أكرم القصاص

مصير أطفال داعش.. بوابات التجنيد المفتوحة لإرهاب «معولم»

الثلاثاء، 12 مارس 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك خلاف فى الشكل بين تنظيم داعش وباقى تنظيمات الإرهاب التى شهدها العالم خلال نصف قرن، ومع هذا فإن هناك خيوطا تربط موجات التنظيمات الإرهابية التى ظهرت محليا وإقليميا طوال هذه الفترة. داعش يعتبر التطور الطبيعى للقاعدة، بل هو نشأ من تزاوج قيادات القاعدة المنشقة، على خلفية عمليات الغزو والحروب التى شهدها الشرق الأوسط خلال العقود الماضية، فقد نشأ تنظيم القاعدة برعاية أمريكية فى سياق الحرب الباردة، والصراع الذى كانت أفغانستان مكانا له فى أعقاب الغزو السوفيتى، وبعد سقوط السوفيت وخروج موسكو من الحرب الباردة، تم تجاهل آلاف المقاتلين مع كميات من المال والسلاح ليتخذوا من أفغانستان منطلقا لإعادة شن هجمات إرهابية فى مصر والجزائر والسعودية واليمن وتونس وبعض دول أفريقيا.
 
وبالرغم من أن مسيرة تنظيم داعش تمثل واحدة من أكثر ألغاز العقدين الأول والثانى من القرن العشرين تعقيدا، فإن لها جذورا لدى التنظيمات الإسلامية التكفيرية فى العديد من الدول، فقد كانت جماعة الإخوان هى بداية العنف المستند لنظريات دينية، وكل التنظيمات التى ظهرت فى السبعينيات والثمانينيات وحتى اليوم لها أساس تكفيرى واحد، انتقل من الشرق الأوسط إلى أوروبا.
 
واليوم يواجه تنظيم داعش هزائم متلاحقة، فإن هناك توقعات بأن الأفكار التى قام عليها التنظيم لاتزال قائمة، ويظل مصير آلاف المقاتلين فى التنظيم غامضا، عشرات الآلاف من الإرهابيين وأسرهم وأولادهم أصبحوا يمثلون أزمة لكل دول العالم، بما فيها أوروبا التى صحت فجأة على موقف معقد لمئات الإرهابيين يفترض أن يعودوا إلى بلادهم.
 
أوروبا ترفض استقبال مقاتليها، لكن النقاش الآن يدور حول مئات الأسر من زوجات وأطفال، الزوجات خاضعات لعمليات غسيل مخ كبيرة، ويبدو أنهن مقتنعات بأفكار التنظيم، وهو ما توضحه فيديوهات منتشرة لداعشيات يهتفن باسم أبوبكر البغدادى الخليفة الوهمى الذى لم تره أى من الداعشيات، بل إن أكثر من داعشية تظن أنها سوف تعود لدولة الخلافة.
 
المأزق هنا فى مئات الأطفال الذين ولدوا فى ظل صعود التنظيم الإرهابى، وبعضهم تم ضمه لداعش وتدريبه على القتال والتفجير والقتل، نحن أمام آلاف الأطفال ممن فقدوا طفولتهم، ويواجهون أزمة لاعلاقة لهم بها، بل إن أعدادا منهم ماتوا فى مخيمات عزل النساء الداعشيات.
 
وقد شهدنا شبابا بالغين انضموا لداعش من دول عربية وأوروبية، واقتنعوا بأفكار متخلفة من بطون التاريخ، وهؤلاء تم تجنيدهم من مواقع التواصل أو بفيديوهات ترويجية تم إنتاجها بدعم واسع من دول وأجهزة، بعضها معلن وبعضها خفى، وحتى الأوروبيين الذين ظنوا أن داعش ظاهرة شرق أوسطية يواجهون اليوم عودة شبابهم وقد اعتنقوا الفكر التكفيرى ويؤمنون بالقتل والذبح، وهؤلاء لم يكونوا من شباب الدول العربية والإسلامية، لكنهم ولدوا وتعلموا فى أوروبا ومع هذا وصلوا إلى الفكر الداعشى الدموى بشكل دفعهم للسفر إلى سوريا والعراق.
 
وبالتالى فإن الأمر لا يتعلق فقط بتنظيمات إرهابية محلية، لكنهم ينتمون إلى ما نسميه «الإرهاب المعولم»، حيث خطر التهديد لا يتوقف على منطقة الشرق الأوسط، لكنه يمتد إلى دول أوروبا وغيرها، حيث أخطار التجنيد لاتزال قائمة، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى كيفية مواجهة الأفكار التى يستند إليها الإرهاب فى استعادة مواقعه، وهى أفكار لاعلاقة لها بالسياسة والاقتصاد المباشرين، لكنها ترتبط باستمرار أفكار غامضة قابلة للانتشار، ومن هنا فإن آلاف الأطفال ممن ولدوا فى ظل صعود تنظيم إرهابى مثل داعش، ربما يكونوا بحاجة إلى تفكير فى كيفية انتشالهم من مصائر قد يتحولوا بها إلى جيل آخر من الإرهاب المعولم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة