى والخريفي) أو الانقلابين (الصيفى والشتوى) على حسب موقع وتوجيه المبنى.
وقال أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية والفلك الأثرى، أنه لا يوجد أى دليل يدعم صحة الزعم بأن يومى تعامد الشمس على قدس أقداس معبد أبى سمبل الكبير لهما أى علاقة بمولد الفرعون رمسيس الثانى أو جلوسه على العرش ويجب أن يتوقف المرشدون السياحيون عن تردرد مثل هذه المزاعم الباطلة احتراماً لعقول الزائرين سواء كانوا مصريين أو سائحين أجانب، لافتا إلى أنه مازال هنك تقليد متوارث عند أهالى المنطقة المحيطة بالمعبدين وهو الاحتفال بما يسمى (عيد الشمس) يبدأ من مساء اليوم السابق لظاهرة التعامد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة