«عازمون على عودة مصر إلى مكانتها، والإسهام الفاعل مع بقية دول القارة فى مواجهة التحديات المتربصة بنا، لاسيما الإرهاب والجريمة المنظمة والأوبئة وتدهور البيئة».. بهذه الكلمات رسم الرئيس عبد الفتاح السيسي استراتيجية لعلاقات مصر الأفريقية نظرا للأهمية التاريخية، واعتزاز القاهرة بانتمائها للقارة السمراء، واليوم سوف تتكلل الجهود المصرية فى مسيرة العودة للحضن الأفريقى على مدار الخمس سنوات الماضية فى العاشر من الشهر الجاري بتسلم الرئيس السيسي رئاسة البلاد للاتحاد الأفريقي لعام 2019.
على مدار سنوات بذلت الدولة المصرية جهدا كبيرا للتخلص من ميراث الجفاء الطويل الذى خلفته سنوات حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك والثورة والإخوان، ونجحت بشكل كبير فى تذويبه وتجاوز آثاره، وبجهود دؤوبة ومتواصلة عاد منحنى العلاقات المصرية الأفريقية للصعود مجددا، بعدما نجح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إعادة مصر إلى محيطها الأفريقى، واستعادة مكانتها بين دول القارة، فى ضوء إدراكه الواسع لأهمية الامتداد الأفريقى لمصر وارتباطه بدوائر الأمن القومى المتعددة.
وقبل نحو 5 سنوات من الآن بدأت الدولة المصرية تكثيف جهودها لإعادة إحياء التعاون مع القارة السمراء، لتدب الحياة فى شرايينها من جديد، وتعود أم الدنيا إلى أحضاء الأشقاء فى أفريقيا، فاستأنفت مصر حضورها الواسع ونشاطها الكبير فى العمق الأفريقى، والآن بدأت حصاد ما زرعته، إذ كُلّلت جهودها الحثيثة بالفوز برئاسة الاتحاد الأفريقى فى دوراته المقبلة بالعام 2019.
وحرصت الدولة المصرية على تأكيد جملة من الثوابت التاريخية والاستراتيجية، والالتزامات السياسية والعملية تجاه محيطها الأفريقى، فى مقدمتها إعلاء مبادئ التعاون الإقليمى، والمساهمات المصرية فى برامج الاتحاد الأفريقى، وعملت على تنمية دول القارة عموما، ودول حوض النيل خصوصا، فضلا عن تنوع سياسات وآليات التحرك المصرى تجاه بلدان القارة، بين تحركات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومائية، فضلا عن الدعم المصرى الواسع لجهود التنمية البشرية، من خلال إيفاد آلاف الخبراء والمختصين فى عشرات المجالات، واستقبال الآلاف من الأفارقة للتدريب فى المعاهد والأكاديميات المصرية، وتنوع مجالات واهتمامات «الصندوق الفنى للتعاون مع أفريقيا» التابع لوزارة الخارجية.
التحركات العملية للدولة المصرية تجاه القارة، واكبها خطاب سياسى جديد ومختلف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ما ساهم فى عودة مياه العلاقات المصرية الأفريقية إلى مجاريها، بينما يتواصل تأكيد الرئيس فى كل المحافل والمناسبات لتاريخية واستراتيجية علاقات مصر بالقارة السمراء، واعتزازها بانتمائها لها. وإلى جانب هذا حرصت مصر على قطع أشواط أبعد فيما يخص الانفتاح على دول القارة المختلفة، وتدشين مسارات متوازية من العلاقات الثنائية والتعاون المشترك مع دولها المختلفة، لتصبح حاضرة بقوة فى عشرات من الدول والمجتمعات، مستعيدة جانبا كبيرا من ميراثها العميق مع الدول الأفريقية ومواطنيها.
وتجنى مصر اليوم ثمار هذه النجاحات فبعد أقل من أسبوع، سوف تتكلل استراتيجية الدولة المصرية بترأس الاتحاد الذى اسهمت القاهرة فى تأسيس هيكله خلفاً لمنظمة الوحدة الأفريقية بقمة لومى عام 2000 وتم الاعلان عنه رسميا في يوليو 2002، ويتكون من 53 دولة أفريقية، كما تعد مصر المساهم الأكبر بالإضافة إلى كل من جنوب إفريقيا والجزائر و ليبيا و نيجيريا فى ميزانية الاتحاد التى تبلغ نسبتها 15%.
تاريخ مصر الممتد فى الاتحاد تمثل فى التوقيع على البروتوكول المنشىء لمجلس السلم و الأمن الافريقى التابع للإتحاد فى مارس 2004 ثم أودعت وثيقة التصديق على البروتوكول فى مارس 2005، وانتخبت مصر عضواً بالمجلس عن إقليم الشمال ثم بدأت فى ممارسة مهام عضويتها اعتباراً من 17 مارس 2006 لمدة سنتين وحتى نهاية مارس 2008، كما أطلقت مصر المبادرة المصرية لإنشاء آلية التشاور بين مجلسى السلم والأمن الافريقى والأمن الدولى خلال رئاستها لمجلس السلم والأمن فى ديسمبر 2006.
واستضافت القاهرة 7 اجتماعات وأنشطة أفريقية للإتحاد، فى مقدمتها القمة الأفريقية الحادية عشر التى عقدت فى شرم الشيخ فى 23يونيو-1 يوليو 2008، فضلا عن الدورة الـ42 لاجتماعات اللجنة الاقتصادية لأفريقيا لوزراء المالية و التخطيط لعام 2009 عقدت أيضا بشرم الشيخ فى الفترة من 2-7 يونيو 2009.
وفى أكتوبر 2009 عقد الاجتماع غير الرسمى لوزراء التجارة الأفارقة بالقاهرة للتحضير للمؤتمر الوزارى السابع لمنظمة التجارة العالمية، اعقبه المنتدى الوزارى الرابع للصين إفريقيا فى شرم الشيخ 6-9 نوفمبر 2009، وفى العام 2010 احتضنت المؤتمر الوزارى العربى الافريقى للوزراء المعنيين بالزراعة، وفى مارس 2010 عقد الاجتماع الرابع عشر للجنة الـ24 الوزارية للتعاون العربى الافريقى، وفى الشهر نفسه عقد مؤتمر وزراء الحدود الأفارقة فى شرم الشيخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة