يغطى أكثر من 600 صحفى من 170 وسيلة إعلام دولية المحاكمة العلنية التى تقوم بها المحكمة الإسبانية العليا بتقييم مصير المتهمين الـ12 بموجب إعلان استقلال كتالونيا، لكن تظاهر الآلاف فى كتالونيا ضد هذه المحاكمة للحفاظ على حقوق المتهمين، وقطع الانفصاليون طرقات وسكك حديد فى كتالونيا خلال الإضراب الذى تم تنظيمه من أجل الاحتجاج على محاكمة 12 من القادة الانفصاليين، بعدما أعلنوا انفصالهم عن إسبانيا فى أكتوبر 2017.
وقطع المتظاهرون الأكثر تشددا فى المجموعات الانفصالية نحو 20 طريقا، منها الطريق السريع التى تربط كتالونيا بفرنسا، وسكتى حديد.
ونفذت مجموعة من النشطاء من الاتحاد المؤيد للاستقلال Intersindical-CSC هذه الاحتجاجات، وحظيت بدعم 50 منظمة أخرى مؤيدة لاستقلال الإقليم، منها الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "لجنة الدفاع عن الجمهورية CDR"، لكن فى تلك الاحتجاجات أصيب ما يقرب من 50 شخصا، بينهم 16 شرطيا، وتم توقيف أربعة أشخاص.
وتسبب الإضراب فى شل الحياة بمدن كتالونية رئيسية مثل برشلونة، وجيرونا، وتاراجونا، حيث أغلق المحتجون الطرقات الرئيسية فى برشلونة وحاولوا وقف رحلات القطارات ومترو الأنفاق.
وبدأت المحكمة العليا الإسبانية فى 9 فبراير الجارى النظر فى الدعوى المرفوعة ضد 12 من السياسيين وقادة المجتمع المدنى فى كتالونيا، ويطالب الادعاء العام بعقوبة السجن على المتهمين لمدد تراوح بين 7 و25 عاما.
ويوجه الادعاء العام تهمة التمرد إلى بعض المتهمين وهى جريمة تنطوى على العنف مع عقوبات سجن قد تصل إلى 30 عاما، فى حين يعتبر مكتب محامى الدولة أنهم حرضوا على العنف وهى جريمة لا تنطوى على العنف وتنص على عقوبات تصل إلى 15 عاما، علما بأنه توجه إليهم بدرجات متفاوتة تهم اختلاس الأموال العامة والتنظيم الإجرامى أيضا.
يذكر أن رئيس كتالونيا السابق كارليس بوديجديمونت أجرى مطلع أكتوبر 2017 استفتاء تضمن السؤال (هلى تريد أن تكون كتالونيا دولة مستقلة كجمهورية؟) غير أن الحكومة الإسبانية أكدت أنه "غير دستورى"، قبل أن يعلن برلمان كتالونيا الإقليمى فى 27 أكتوبر من العام نفسه الاستقلال من جانب واحد عن إسبانيا وإنشاء الجمهورية الكتالونية كدولة مستقلة ذات سيادة، ما أدى إلى إقالة بوديجدمونت وأعضاء حكومته.
أسباب تمسك إسبانيا بإقليم كتالونيا
فى الوقت الذى تصر السلطات فى كتالونيا على الاستقلال، ترفض دائما السلطات الإسبانية هذا الإصرار وتحاول منعه، وذلك بسبب الأهمية الاقتصادية والاستيراتيجية للإقليم.
ويقع إقليم كتالونيا شمال شرقى إسبانيا، ويحده من الشمال فرنسا وأندورا، ومن الشرق البحر المتوسط، وتبلغ مساحة الإقليم 32 ألف كيلو متر مربع، ويسكنه 7.5 مليون نسمة، ويمثل هذا العدد 16% من العدد الإجمالى لسكان إسبانيا.
وتعد مدينة برشلونة الشهيرة عاصمة الإقليم، ويسكن فيها 21% من سكان كتالونيا.
ومن أهم الأسباب التى تدفع الحكومة الإسبانية للتمسك بكتالونيا، هى أهمية الإقليم الاقتصادية، حيث تنتج كتالونيا 20% من الناتج المحلى الإجمالى لإسبانيا، وهو رقم كبير جدا بالمقارنة مع ناتج اسكتلندا الذى يمثل 8% من الناتج المحلى البريطانى.
ومرافئ كتالونيا تصدر 25% من صادرات إسبانيا، فيما يعمل 50% من سكان المدينة بالمجال الصناعى والتجارى.
وليس فقط الاقتصاد بل أيضا لعوامل أخرى منها اللغة، فكل العاملين بالقطاع العام بالتكلم باللغة الكتالونية الرسمية، والتى تعود لأكثر من ألف عام، فاللغة الكتالونية ليست لهجة تابعة للغة الإسبانية بل هى منفصلة تماما وتكونت بسبب احتلال الجيش الرومانى لمنطقة تاراجونا.
كما يعتبر نادى برشلونة لكرة القدم، أحد أبرز سفراء كتالونيا للعالم، وذلك لانتماء لاعبيه ومشجعيه للإقليم، سواء كان بالتصريحات، أو برفعهم للعلم الكتالونى فى أكبر المنافسات المحلية والعالمية.
أوروبا ودعوات الانفصال
وتهدد تلك الدعوات الانفصالية الدول الأوروبية وتنذر بتداعيات خطيرة على وحدة الاتحاد، لذلك فقد أظهرت دول الاتحاد غضبها من إعلان كتالونيا الاستقلال عن إسبانيا فى 2017.