"كل حاجة اشتغلت فيها، جمعت قطن وقشرت ذرة، وخبزت للأهالى وخبزت للعمدة نفسه وجوزى كان أرزقى وكنت بعين معاه قبل وفاته ".. هذه الكلمات قالتها السيدة "حياتو محمد" 93 سنة، المقيمة بقرية ميت ربيعة مركز بلبيس محافظة الشرقية، التى ضربت أروع الأمثلة للسيدة الريفية التى كافحت مع زوجها منذ البداية وعملت على تربية بناتها وتزوجيهن بعد وفاته، ..
"اليوم السابع" التقاها لتروى لنا تفاصيل الحياة الشاقة التى عانت منها، حيث إنها تعد أكبر معمرة بقرية ميت ربيعة ولديها أكثر من 20 حفيدا.
داخل مسكن بسيط من الطوب الأبيض، ومعروش بالخشب والعروق الخشبية، مكون من غرفتين وحمام صغير، تعيش السيدة "حياتو" مع حفيدتها التى تقوم على خدمتها، تقابلنا معاها وقصت لنا قصة كفاحها فى العمل فى الحقول الزراعية، قائلة: "اشتغلت كل حاجة من جمع قطن وتقشير ذرة وزراعة محاصيل زراعية، بداية فى العمل كانت أيام الوسية (العزبة) كنا أسرة فقيرة وكنت بشتغل من سن 7 سنوات وكعادة الأرياف تزوجت بنت 14 سنة، ولم أنقطع عن العمل فى الوسية لأن زوجى كان أرزقى وكنت بعين معاه ".
و تابعت : "كنت بعمل فى الوسية بقرش صاغ فى اليوم، وأكتر مرة مسكت فلوس فى التوقيت دا لما اشتغلت 10 أيام فى الوسية وكانت بخمسة جنيهات، وربنا رزقنى بثلاثة بنات ولم أنجب ذكورا، لكن كان فيهم العوض، وبعد وفاة زوجى زوجت بناتى، وكانوا رجال فى العمل هم كمان شقيوا كتير مع رجالهم وحنين عليه".
وعن أيام الشقاء التى عانت فيها قالت: "كنت شاطرة فى كل حاجة ربنا كان أكرمنى بصحة جيدة، وكنت بعرف أعمل كل حاجة، وأمى علمتنى خبيز العيش الفلاحى، مثل جميع البنات فى زمنا، وكنت بخبز للأهالى وخبزت للعمدة نفسه، مكثت 4 أيام عنده للخبيز كان عند أسرته حفلة كبيرة".
وأردفت أنه من كتر الشقاء التى كانت تعانى منه معظم النساء فى هذا الزمن من العمل لمساعدة أزواجهن كان سببا رئيسيا فى أن الولادة كانت طبيعية وسهلة، حيث أكدت أنها ذات يوم كانت تحمل على رأسها من عزبة الجمالى التى تبعد مئات الأمتار عن قريتها 9 أحمال من الذرة الأخضر للمواشى، وكانت فى كل مرة تحمل حملا واحدا عبارة عن كمية من الذرة الأخضر، وكانت حامل فى بنتها فى الشهر الأخير جاءها ألم الولادة.
وتابعت: عندما عدت لتحضر الجاموسة و الحمار، وضعت فى أحد منازل الأهالى القريبة منى، وبعد الولادة عدت لمسكنى، حيث كانت أغلب السيدات فى ذلك الوقت تلد فى الأراضى الزراعية أو أمام الأفران البلدية أثناء الخبيز من كثر الشقاء كانت الولادة سهلة ".
وأوضحت أن نجلتها الثانية رزقها الله بإنجاب عدد كبير من الأطفال، وكانت تعمل فى الحقول، وفى كل صباح تترك لها أطفالها، فكانت تقوم على خدمتهم من إطعامهم وتوفير كافة متطلباتهم اليومية، وتابعت الست "حياتو" أنها لم تنقطع عن العمل فى الحقول والخبيز وتوقفت منذ 4 سنوات بمعاناتها مع المرض.
وما تخشى منه السيدة "حياتو" هو سقوط المسكن عليها فى أى وقت خاصة أن به تصدعات كثيرة لأنه منزل قديم خال من جميع الأجهزة الكهربائية، وجدرانه لا تمنع البرد فى الشتاء.
وعند سؤالها عن ما تتمناه من الدنيا، قالت: "والله كفاية رضا ربنا علينا، الرضا حاجة كبيرة من عند الله للى يقدرها ربنا بيحفظه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة