منذ ما يقرب من 4 أعوام، وتحديدا يوم 20 يوليو 2015، كتبت مقالا يحمل عنوان: «كل الأمراض يمكن الشفاء منها إلا الخيانة»، وسبب كتابة المقال، حينها، أن سرطان 25 يناير أزاح الأقنعة، وكشف ما لم نكن نتوقعه يوما، من أن مواطنين يحملون الجنسية المصرية، ويعيشون بيننا، ويترنمون بالانتماء والوطنية والقيم الأخلاقية، ويتدثرون بعباءة الدين، يتغلغل فى جيناتهم مرض الخيانة الخطير.
وبعد مرور 4 سنوات، تأكد واستفحل ورم الخيانة ليسكن أحشاء جماعة الإخوان الإرهابية والمتعاطفين معها، وقادة وأعضاء حركات أدعياء الثورية، وعدد كبير من النخب وأدعياء الثقافة، ونشطاء حقوقيين، ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر»، وأن هؤلاء يمارسون الخيانة جهرا وعلى الملأ فى القنوات الفضائية وبالمشاركة فى الاجتماعات والمؤتمرات التى ينظمها الأعداء ضد مصر، وبالارتماء فى أحضان قطر وتركيا، واعتبار هذه الخيانة، عملا وطنيا وثوريا لا يضاهيه عمل آخر، بل يتهمون الذين يدافعون عن الوطن، بالمطبلاتية والعبيد للمؤسسات، فى قلب فج ومقيت للحقائق.
ونظرا لاستمرار ممارسة هؤلاء للخيانة، حتى كتابة هذه السطور، وتماديهم فى الاستمتاع بهذا المرض، نقولها وبوضوح: لكل داء دواء يستطب به.. إلا «خيانة الوطن» أعيت من يداويها..!! لذلك لن تفلح جلسات علاج لهؤلاء، أو تأسيس مراكز طبية، متخصصة فى إزالة هذه الأورام، وأن قانون «العزل» الطبى، مطلوب تطبيقه عليهم وبحسم..!!
لأنه ببساطة، لا يمكن أن تحصل على لونين من البلح من نفس النخلة، وأيضا لا يمكن أن يجتمع الشرف والخيانة فى قلب إنسان واحد، والخيانة مرض خطير، ومع ذلك يمكن الشفاء من كل الأمراض، بما فيها المستعصية، مثل الأورام السرطانية، إلا مرض الخيانة وكراهية الأوطان، فلا شفاء منه نهائيا.
مرض الخيانة موجود فى كل المجتمعات، عالميا وإقليميا، لكن لم نتخيل أنه منتشر وبكثافة فى مصر إلا عقب اندلاع أحداث 25 يناير 2011، وتبين أيضا أن من كان يخرج علينا قبل يناير 2011، مفعما بالصحة الوطنية، ونقاء السريرة، والتفانى، وحب مصر، تبين أنه كان يتظاهر بذلك، وأن الكراهية، والخيانة تسكن و«معششة» فى جيناتهم الداخلية.
هؤلاء من أعضاء الجماعات والتنظيمات والحركات الإرهابية، التى ظهر عليها أعراض المرض بشكل صارخ، عقب ثورة يناير، ثم اكتشفنا أنه كان مرضا مزمنا بعد ثورة 30 يونيو 2013، مارسوا كل أنواع الخيانة، كبيرها قبل صغيرها، وبتفاخر، وتباهٍ عجيب..!!
ومرض الخيانة عبارة عن زيادة فى معدل انتشار خلايا الشهوة والنزوع إلى تحقيق مصالح ومتع شخصية، فى مقابل ضمور فى خلايا وجينات الشرف والكرامة والكبرياء المتمثل فى الانتماء وحب الأوطان، بمعدلات تفوق انتشار مرض السرطان اللعين.
مرضى الخيانة لديهم نزوع مرعب، وأمانٍ وآمال وطموحات، أن يروا أوطانهم وقد انهارت وسقطت، مثل ليبيا وسوريا واليمن والعراق، ولا يزعجهم أن يتقسم ويتحول إلى أطلال، تنعق فيه الغربان، اعتقادا منهم أن «المرمغة» فى رحيق الخيانة سيستمر، سواء فى الخارج بتركيا وقطر تحديدا، أو فى الداخل، ودون إدراك حقيقة واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، أن جزاء الخيانة أمران لا ثالث لهما، الموت أو السجن المؤبد.
الخونة يعملون ليل نهار بنشاط عجيب، لوضع وتنفيذ المخططات الهادفة إلى تدمير البلاد، وإثارة الفوضى، وتقويض عجلة التنمية، ويجب على جميع شرفاء هذا الوطن، حشد الإرادة الوطنية لفضح كل خائن وعميل، لينال الجزاء والعقاب الذى يستحقه، وإنقاذ مصر من هذا المرض المزمن اللعين، المشوه لكل القيم الأخلاقية والوطنية.
ونظرًا لكون الخيانة مرضا بغيضا، ومقززا، فإن القرآن الكريم ذكرها فى أكثر من موضع، منها فى سورة الأنفال، حيث قال تعالى: «وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ».. وقال فى سورة يوسف: «وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الْخَائِنِينَ».. وقال فى سورة الحج: «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ».. وقال فى سورة النساء: «إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا».
بجانب العديد من المواضع الأخرى التى ذكرت الخيانة بشكل عام، وقد أحصى العلماء الخيانة فى 5 أوجه، منها خيانة الأمانة والمال والنعمة والخيانة الزوجية وخيانة الأوطان، وأجمعوا حسب التفسيرات القرآنية على أنَّ كلَّ خائن لابدَّ أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره مهما تحصن بأدوات السرية، وستتكشف أعراض مرض الخيانة عاجلا أو آجلا.
ولك الله يا مصر...!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة