اقتحم عدد من المستوطنين اليهود، صباح أول أمس، الخميس، باحات المسجد الأقصى من جهة باب الرحمة، وأدوا الصلاة التلمودية فيه، تحت حراسات أمنية مشددة من جنود الاحتلال الإسرائيلى، وذلك بعدما شهدت المنطقة حالة من التوتر ناجمة عن عرقلة قوات الاحتلال للمصلين وتوقيف بعضهم.
وقد تمكن المصلون من افتتاح باب الرحمة فى المسجد الأقصى المغلق منذ عام 2003، بعد الاحتشاد أمام بالأمس من أجل أداء الصلاة، لأول مرة منذ إغلاقه من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى قبل 16 عاما.
ويقع باب الرحمة فى السور الشرقى للمسجد الأقصى المبارك، الذى يشكل جزءا من سور بيت المقدس أيضا، وهو أقدم أبواب المدينة القائمة حاليا، فثمة آثار تدل على باب سبق تشييده فى الموقع فى القرن الأول قبل الميلاد، أما أبواب المدينة السبعة الأخرى، فقد شيد العثمانيون ستة منها أواسط القرن العاشر الهجرى، وهى باب العامود وباب الساهرة، باب الأسباط، باب المغاربة، باب النبى داوود، وباب الخليل، وذلك بحسب دراسة بعنوان "باب الرحمة فى بيت المقدس" للباحث بشير بركات، نشرت بمجلة الفيصل: العددان 459-460.
ومما يؤكد أن باب الرحمة هو أقدم أبواب المدينة ظهوره فى خريطة مادبا، وهى أقدم خريطة للقدس، إذ اكتشفت خلال حفريات أجريت سنة 1315هـ/ 1897 م، فى أرضية كنيسة بنيت فى القرن السادس الميلادى، فى مدينة مادبا شرق الأردن.
أما بالنسبة لتسمية الباب الرحمة، فبحسب الدراسة سالفة الذكر أيضا، فإن اليهود أطلقوا على الباب اسمين: باب الشيخينة، أى التجلى الربانى، وباب الرحمة، بينما يطلق عليه النصارى: الباب الذهبى، وهم يعتقدون أن والدى السيدة العذراء مريم كانا يلتقيان هناك، وأن يسوع المسيح دخل منه يوم أحد الشعانين "الزعف"، بينما المسلمون أطلقوا عليه الرحمة، كما أنشأوا مقبرة ظاهرة، وأطلقوا عليها مقبرة باب الرحمة.
أما عن أسباب إغلاق الباب، فتؤكد الدراسة أن أصحاب الديانات الإبراهيمية الثلاث، ابتدعوا كثيرا من الأساطير والمعتقدات حول إغلاق هذا الباب، فاليهود يعتقدون أن المسيح سيدخل المدينة عبر هذا الباب عند ظهوره آخر الزمان، وتزعم مختلف الأدبيات الغربية المسيحية أن الباب بقى مفتوحا إلى عهد السلطان سليمان القانونى، وأنه أمر بإغلاقه سنة 1541م، بحجة أن اليهود يعتقدون أن المسيح سيمر عبره، كما ورد أن الباب كان مغلقا قبل العهد العثمانى، إذ ذكر ابن فضل الله العمرى عند حديثه عن بابى الرحمة والتوبة أنهما بابان قديمان قد سدا، وسمر وأحكم غلقهما.
كما ذكر مجبر الدين الحنبلى أيضا عن الباب فقال: "أما أبواب المسجد فأولها بابا متحدان فى السور الشرقى، الذى قال الله تعالى فيه: (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ) (الحديد 13)، فإن الوادى الذى وراؤه وادى جهنم، وهما من الداخل الحائط مما يلى المسجد، أحدهما يسمى باب الرحمة، والثانى يسمى باب التوبة، وهما الآن غير مشروعين، وقد أخبرت قديما من شخص من القدماء أن الذى أغلقهما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأنهما لا يفتحان حتى ينزل المسيح مرة أخرى نهاية الزمان"، لكن الباحث أكد ان كل هذه الٌاويل لا تستند إلى دلائل مؤكدة أو نصوص شرعية ولا يعول عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة