قال عالم الآثار الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى فى معبد أبو سمبل دليل على عبقرية الفراعنة الهندسية والفلكية والدينية، وإعلاء من شأن الفرعون فى أعين شعبه والشعوب التى حكمتها مصر فى ذلك الوقت.
وأضاف الدكتور عبد البصير أن من أروع معالم معبد أبو سمبل الكبير اختراق شعاع الشمس باب المعبد ليصافح وجه رمسيس الثانى مرتين من كل عام فى ظاهرة هندسية وفلكية تثير الانبهار باستمرار، ويؤكد عبقرية المصرى القديم التى لها أدلة كثيرة لا تزال تحير العالم أجمع إلى اليوم الحالى، وتعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثانى بذلك المعبد المهم حدثا فريدا ينتظره عشاق مصر فى كل مكان فى العالم.
وكانت حالة المعبد جيدة إلى أن بدأ ارتفاع منسوب نهر النيل الذى بدأ ينتج عن بناء السد العالى وبحيرة ناصر، ما كان سببا قد يهدد بغرقه، ما جعل من الضرورى نقله للحفاظ عليه من الغرق. وكانت عملية نقل معبد أبو سمبل من أصعب عمليات نقل المبانى على مر التاريخ، حيث كان التحدى كبيرًا أمام المهندسين المعماريين والأثريين على حد سواء كى ينجحوا فى تنفيذ ذلك المشروع العملاق، خصوصا أن التحدى الأصعب أمامهم كان الحفاظ على الزوايا الهندسية والقياسات الفلكية كى تستمر ظاهرة تعامد الشمس على وجه الفرعون الأشهر الملك رمسيس الثانى مرتين فى العام، وتم القيام بعملية إنقاذ المعبد أبو سمبل من الغرق عقب بناء السد العالى فى ستينيات القرن العشرين واستمرت تلك العملية عدة سنوات، وتم النقل إلى الموقع الحالى الذى هو فيه اليوم على الهضبة الشرقية بارتفاع نحو 64 مترا فوق الموقع القديم ونحو 180 مترا إلى الغرب من موقعه الأصلى.
ويطل معبد أبو سمبل الكبير على بحيرة ناصر فى منظر جمالى رائع قلما أن يتكرر فى مكان أثرى آخر حيث تتزاوج زرقة السماء الصافية بزرقة المياه الرائقة ورمال صحراء مصر الصفراء النقية بصخور المعبد الداكنة وخضرة الأشجار والنباتات الموجودة فى المنطقة بسمرة أبناء مصر المميزة.
ويعتبر معبد أبو سمبل الكبير من روائع فن العمارة فى مصر القديمة. وتتصدر تماثيل الملك رمسيس الثانى الأربعة الجالسة واجهة المعبد التى تشبه الصرح ويبلغ كل تمثال من هذه التماثيل حوالى 22 مترا، ويحيط بهذه التماثيل تماثيل أصغر واقفة تجسد أم الملك وزوجة الملك، وتماثيل أكثر صغرا تصور أبناء وبنات الملك الممثلين واقفين بين قدمى الفرعون. وحدث زلزال فى العصور القديمة أثر على التمثالين المحيطين بالمدخل إلى المعبد مما أدى إلى تساقط الجزء العلوى من التمثال الجنوبى، بينما عانى التمثال الشمالى منهما بشكل أقل ضررا من التمثال السابق وتم ترميمه فى عهد أحد خلفاء الملك رمسيس الثانى، وهو الملك سيتى الثانى فى نهايات عصر الأسرة التاسعة عشرة. وفوق المدخل يوجد كورنيش ضخم يحتوى على اسم الملك رمسيس الثانى. ويضم جانب المدخل على اليسار نقشا يضم ألقاب الملك. ثم أجزاء المعبد المعمارية وصولا إلى قدس الأقداس حيث يوجد تمثال الملك رمسيس الثانى بين تماثيل آلهة مصر الكبرى فى تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر الفرعونية حين تم تقديس نجم الأرض الفرعون رمسيس الثاني في حياته باعتباره إلها فى منطقة النوبة.