أربكت زيارة ولى العهد السعودى محمد بن سلمان إلى العاصمة الباكستانية إسلام أباد الجارة الشرقية لإيران صانع القرار الإيرانى، وظهر الارتباك والتخبط ومخاوف انضمام جارة طهران إلى جبهة التصدى لسلوكها فى كلام مسئوليها التى مازالت حتى اليوم يطلق التصريحات وتصعد لهجتها، وأصدرت الخارجية بيانا اعتبرت فيه الزيارة موجهة ضدها، وقال بهرام قاسمى المتحدث باسم الخارجية: "على إسلام أباد أن تنتبه لمخططات البعض التى تسعى للتأثير على العلاقات الباكستانية الإيرانية" ما يشير إلى مدى تخوف طهران من تأثير هذه الزيارة على علاقتها بجارتها.
تصعيد طهران وصل لدرجة ربطت فيها الزيارة بحادث زاهدان الذى وقع فى بلدة ملاصقة للحدود الجنوبية الشرقية مع باكستان فجر فيه انتحارى حافلة تضم عناصر للحرس الثورى قتل نحو 27 عنصرا، وراحت توزع الاتهامات على بلدان عربية فى المنطقة تارة وباكستان تارة أخرى، حيث اتهم الحرس الثورى باكستان فى إيواء إرهابيين، وقال محمد على جعفرى "ستدفع ثمناً باهظاً بسبب مزاعم عن إيوائها منفذى التفجير الذى وقع قرب الحدود معها، وصل الأمر إلى التهديد بالتدخل العسكرى، على نحو ما أكد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقرى، أن بلاده ستتدخل على الفور فيما لو استمر وجود الإرهابيين فى باكستان.
القاء الاتهامات حتى إلى الجماعات المعارضة للنظام داخل اقليم سيستان وبلوشستان، وهدد ممثل المرشد الأعلى الإيرانى فى الحرس الثورى، عبد الله حاجى صادقى بالانتقام من الجماعات الارهابية والمعارضة للنظام فى هذا الإقليم على خلفية حادث زاهدان، وبحسب وكالة إيرنا قال صادقى ممثل المرشد فى الحرس الثورى، "الانتقام من العناصر الإرهابية فى خاش سيتم فى الوقت المناسب، نحن اعتزمنا قتل 10 إرهابيين أمام كل قتيل من الحرس الثورى". ولم يشير صادقى إلى مزيد من تفاصيل الانتقام، غير أن إيران تعتبر جماعة "جيش العدل" السنة إرهابية والتى نفذت الهجوم. وتقول جيش العدل أنها تدافع عن حقوق أهل السنة فى سيستان وبلوشستان.
ونظرت طهران للزيارة التى استغرقت يومين لولى العهد السعودى، وكأنها تطويق لها من الجهة الشرقية، وظهر واضحا فى آلة طهران الاعلامية، صحيفة "ابتكار" الاصلاحية نشرت على صدر صفحتها صورة لولى العهد السعودى فى باكستان، وكتبت عليها "حل لغزل تحركات باكستان المشبوهة"، وقالت أن باكستان تستغل القوى المتطرفة على حدودها فى تحريك سياستها الخارجية، متهمة القوى السياسية النافذة فى باكستان بتلقى مساعدات مالية واقتصادية من المملكة، وهو أمر ترفضه إسلام أباد.
أما باكستان حاولت التهدئة مع طهران فى ظل لهجة تصعيدية إيرانية، وانطلاقا من أن باكستان دولة مجاورة لإيران ولديها روابط قوية معها، قال وزير الخارجية الباكستانى شاه محمود قريشى، إن بلاده مستعدة لتنفيذ أية عملية ضد أى مجموعة تهدد أمن بلد جار لها ولن نسمح أبدا بخلق مشاكل لها، ولا ننوى أن نكون عاملا مقلقا لها"، وأضاف أن بلاده تعتبر نفسها "مكلفة بصون أمن دول الجوار ولن تسمح باستخدام أراضيها لضرب استقرار باقى الدول".
وإلى جانب ذلك، تشعر إيران بتضيق الخناق عليها مع ظهور جبهة فى الشرق الأوسط ترفض سلوكها الإقليمى، وقال أستاذ العلوم السياسية والقانون بالجامعة الروسية للعلوم الإنسانية، غريغورى كوساتش، لـ"نيزافيسمايا غازيتا الروسية" يلعب موقع باكستان الاستراتيجى دورا، هنا، ذلك أن الحديث يدور عن أهمية باكستان للسعودية فى مواجهة الكتلتين، الإيرانية القطرية والقطرية التركية، ضد المملكة. فيمكن لباكستان أن تلعب دوراً مهماً فى أن تصبح ثقلاً موازياً، على سبيل المثال، لإيران. فقد تروّى الزعيم الحالى لباكستان بعد انتخابه، وبدا كأن هناك خطرا فى أن تصبح علاقاته مع إيران وتركيا أكثر متانة من علاقاته بالمملكة العربية السعودية". وانتهى كوساتش إلى أن هذه الجولة تأتى فى إطار تنويع الاتصالات الخارجية السعودية.
لكن أصوات من داخل إيران طالبت لعدم خسارة العلاقات مع باكستان لصالح منافسى طهران، ودعا النائب السابق لمكتب الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية محسن روحى صفت فى مقابلة مع وكالة "إيلنا"، لعدم إغضاب باكستان من إيران فى الظروف الراهنة، وحذر من انضمام إسلام أباد إلى معسكر أعداء ومنافسى طهران فى المنطقة، ورفض اتهامات المسئولين الإيرانيين بأن أجهزة باكستان الأمنية تمنح العناصر المناهضة لإيران مظلة حماية.