أكرم القصاص - علا الشافعي

خالد ناجح

مصر فى الدرب الأحمر

الإثنين، 25 فبراير 2019 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حى الدرب الأحمر يعد من أقدم مناطق القاهرة التاريخية، حيث يضم 65 أثرًا إسلاميًا، فضلا عن احتوائه على جامع الأزهر والذى لم تمنع قدسيته يد الإرهاب الخسيس من أحد شوارعه.
 
ففى شوارع هذا الحى القديم الذى سكنه أحد الإرهابيين، التقطت أعين المصريين مجموعة صور أمامها توقف نظر كل من شاهدها فى الحادث، وحسب ترتيبها فى الأحداث، الصورة الأولى لإرهابى رصدته الأعين الساهرة على حماية أمن الوطن وهى تتبعه بعد أن قام بإلقاء قنبلة فى ميدان الجيزة أمام مسجد الاستقامة، فيما الناس يستعدون لأداء صلاة الجمعة بالوضوء، كان الإرهابى الخسيس يجهّز عبوة بدائية الصنع ليستهدف بها رجال الشرطة المرابطين بمحيط المسجد يحرسون الركع السجود، ويتم التوصل إليه بهذه السرعة ورجال الأمن كانوا يعلمون أنه ربما يكون مفخخًا أو يحمل قنابل لزرعها فى مكان آخر، وكانوا يستطيعون قتله من بعيد لكنهم اختاروا ما تعلمونه، رغم أنه بإمكان رجال الشرطة إطلاق النار على الإرهابى لإجباره على الاستسلام عقب محاولته الهرب، فالقانون منحهم رخصة فى مثل تلك الحالات، والفيديو الذى سجل الجريمة البشعة كشف زيف ادعاءات بعض المنظمات المأجورة باستعمال القسوة والعنف من قبل شرطتنا المصرية.
الصورة الثانية، رجال شرطة يمسكون بفتى على دراجة هوائية وعلى ظهره حقيبة ويرتدى الكمامة، وبمنتهى التضحية والفداء أمسكوا به لعلمهم أن المعلومات أهم منه، لكنه استبق وفجر نفسه فيهم، وبالتالى لنا سؤال: ما تفسير المنظمات الحقوقية المشبوهة لارتداء الإرهابى للحزام الناسف أثناء سيره بالشارع؟
 
 بالطبع كان يتحسب لضبطه فى أى لحظة وكل ما يهمه تحقيق خسائر بقوات الشرطة والمدنيين، فهؤلاء الإرهابيون حاصلون على تدريبات مكثفة على كيفية التعامل مع رجال الأمن حال التعرض لهم أو ضبطهم،  وهناك حالة رعب حقيقية لدى لجان الإخوان وبقية التنظيمات الإرهابية من بث الفيديو، وهذا يتضح من التوجيهات التى صدرت لهم بالسخرية والشماتة، كحالهم عقب كل نجاح لأجهزتنا المصرية سواء الجيش أو الشرطة، لكن ذهب كل هذا وبقيت صورة من ضحوا بحياتهم فداء لنا جميعًا، فربما كنت أنت من تمر فى نفس اللحظة، كما كانت صاحبة الصورة الثالثة السيدة «حلاوتهم زينهم إبراهيم» صاحبة الـ44 ربيعًا التى ظهرت فى مقطع الفيديو فى أثناء تفجير الانتحارى لنفسه فى الدرب الأحمر، وتم نقلها إلى مستشفى الحسين الجامعى، كانت السيدة «حلاوتهم» ذاهبة لشراء «فينو» لابنتها الصغيرة لتحضير السندوتشات لها قبل الذهاب للمدرسة صباحا، ولشراء مستلزمات للأسرة ولابنتها شيرين التى تستعد للزواج الصيف المقبل، أصيبت وأُجريت لها 3 عمليات بعد نقلها إلى مستشفى الحسين الجامعى واستخراج شظايا من قدمَيها بعد أن تطاير حجابها من الانفجار.
 
وفى الحادث استشهد المقدم رامى هلال، أب لأربعة أطفال أكبرهم «لوجينا» 9 سنوات وأصغرهم «على» 3 سنوات، ومسؤول النشاط المتطرف فى قطاع الأمن الوطنى بالقاهرة، وشارك الشهيد فى إلقاء القبض على العديد من العناصر التكفيرية فى منطقتى السلام والمرج.
 
الشهيد رامى قبل أن ينتقل إلى القاهرة كان يعمل فى الشيخ زويد أيام 25 يناير، ووقتها أصحابه الذين كانوا معه استشهدوا، وعندما عاد للقاهرة قال «أنا كمان هحصلهم وفى يوم هكون شهيد».
 
كان الشهيد من ضمن المشاركين فى فريق البحث الذى ضبط المتهمين باغتيال المستشار الراحل هشام بركات النائب العام، وأيضا محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، أيضا ضبط المتهمين بمحاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبدالعزيز.
 
«يا وجع قلبى عليك يا ابنى.. يا رب أنا راضى إن ابنى يكون شهيد هو ضحى بحياته لَجل خاطر مصر اللى كان بيحبها تعيش»..
 
بنبرات صوت تحاول الثبات يتخللها الحزن لصاحب الصورة الرابعة اللواء على الدين هلال، الذى مر بأصعب اللحظات طوال حياته وهى اللحظة التى جاءت فيها قوات الأمن والمعمل الجنائى لأخذ عينات من الدم لمطابقتها بالأشلاء التى وجدوها فى موقع الحادث، وهو الذى شاهد ابنه للمرة الأخيرة من خلال مقطع الفيديو الذى نشر على القنوات والمواقع، وهو يمسك بالإرهابى ولحظة الانفجار التى لا يتحملها بشر رغم أنه شعر بقبضة فى قلبة قبل وقوع الانفجار بساعتين، حيث إنه اعتاد أن يكلم «رامى» فى تلك الأثناء، للاطمئنان عليه إلا أنه تلك المرة وجد هاتفه مغلقا.. اللواء الذى وهب حياته لحماية مصر قال: «كنت بكلم ابنى وهو بيلاحق الإرهابى ياريته رد أسمع صوته لآخر مرة فى حياتى وأقول له هتوحشنى يا رامى».
 
ووجه اللواء هلال رسالة للرئيس «بقول للريس أنا ابنى راح وأنا راضى بس عاوزك تجبر بخاطرى وتبرد نارى وتقضى على الإرهاب ابنى مات وأكبر أولاده بنت عندها 14 سنة».. ولم يبتعد عن الصورة أيضا الدكتور هشام هلال، شقيق الشهيد الذى قال عنه «عاش راجل واستشهد راجل وهو يخدم مصر فى مواجهة الإرهاب».
 
وأضاف شقيق الشهيد على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»: «فداكى نفسى وأهلى يا مصر، ورغم صعوبة الفراق إلا أنه مع طيران أشلائك للسما اديتنا شرف كبير أتمنى أن نستحقه، مكانك فى الجنة يا حبيبى حتى ألقاك.. تحيا مصر».
 
الصورة الخامسة كانت الجنازة العسكرية المهيبة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، التى تقدّمها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، والفريق عبدالمنعم التراس رئيس الهيئة العربية للتصنيع، واللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة، وعدد من قيادات وضباط وزارة الداخلية والقوات المسلحة، تم تشييع جثمان الشهيد المقدم رامى هلال بقطاع الأمن الوطنى، كما شُيع جثمانا الشهيدين محمد خالد ومحمود أبواليزيد أمينى الشرطة بمحل إقامتيهما بمحافظتى «الجيزة والشرقية» بل وتجسدت الصورة فى تعامل الدولة مع الحادث وكيفية إدارته من حيث البيانات الدقيقة والسريعة والتى لم تعط الفرصة للقيل والقال كما كان يحدث فى السابق وأيضا سرعة تحرك المسؤولين فى زيارات المصابين فى المستشفيات.
 
الصورة الأخيرة صورة جموع المصريين وهى تودع شهداءها فى الجنازات الشعبية للشهداء، هتافات من المواطنين والمشاركين بالجنازة ضد الإرهاب وسط زغاريد النساء، وردد الأهالى: «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله»، وهتافات تطالب بالقصاص من الإرهابيين».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة