طوال تاريخ محمد البرادعى لم نسمع له صوتا معارضا، وكان دائما فى حضن الأنظمة السابقة، ودعمه مبارك فى سباق الترشح لمنصب الوكالة الدولية للطاقة الذرية لدورتين كاملتين، بدأ منذ عام 1997 وحتى 2009 أى 12 سنة كاملة، قبل أن تغضب منه أمريكا وتساند اليابانى «يوكيا أمانو» لخلافته.
وبعد أن خرج البرادعى من الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى 2009 جلس الرجل على مقاهى «المعاشات» بالعاصمة النمساوية فيينا، ولم يستطع أن يصمت طويلا أمام فقدان منصب كبير يحقق له السلطة والشهرة، وسأل نفسه سؤالا: ماذا سأفعل وما هو السبيل الذى يجلب لى السلطة والشهرة والنفوذ من جديد؟! فهبطت عليه فكرة «شغلانة» رئاسة مصر، وأجرى اتصالات وجس نبض الإدارة الأمريكية، خاصة بعد وصول باراك أوباما للحكم، وحصل البرادعى على الضوء الأخضر، فقرر شد الرحال إلى مصر عام 2010 لتنفيذ الخطة، وتوظيف حالة الحراك المخفية إلى ضجيج واضح وعلنى، سواء فى مصر أو ما تدبره أمريكا، بحثا عن تغيير الأنظمة فى المنطقة..!!
ووصل البرادعى مصر، يوم الجمعة 19 فبراير 2010 وكان فى استقباله بمطار القاهرة لفيف من أعضاء حركة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين وشباب جماعة الإخوان الإرهابية.
ولم يمر إلا أسبوعا واحدا من وصوله لمصر، حتى فوجئنا به يعلن عن تشكيل جمعية وطنية برئاسته للضغط على نظام مبارك لتعديل الدستور وإلغاء حالة الطوارئ، وضم فى عضويتها مجموعة من النشطاء وشباب الإخوان.
ثم فوجئنا وقبل انتخابات مجلس الشعب المصرية 2010 بالبرادعى يدعو جماعة الإخوان الإرهابية، وحمدين صباحى ورفاقه، لمقاطعة الانتخابات، بهدف سحب الشرعية من مبارك ونظامه، مروجا أن مبارك ونظامه سيقومون بتزوير الانتخابات..!!
ولم تمر سوى أسابيع، حتى اندلعت ثورة الخراب والدمار، وسلم البرادعى البلاد لجماعة الإخوان، وكل التنظيمات المتطرفة والحركات الفوضوية، وعندما خرج الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 لإعادة مصر من الاختطاف، هرب البرادعى هروب الفئران، كونه لا يعيش إلا فى حالة الفوضى ويقيم على أطلال الخراب والدمار..!!
ورغم المكانة والشهرة التى تمتع بها البرادعى دوليا، لم يقدم لمصر، وطنا وشعبا، سوى الخراب والدمار، ولم نر منه مشروعا مفيدا للوطن، أو عملا إنسانيا أو خيريا يعود بالنفع على الغلابة والبسطاء الذين يتاجر بفقرهم لابتزاز الدولة.
وبمقارنة الدكتور محمد البرادعى، بالدكتور مجدى يعقوب، أشهر طبيب قلب فى العالم، يتبين الفارق الشاسع الذى تتجاوز مساحته المسافة بين السماء والأرض لصالح من عاد لبلاده ليقيم صرحا طبيا عظيما فى أقصى جنوب البلاد، وبين من عاد لبلاده ليدس أفكاره التخريبية والتدميرية، ولم يقدم مشروعا مفيدا واحدا للغلابة، حتى ولو كان جمعية خيرية، رغم ما يمتلكه من ثروات ضخمة.
مجدى يعقوب البروفيسور الحائز على لقب «السير»، ويتمتع بشهرة دولية طاغية، ومكانة اجتماعية مرموقة فى المجتمع الأوروبى، آثر أن يفيد بلاده، ويداوى قلوب الأطفال، ويعالج أوجاع الغلابة، مجانا، واختار مكانا بعيدا وهو أسوان، لينشئ مركزا طبيا لعلاج القلب، يضاهى المراكز الطبية الدولية، دون ضجيج، أو صخب إعلامى، أو المتاجرة، والابتزاز الرخيص على مواقع التواصل الاجتماعى، ودون أن يبحث عن مغنم فى السلطة.
مجدى يعقوب ترك بإرادته الشهرة والمجد ليعود إلى وطنه، مقدما كل علمه وخبراته التى اكتسبها فى مهنة الطب، لخدمة أبناء وطنه، رجل يبنى ويزيل آلام الناس، وكان يمكن له أن يجلس فى لندن، واضعا ساقا فوق ساق، يتمتع بحياته، ولكنه أبى إلا أن يقدم صرحا طبيا رائعا لبلده، دون أن يهاجم ويتأفف من الدولة، ويتهمها بالغطرسة والفشل، أو يتاجر بقضية الفقراء والمهمشين، مثلما فعل ومازال يفعل غيره..!!
أما محمد البرادعى، عاد للقاهرة، وأسس «الجمعية الوطنية للتغيير» لتحقيق حلم الجلوس على المقعد الرئاسى، وضم لعضويتها أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية والمتعاطفين معها من أمثال عبدالرحمن يوسف القرضاوى، ومصطفى النجار، التى أظهرت التسريبات الهاتفية بين الأخيرين، عدم قناعاتهما به، ولكن وبشكل نفعى جعلوا منه واجهة لخداع الناس فى الداخل، والاستفادة من اسمه فى المحافل الدولية.
ثم أسس حزب الدستور، وتركه، ثم شارك فى تأسيس جبهة الإنقاذ، وفى 9 يوليو 2013 صدر قرارا بتعيينه نائبا للرئيس، وأظهر قدرا عجيبا من التعاطف مع الإخوان، رافضا فض اعتصام رابعة، وقرر الاستقالة فى 14 أغسطس 2013، تاركا البلاد تواجه مصيرًا صعبا، وعاد من حيث أتى.
هنا تظهر حقيقة القيم الإنسانية والوطنية والأخلاقية للدكتور مجدى يعقوب، الذى عاد لوطنه يقدم خبراته وأمواله فى تخفيف آلام الناس، ويقيم صرحا طبيا عالميا، وبين محمد البرادعى الذى جاء ليؤسس جمعيات وحركات وأحزابا تعمل على إثارة الفوضى، والقلاقل لتخريب وتدمير البلاد..!!
ولك الله.. ثم جيش.. وشعب واع وصبور يا مصر..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة