رأيك الصادق قد يعرضك إلى خسارة محبة الناس، لكن رأيك الزائف يعرضك إلى خسران احترامهم، وهذا هو الخسران العظيم، هو تماما ما فعلته منظمة «هيومان رايتس ووتش».
آفة الرأى الهوى، تلك مقولة نرددها حينما نرى شخصا أو كاتبا أو مسؤولا يحرف الكلم عن مواضعه رغبة منه من إغماض الحقيقة لصالح أغراضه وتوجهاته، لكن الغريب الآن أن مؤسسة عالمية كبيرة مثل «هيومان رايتس ووتش» التى تدعى أنها تدافع عن الإنسان وحقوقه تسقط فى بئر الإغراض حتى يصل بها الحال إلى مغالطة المنطق وليس تلوين الحقائق فحسب.
قالت المؤسسة على موقعها وعلى لسان إحدى كاتبات تقاريرها «مصر تستحق أوسكار النفاق لاحتفائها برامى مالك»، هذا سب صريح لدولة بأكملها، وليس عنوانا لتقرير أو بحث أو دراسة أو حتى مقال، فلا تتناسب تلك اللهجة فى الحديث مع مؤسسة بحثية عالمية تدعى أنها تدافع عن حقوق الناس وحرياتهم، هذه مكايدة سياسية فجة تسقط ورقة التوت الأخيرة عن المنظمة وتبرز وجودها باعتبارها خصما لا حكما ولا حتى مراقبا، هذه لغة تتناسب تماما مع الصحف الصفراء ومنشورات الدعاية السياسية الرخيصة، ناهيك عن مجافاة المنطق والعلم وأبجديات التفكير السليم فى طيات التقرير.
الحجة التى تسوقها هذه الكاتبة لكى تستحق مصر هذا العنوان غير المنضبط هو أن مصر احتفلت واحتفت بفوز رامى مالك المصرى الأصل بجائزة الأوسكار كأحسن ممثل بعد أدائه لشخصية مغنى الروك الشهير «فريدى ميركور» الذى كان «مثلى الجنس»، بينما مصر بحسب ادعائها تضطهد المثليين جنسيا، وبحسب ادعائها أيضا فإن مصر لن تسمح بعرض الفيلم كامل لذات السبب، وهنا ينبغى أن نتساءل: ما دخل المثلية الجنسية فى هذا الموقف؟ وما الذى يضع مصر فى خانة النفاق؟ فقد احتفل المصريون بابن «سعيد مالك» لأنه ممثل كبير، وليس لأنه مثل دور مغنى مثلى، فالقيمة التى احتفلنا بها هى التمثيل وليس المثلية الجنسية، فلو كان رامى ابن «سعيد مالك» استحق الأوسكار لتجسيده دور زعيم المافيا لاحتفلنا برامى أيضا لا بالمافيا، ولو كان مثل دور ضابط فى المخابرات الأمريكية لاحتفلنا برامى أيضا لا المخابرات الأمريكية؟ ولذلك فإن تلك المنظمة تعمدت غش القراء والمطالعين لأخبارها وتقاريرها، وهى فى ذات الخانة من التخلف التى يقف فيها من يدعى أن فوز رامى بالجائزة كان لاختراق العالم العربى عبر دس السم فى العسل لتمرير فكرة المثلية الجنسية إلينا، فكلاهما مغرض، وكلاهما شاذ فكريا ونفسيا، وكلاهما كشف عن خلل حقيقى تعيش فيه بعض النخب، أو من تظن أنها «نخب».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة