فى ذهنى ملامح لفيلم أجنبى قديم لا أتذكر اسمه لكنى لا أنسى جملته المحورية «إنهم يؤذون الطفلة» يحكى عن أب أمريكى أقامت ابنته علاقة غير شرعية وعادت إليه ومعها طفلة، ولأنه يخشى الفضيحة حبس الطفلة «الحفيدة» فى غرفة مغلقة وكبرت، لكنها لم تتعلم شيئا ولم تعرف العالم، وعندما وصل الأمر إلى القضاء فى النهاية لم تستطع الطفلة سوى قول جملة «إنهم يؤذون الطفلة» وهى الجملة التى تعلمتها من جدتها.
كنت أظن أن مثل هذه الأمور هى مجرد فيلم أو حدوتة درامية لكنها وقعت فى مصر بشكل أكثر درامية مما يتخيل أحدنا، فقد نشرت المواقع الإخبارية عن أم حبست طفلها لمدة عشر سنوات فى غرفة مظلمة ببيت مهجور، فى قرية سجين الكوم التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية.
الذين عثروا على الطفل الذى صار شابا الآن قالوا تم العثور عليه عاريًا بدون ملابس ويجلس على أرض طينية وفى حالة سيئة، كما كشفت أن والدته ادعت أن نجلها قعيد ومريض نفسى على خلاف الحقيقة ورفضت إدخالهم للمنزل، وحرضته على رشقهم بالحجارة، كما قامت بكسر زجاجة وإعطائها لنجلها الذى حاول أن يتهجم على الشرطة وأعضاء فريق الإنقاذ، مؤكدة أن الشاب المحتجز يدرك جيدًا ما يدور حوله، وقادر على الانتباه لما يقال له.
مهما حاولت العثور على سبب لهذه الكارثة الإنسانية لن تستطيع، فما الذى يدفع أما لفعل ذلك فى ابنها، هل الخوف عليه يجعلها تلقى به فى هذا الظلام، وكيف للجيران أن يصبروا كل هذه السنوات على هذا الأمر الذى يقع على بعد أمتار منهم، ولم يتحركوا إلا بعدما خرجت الثعابين والفئران من البيت المهجور كى تهاجمهم.
الفيديو الذى نشره «اليوم السابع» والذى يظهر فيه الشاب «الضحية» لا يمكن وصفه إلا بالكارثى، فهو يخاف من كل شىء يلتصق بنفسه، ولا يقوى على قول شىء، لأنه لا يعرف شيئا من الأساس، وسوف يحتاج مجهودا جبارا كى يعاد تأهيله مرة أخرى من أجل أن يعود مرة أخرى للحياة.
نعم طالما يعيش الإنسان على هذه الأرض فسوف يرى من العجائب وسوف يسمع ما لا يخطر له على بال أبدا، ففى كل يوم يتكشف له عالم جديد كأنه قادم من الخيال ومحمل بالأساطير الحزينة التى تحول الناس إلى مسوخ وكائنات شريرة تسمم الحياة.