- يتم حاليا إجراء دراسات حقلية لموقعى النجيلة 1 و2 بمطروح
- صب خرسانة أول مفاعل بقدرة 1200 ميجا وات منتصف 2020
-مشروع المحطة النووية يؤكد دور مصر كدولة رائدة فى الشرق الأوسط وأفريقيا ويضعها على خريطة الدول المتقدمة فى كل المجالات
-الجانب المصرى تعامل بحرفية عالية فى وضع شروط مع الروس تضمن إمدادات الوقود النووى اللازم لتشغيل مفاعلات الضبعة تحت أى ظروف سياسية
حلم ينتظره المصريون منذ أن طرقوا أبوابه فى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى، وسعوا وراء تحقيقه، لكن واجهتهم العديد من المعوقات والصعوبات ما بين داخلية وخارجية، حتى عاد يطرق أبوابهم بقوة منذ عامين، حين امتلكت مصر إرادة سياسية قوية كانت دافعة لأن تعلن قيادتها، ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن البدء فى تنفيذ برنامجها النووى السلمى لتوليد الكهرباء، بإنشاء محطة الضبعة بقدرة 4800 ميجا وات، وذلك بالتعاون مع شركة روساتوم الروسية.. الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية، يعد واحدا من هؤلاء المنوط بهم المساهمة فى تحقيق الحلم المصرى الكبير، ولذلك التقته «اليوم السابع» ليتحدث عن كل تفاصيل البرنامج النووى المصرى ومكاسبه السياسية والاقتصادية.. وإلى نص الحوار.
بداية.. حدثنا عن مشروع الضبعة وأهميته بالنسبة للمصريين والفوائد السياسية والاقتصادية المنتظرة منه؟
- مشروع المحطة النووية من شأنه أن يؤكد دور مصر كدولة رائدة فى منطقة الشرق الأوسط وقارة أفريقيا، ووضعها على خريطة الدول المتقدمة فى كافة المجالات، ومن بينها المجالات المرتبطة بالتطبيقات السلمية للطاقة النووية، خاصة أنها أحد المصادر المهمة لسد الاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية اللازمة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نظرا لتنافسيتها الاقتصادية العالية.
والمشروع النووى من شأنه أن يعود بالعديد من الفوائد الاستراتيجية مثل الحفاظ على موارد الطاقة من البترول والغاز الطبيعى، حيث إنها موارد ناضبة وغير متجددة، بالإضافة إلى تعظيم القيمة المضافة من خلال استخدام البترول والغاز الطبيعى كمادة خام لا بديل لها فى الصناعات البتروكيميائية والأسمدة، كما أن الطاقة النووية هى أحد مصادر الطاقة النظيفة بجانب المصادر المتجددة، وتلعب دورا بارزا كأحد الحلول الجوهرية لتقليل انبعاثات الكربون ولمجابهة ظاهرة الاحتباس الحرارى.
ومن ضمن الفوائد المرتقبة أيضا، تطوير الصناعة المصرية من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلى فى كل وحدة جديدة، طبقاً لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة ضخمة فى جودة الصناعة المصرية وإمكاناتها، ويزيد من قدرتها التنافسية فى الأسواق العالمية بسبب المعايير الصارمة للجودة التى تتطلبها صناعة المكونات النووية، التى ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات غير النووية التى تنتجها نفس المصانع.
كما أن مشروعات الطاقة النووية تعد من المشاريع العملاقة، والاستثمار فى هذه النوعية من المشاريع يعطى انطباعا بالقوة والثقة فى الاقتصاد المصرى، مما يسهم فى تحسين مناخ الاستثمار فى الدولة، بالإضافة أيضا إلى أن السعر التنافسى للكهرباء المنتجة من المحطات النووية سوف يعود بالنفع المباشر على المشاريع التجارية القائمة.
وهل يساهم المشروع النووى فى توفير فرص عمل؟
- المشروع سيوفر عدة مزايا اجتماعية واقتصادية، منها توفير نحو عشرة آلاف فرصة عمل جديدة للشباب المصرى، خاصة لأهالى مطروح خلال فترة الإنشاءات التى تصل لمدة 8 سنوات للمفاعل الواحد، فضلاً عما لا يقل عن 4 آلاف فرصة عمل أخرى بعد التشغيل، بالإضافة للتنمية الاقتصادية للشركات المصرية التى ستشارك فى المكون المحلى، الذى يصل بنسبة المشاركة المحلية بدءا من الوحدة الأولى بنسبة %20 وصولا للوحدة الرابعة بنسبة %35 مما سوف يسهم فى تحسين والارتقاء بالصناعة المحلية وفتح أسواق عالمية وخلق المزيد من فرص العمل.
وكيف يتم اختيار العاملين بالمشروع؟
- الهيئة تعمل على دعم وتوفير كوادرها بصفة مستمرة من خلال الإعلانات، وتتم عملية الاختبارات والتعيينات على أعلى مستوى، وفقا لمعايير ومتطلبات العمل بالمشروع النووى، حيث يمر المتقدم مثلا من حاملى الشهادات الجامعية بمجموعة من الاختبارات تشمل الاختبار الفنى التخصصى ثم اختبارات السمات الشخصية واللغة الإنجليزية والحاسب الآلى ثم إجراء المقابلة الشخصية، وهى اختبارات متعددة تهدف إلى اختيار أفضل العناصر للعمل بالمشروع.
وما هى سيناريوهات الهيئة للتعامل مع أى تسرب إشعاعى؟
- التكنولوجيا المستخدمة لمحطة الضبعة النووية تنتمى إلى تكنولوجيات مفاعلات الجيل الثالث المطور «Gen 3+»، وهى التكنولوجيا الأعلى حاليا وتتميز بأعلى مستويات الأمان النووى، إذ إن معدل انصهار قلب المفاعل أقل من 1 إلى 10 ملايين مفاعل فى سنة، كما تتبع فلسفة الدفاع من العمق والتى تعتمد على وجود عدة حواجز مادية تحول بين المواد المشعة والبيئة المحيطة، بالإضافة إلى وجود نظم أمان سلبية لا تعتمد على وجود الطاقة الكهربية، كما أن المفاعل يستطيع تحمل اصطدام طائرة تجارية ثقيلة تزن 400 طن وتسير بسرعة 150 مترا على الثانية، كما يستطيع تحمل تسونامى حتى ارتفاع 14 مترا، ويتحمل الزلازل حتى عجلة زلزالية 0.3 من عجلة الجاذبية الأرضية، ويستطيع تحمل الأعاصير والرياح، كما يتميز تصميم المفاعل الروسى بأنه مزود بماسك أو مصيدة لقلب المفاعل «core catcher» لاحتواء قلب المفاعل والمواد عالية المستوى الإشعاعى بداخله، وذلك حال حدوث لا قدر الله حادث جسيم أدى إلى انصهار قلب المفاعل، وبذلك لا يسمح بتسرب تلك المواد إلى البيئة المحيطة.
كل احتياطات الأمان تلك من شأنها أن تبدد أية مخاوف من حدوث تسرب إشعاعى أو حادثة نووية، كما حدث فى تشرنوبل، كل هذا بالإضافة إلى فريق متخصص بالتأهب والاستجابة لحالات الطوارئ يتولى مسؤولية وضع خطة الاستجابة للطوارئ بمحطة الطاقة النووية.
وفى حالة حدوث انصهار لا قدر الله، يتم عمل إطفاء ذاتى للمفاعل بدون تدخل بشرى، بالإضافة إلى أن هناك 4 مراحل تتصدى لأى حوادث بالمفاعل يصعب تسرب أى إشعاع لخارج المفاعل.
من أين يأتى الوقود النووى وهل هو احتكار لروسيا؟
- الجانب المصرى تعامل بحرفية عالية فى وضع شروط تضمن إمدادات الوقود النووى اللازم لتشغيل مفاعلات الضبعة تحت أى ظروف سياسية، وشدد خلال الاتفاق على أن وجود ضمانات لتوريد الوقود بعقد طويل المدى يضمن توريده تحت أى ظروف سياسية قد تطرأ، وهو عقد ملزم للجانب الروسى، ولدينا بدائل لتأمين توريد الوقود فى حالة حدوث أى أزمة، بجانب وجود استراتيجية لدينا لتأميــن خطط الإمداد طويلة الأجل بالوقود النووى «الاستراتيحية المصرية لتأميــن خطط الإمداد طويلة الأجل بالوقود النووى»، ولا يوجد تخوف حاليا من التعامل مع الوقود لتوافر حلول للتعامل معه لدينا.
هل هناك خطة لبناء مفاعلات جديدة؟
- مصر من أوائل الدول التى أدركت منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضى أهمية استخدام الطاقة النووية فى توليد الكهرباء، ونحن الآن بصدد تحقيق الحلم النووى، والبرنامج النووى المصرى برنامج طموح لإنشاء محطات للقوى النووية ولن يقتصر على محطة الضبعة فقط، وقد تم إجراء مسح شامل للمواقع المرشحة داخل الجمهورية، وذلك لدراستها وفقا للمتطلبات والمعايير النووية المصرية وتحديد مناسبتها لإقامة المحطات النووية، ويتم حاليا إجراء دراسات حقلية لكل من موقع النجيلة 1 وموقع النجيلة 2 بمحافظة مطروح.
من سيمتلك مفتاح المحطة النووية؟
- هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء هى المالك والمشغل، وهى المسؤولة عن تنفيذ مشروعات إنشاء محطات القوى النووية والمشروعات المرتبطة، وكذلك التشغيل والصيانة والإدارة، والقيام بإجراء البحوث والتطوير والدراسات وأعمال الخبرة للمحطات النووية لتوليد الكهرباء خلال جميع مراحل المشروع، طبقا للأكواد والمعايير ومتطلبات الأمن والأمان المحلية والعالمية.
وهل سيكون تشغيل المفاعلات مسؤولية الروس؟
- صيانة وإدارة المحطة النووية هى مسؤولية الجانب المصرى من خلال العمالة المدربة على أعمال التشغيل والصيانة، فى حين يقتصر دور الجانب الروسى، خلال السنوات الأولى للتشغيل بعد التسليم النهائى للمحطة، على تقديم خدمات الدعم الفنى للتشغيل والصيانة فقط، وتوفير قطع الغيار، حيث يقل الطلب على هذه الخدمات تدريجيا مع اكتساب الخبرات فى هذا الصدد.
نريد أن نعرف كيف تكون دورة العمل بالمفاعل النووى؟
- محطات الطاقة النووية تنتج الكهرباء بطريقةٍ مشابهة كثيرًا لمحطات الطاقة التقليدية، فالمحطات عموًما تستخدم مصدرًا لإنتاج الحرارة التى تحول المياه إلى بخار، ثم يشّغل ضغط البخار مولد الكهرباء ثم تنتج الكهرباء، ويكمن الاختلاف بين المحطات فى نوع مصدر الحرارة، وفى محطات الوقود الأحفورى يكون مصدر الحرارة من حرق الفحم أو النفط أو الغاز الطبيعى، أما فى محطات الطاقة النووية يكون المصدر الأساسى للحرارة هو انقسام الذرات أو ما يطلق عليه عملية الانشطار النووى.
وتُطلق المفاعلات النووية حرارة، تنتج بدورها البخار، بعدها يقوم البخار بتدوير توربين متصل بمغناطيس كهربائى يُسمى «المولّد» بعدها ينتج المولّد الكهرباء.
هل ستكون هناك إقامة وإعاشة بجوار المحطة؟
- بالطبع نعم، والمشروع النووى يساهم فى تنمية محافظة مطروح ومنطقة الضبعة وحدوث رواج اقتصادى بالمنطقة، وذلك من خلال فتح أسواق جديدة أثناء عمليات الإنشاء والتشغيل والاستفادة أيضا من بناء العديد من الأسواق التجارية لتوفير احتياجات العاملين بالمشروع ولسكان مدينة الضبعة والاستفادة من تطوير البنية التحتية من مرافق مياه وكهرباء وطرق واتصالات، وأيضا الاستفادة من تطوير الخدمات الصحية والتعليمية، كما يمكن الاستفادة من وضع المشروع النووى على قائمة المزارات السياحية بمصر.
وماذا عن رواتب العاملين بالمشروع؟
- بدعم من رئيس الوزراء ووزير الكهرباء، عملنا على تحقيق الاستقرار المادى والدعم المالى للعاملين بالهيئة، بما يتناسب مع قدرات وإمكانيات الدولة، وذلك للحد من ظاهرة التسرب، خاصة أن هناك عدة دول بدأت فى إنشاء المفاعلات النووية، وتستقطب العاملين ذوى الخبرة والكفاءة، وتم ربط رواتب العاملين بالكفاءة والإنجاز لذا لا يوجد راتب ثابت.
كيف سيتم تدريب العاملين على تشغيل المفاعل؟
- بناء الكوادر البشرية عملية مستمرة، لذا سوف يتم تدريب الكوادر المصرية لعملية التشغيل والصيانة بمعرفة المورد الرئيسى للمحطة النووية المصرية، حيث يشمل التعاقد مع شركة روس اتوم الروسية تدريب الكوادر المصرية، وسيتم تدريب 2150 فردًا على التشغيل والصيانة وإدارة المفاعلات النووية، كما سيتم تدريب المشتغلين تدريبًا نظريًا ثم تدريبًا عمليًا فى المحطة المرجعية والمصانع بروسيا فترة لا تقل عن سنة، إضافة إلى التدريب فى نموذج محاكى لمحطة الضبعة، الذى سيقوم الجانب الروسى بإنشائه ثم المشاركة فى تجارب التشغيل.
وكيف ستكون الاستفادة من مدرسة الضبعة؟
- إدارة وتشغيل المحطة يتطلب وجود عمالة فنية مدربة على أعلى مستوى، سيكون الخريجون من طلاب مدرسة الضبعة النووية هم الركيزة الأساسية للعمالة الفنية التى سوف يتم الاستعانة بها بمحطة الضبعة النووية، وسوف يقوم الجانب الروسى بإنشاء مركز للتدريب يشتمل على محاكى للمحطة النووية، ومن الطبيعى أنه فى مرحلة ما بعد بناء المحاكى أن يقوم هؤلاء الطلاب بتلقى بعض التدريب من خلاله، ومؤخرا قام وفد من الهيئة، يضم رئيس الهيئة وقياداتها، بزيارة المدرسة النووية والوقوف على أسلوب دعمها من الناحية الفنية، وجارى التنسيق حاليا على توفير بعض المراجع الفنية، وتنظيم ندوات علمية وفنية لطلبة المدرسة.
وماذا عن مراحل إنشاء المشروع حتى خروجه للنور؟
- المشروعات النووية لها طبيعة خاصة، حيث يتم التنفيذ للمشروع من خلال ثلاث مراحل رئيسية، المرحلة الأولى هى المرحلة التحضيرية لما قبل الإنشاء، ومدتها حوالى عامين ونصف العام، وبدأت من ديسمبر 2017 وهى المرحلة التى يمر بها المشروع الآن، وتشتمل على الأنشطة والأعمال الخاصة بالتصميم واستصدار الأذون والتراخيص واستكمال مرافق البنية التحتية، وإعداد التجهيزات اللازمة للبدء فى إنشاء المحطة، وتشمل عقد الاجتماعات الفنية بين فريقى المشروع من الجانبين المصرى والروسى، وتبادل الوثائق الفنية وتنفيذ التزامات التعاقد وفق الجدول الزمنى المتفق عليه، وكذلك متابعة إجراءات الحصول على التراخيص والموافقات الأمنية للخبراء والأجهزة والمعدات اللازمة لأعمال المسح الهندسى، وعمل بصمة كاملة للموقع وصور لقاع البحر وقياس الزلازل.
المرحلة الثانية هى مرحلة الإنشاء ومدتها خمسة أعوام ونصف العام، وتبدأ بعد الحصول على إذن الإنشاء، وتشمل جميع الأعمال الخاصة بالإنشاءات والتركيبات والتدريب والتجهيز لبدء اختبارات التشغيل، أما المرحلة الثالثة، وهى مرحلة الاختبارات وتبدأ بعد الحصول على إذن إجراء اختبارات ما قبل التشغيل وحتى التسليم الابتدائى للوحدة، والحصول على ترخيص تشغيل المحطة ومدتها عام تقريبا.
وأخيرا.. متى نرى أول مفاعل نووى مصرى على أرض الواقع؟
- سيتم البدء فى صب أول خرسانة لإنشاء المفاعل الأول بقدرة 1200 ميجا وات منتصف 2020.