ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أنه في ضوء عرض روسيا إرسال مستشارين لمساعدة الزعيم الفنزويلي المحاصر نيكولاس مادورو على مواجهة العقوبات الأمريكية ، أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة وروسيا تخوضان نوعا جديدا من نزاعات تدور رحاها بالوكالة في الفناء الخلفي للقارة الأمريكية .
واستهلت الصحيفة تقريرا لها في هذا الشأن بقول إن رد روسيا على المشهد الراهن في فنزويلا يتجاوز في الحقيقة رغبتها في الرد على واشنطن في تدخلها لسنوات طويلة في أماكن مثل أوكرانيا وجورجيا أو حتى انسحابها من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى.
وقالت الصحيفة إن سياسة روسيا تجاه فنزويلا تأثرت بشكل كبير بشخص يدعى إيجور سيتشين، وهو رئيس شركة النفط الوطنية في روسيا "روسنفت" ، والتي تدين فنزويلا بحوالي ثلاثة مليارات دولار وتمتلك أيضا حقلي غاز بحريين هناك، فضلا عن امتلاك حصص في أصول لديها أكثر من 20 مليون طن من النفط الخام .
واعتبرت الصحيفة أن انخراط سيتشين - الذي اجتمع مع مادورو في موسكو في سبتمبر الماضي ثم توجه إلى كاراكاس في نوفمبر التالي - في شأن فنزويلا يشير إلى أن سياسة روسيا في مجال الأمن القومي مدفوعة بشكل متزايد بمزيج من مصالح شركاتها الوطنية وطموحات أعضائها المقربين من الدائرة الداخلية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما أشارت إلى أن سيتشين كان له الفضل في تشجيع الحكومات الصديقة للكرملين في أمريكا اللاتينية على الاعتراف بمنطقتين انفصاليتين وهما جورجيا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
وبعد أن أصبحت نيكاراجوا أول دولة تقوم بذلك، زار سيتشين ماناجوا(عاصمة نيكاراجوا) وتعهد بضخ الاستثمارات الروسية هناك.. وبلغت مكافأة روسيا لهوجو تشافيز - الذي اعترف بـ "الدولتين" الجديدتين في عام 2009 - أكثر من ملياري دولار من القروض لشراء الأسلحة الروسية.. وإلى جانب ذلك، أنشأ سيشين اتحادًا ضم أكبر خمس شركات نفط روسية لتوجيه الاستثمار في فنزويلا.
ومع انهيار الاقتصاد الفنزويلي، كافحت كاراكاس لتسديد قروضها لروسيا : أكثر من 17 مليار دولار منذ عام 2006 مع ما يزيد عن ستة مليارات دولار مستحقة ، ومن المفترض أن تذهب نصف المستحقات للدولة الروسية بينما يذهب النصف الآخر لشركة روسنفت.
وعندما تراجعت كاراكاس عن مدفوعات الديون في خريف 2017، بدأت بعض الأصوات في الحكومة الروسية تتشكك في نهج سيتشين حتى أصبحت أكثر احتياجات سيتشين الإيديولوجية والجيوسياسية على المحك، غير أنه في السنوات الأخيرة، وسعت روسنفت حصتها في العديد من أصول النفط والغاز في فنزويلا واستولت على دور مربح في تسويق النفط الفنزويلي.
مع ذلك، رأت "فاينانشيال تايمز" أن دعم الولايات المتحدة لتغيير النظام في فنزويلا من الممكن أن يخدم مصالح سيتشين: فإذا أُجبر مادورو على الرحيل، وقامت السلطات الجديدة بنشر معلومات ضارة حول صفقات روسيا مع نظام مادورو، فسيكون من الأسهل التخلص من هذه الصفقات باعتبارها خدعة من قبل واشنطن.