تتسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى فى دورته الجديدة، فى وقت تواجه فيه الدول الأفريقية تساؤلات مصيرية عن المستقبل، وتمثل فيه التنمية أحد أهم أعمدة التقدم، تمتلك الدول الأفريقية ثروات ضخمة زراعية وتعدينية، ومع هذا تعانى دول كثيرة من أزمات متعددة تنعكس فى الفقر والمرض ونقص الغذاء، فضلًا عن عدم الاستقرار. وعليه فإن وجود الاتحاد الأفريقى كمنظمة نشطة، تمكن أفريقيا من تخطى العقبات التى تحول دون التنمية، أو تستطيع حل أزمات تراكمت على مدى عقود وعطلت بعض الدول عن دورها وحرمت شعوبها من الاستقرار والتنمية. وذلك بمواجهة المشكلات المزمنة كالفقر والبطالة، والتى تؤدى إلى الصراعات والهجرة غير الشرعية. وهو ما تؤكد عليه مصر دائمًا، ويؤكده الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ظلت علاقة مصر بأفريقيا مثار تساؤل على مدى العقود الماضية، خاصة بعد أن تراجعت هذه العلاقة، التى بلغت أقصاها خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين. بعد الحرب العالمية الثانية بدأت الشعوب الأفريقية تنظر لثرواتها وواقعها بحثًا عن واقع أفضل تخرج به من التخلف والفقر والمرض، وتحكم مصائرها. وتزامن هذا مع صعود دول مثل مصر فى استقلالها ولهذا رأت أن مصالحها تقوم أكثر فى مجال متحرر يسيطر فيه الأفارقة على مقدراتهم وثرواتهم.
ودعمت مصر حركات التحرر واستضافت قادة التحرر، ويمكن التعرف على هذا فى شهادات قادة التحرر مثل نيلسون مانديلا، وسنجور ونكروما، كما استقبلت مصر مئات الأفارقة فى الجامعات المصرية وأرسلت بعثات علمية ودبلوماسية. وكان السعى إلى الاستقلال مصحوبًا بطموحات التنمية المستقلة، وسيادة الدول الأفريقية على ثرواتها.
وقطعت فكرة التوحد الأفريقى طريقًا طويلًا من بداية عقد الستينات بعد استقلال 15 دولة. وكان أول تجمع لدول أفريقيا بمؤتمر أكرا «عاصمة غانا» من 15-24 أبريل 1958، وأعلن دعم استقلال الدول الأفريقية، حتى أقر مؤتمر أديس أبابا ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، فى 22 مايو 1963، إذ اجتمع رؤساء «30» دولة أفريقية مستقلة، ووقعوا على ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية الذى عدوه دستور المنظمة، وتم الإعلان عن إنشاء المنظمة رسميًا فى 25 مايو 1963، على أن تكون عضوية هذه المنظمة مفتوحة للدول الأفريقية المستقلة ذات السيادة، بما فى ذلك الجزر الأفريقية شريطة أن تؤمن هذه الدول بمبادئ المنظمة المتمثلة فى سياسة عدم الانحياز، وعدم ممارسة التفرقة العنصرية حتى تأسس الاتحاد الأفريقى فى 9 يوليو 2002 خلفًا لمنظمة الوحدة الأفريقية.
وخلال العقود الأخيرة شهد العالم العديد من التحولات، والصراعات، فضلًا عن حلول المصالح والتنمية مكانًا مهمًا فى بناء واقع جديد أفريقيًا، وعليها فإن الاتحاد الأفريقى اتخذ خلال السنوات الأخيرة مجالًا واسعًا للتعاون الاقتصادى والتجارى، وأن تبقى هناك تنمية مستقلة وعوائد عادلة للشعوب الأفريقية.
اليوم فإن دول أفريقيا ترى أن التنمية بالتعاون يمكن أن تكون أكثر قدرة على بناء المستقبل، وتؤكد مصر أن عدم الاستقرار أو تعرض دولة للإرهاب أو التطرف أو الحروب الأهلية يؤثر بالسلب على باقى دول القارة، وأن الفقر والتخلف ليس قدرًا، وإنما هو اختيار يتطلب وضع أسس الاستقرار. كما تحرص مصر على تأكيد أهمية مواجهة البطالة والفقر والمرض بشكل جماعى فى دول القارة بما يعيد لمواطنيها قدراتهم على الفعل ورسم مستقبلهم بشكل واضح.
وتوظيف الإمكانات والثروات، فى عالم لا يعرف سوى لغة المصالح. وفى عصر تفرض فيه التكنولوجيا والاتصالات طريقًا للتنمية الحديثة والتدريب وتبادل الخبرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة