"دبلوماسية الصواريخ".. هل تصبح وسيلة كوريا الشمالية لتحريك المياه الراكدة مع واشنطن؟.. اختبارات الصواريخ نجحت فى إجبار ترامب على التفاوض.. والخطوة المحتملة تقوض رؤية الإدارة نحو إعادة تشكيل تحالفاتها فى آسيا

الخميس، 14 مارس 2019 08:00 ص
"دبلوماسية الصواريخ".. هل تصبح وسيلة كوريا الشمالية لتحريك المياه الراكدة مع واشنطن؟.. اختبارات الصواريخ نجحت فى إجبار ترامب على التفاوض.. والخطوة المحتملة تقوض رؤية الإدارة نحو إعادة تشكيل تحالفاتها فى آسيا ترامب وكيم
تحليل يكتبه - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"لست فى عجلة من أمرى حول نزع السلاح النووى فى شبه الجزيرة الكورية.. لا أريد أن اتعجل أحدا.. لا نريد سوى عدم إجراء اختبارات".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل أيام من انطلاق قمته الأخيرة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون التى عقدت فى العاصمة الفيتنامية فى أواخر الشهر الماضى، والتى فشلت فى تحقيق أهدافها، بسبب إصرار بيونج يانج على رفع العقوبات المفروضة عليها من قبل الإدارة الأمريكية، وهو الأمر الذى ترفضه واشنطن تماما، للاحتفاظ بضغوطها على النظام الحاكم، ليس فقط فيما يتعلق بقضية نزع السلاح النووى، ولكن أيضا لإعادة توجيه بوصلتها فى المرحلة المقبلة، لتصبح قوى موالية لواشنطن، على حساب خصومها الذين طالما قدموا الدعم لها، وعلى رأسهم الصين.

وعلى الرغم من الإغراءات التى حاول ترامب تقديمها لنظيره الكورى الشمالى، والتى دارت معظمها حول الفرص الاقتصادية التى سوف تحظى بها بيونج يانج حال الاستجابة للمطالب الأمريكية وكذلك التلويح المتواتر بالنموذج الفيتنامى والذى تحول من أحد أبرز خصوم واشنطن إلى حليف لها، إلا أن تلك المحاولات لم تفلح فى إثناء إدارة كيم عن مطلب رئيسى، وهو رفع العقوبات الأمريكية، باعتباره الضمانة الرئيسية لتحقيق مستقبل اقتصادى أفضل، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الدولة الآسيوية تنتوى العودة من جديد إلى تجاربها الصاروخية من جديد فى محاولة جديدة للضغط على إدارة ترامب فى المرحلة المقبلة.

"دبلوماسية الصواريخ".. الاختبارات ورقة بيونج يانج لتحريك المياه الراكدة

يبدو أن خيار العودة إلى إجراء تجارب صاروخية فى كوريا الشمالية ليس بالأمر البعيد تماما عن حسابات النظام الحاكم، خاصة مع الشكوك المتزايدة سواء لدى جارتها الجنوبية، والتى أعلنت أنها تتابع عن كثب الأنشطة المتزايدة التى تقوم بها سلطات بيونج يانج، والتى تشير إلى استعدادات محتملة لإطلاق صاروخ جديد، أو حتى ما نقلته وسائل إعلام أمريكية فى هذا الإطار، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا للمخاوف المترتبة على فشل قمة هانوى، خاصة مع تزايد حالة انعدام الثقة من قبل السلطات الكورية الشمالية تجاه النهج الأمريكى، والذى اتسم بقدر كبير من التعنت.

كيم تمكن من قيادة ترامب نحو التفاوض عبر الاختبارات الصاروخية
كيم تمكن من قيادة ترامب نحو التفاوض عبر الاختبارات الصاروخية

ولعل التغريدة الاستباقية التى أطلقها ترامب، ربما تفتح الباب أمام النظام الحاكم فى كوريا الشمالية إلى العودة من جديد لما يمكننا تسميته بـ"دبلوماسية" الاختبارات الصاروخية فى المرحلة المقبلة، ليس فقط للرد على الموقف المتعنت من قبل واشنطن تجاه كوريا الشمالية، ولكن لتحريك المياه الراكدة فى المفاوضات بين الجانبين، خاصة وأن هناك شعور لدى مسئولى الدولة الآسيوية وزعيمها بأن الإدارة الأمريكية لم تقدم حتى الآن ما يستحق المزيد من التنازلات، على عكس بيونج يانج، والتى أبدت قدرا كبيرا من المرونة فى العديد من المواقف السابقة منذ ما قبل القمة الأولى التى عقدت فى سنغافورة، ليس فقط فى إطار تجميد أنشطتها النووية والصاروخية، ولكن أيضا فيما يتعلق بالاستجابة لمطالب ترامب فى العديد من القضايا الأخرى، وأبرزها إطلاق سراح السجناء الأمريكيين الذين أحتجزوا فى سجون كوريا الشمالية لسنوات وإعادتهم إلى بلادهم.

أداة دبلوماسية.. الاختبارات الصاروخية أجبرت واشنطن على التفاوض

ويمثل استخدام الاختبارات الصاروخية كأداة دبلوماسية من قبل إدارة كيم، بمثابة امتداد للنهج الذى تتبناه بيونج يانج منذ سنوات، وخاصة بعدما احتد التوتر مع واشنطن فى أعقاب وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض فى يناير 2017، حيث تزامنت التهديدات المتبادلة بين الرئيس الأمريكى ونظيره الكورى الشمالى على مواقع التواصل الاجتماعى مع الاختبارات الصاروخية التى أجرتها بيونج يانج، وهو الأمر الذى أثار قلقا دوليا كبيرا فى ذلك الوقت، من جراء احتمالات اندلاع حرب نووية بين الجانبين.

يم يتابع إطلاق أحد الصواريخ
كيم يتابع إطلاق أحد الصواريخ

وتعد المواقف الحاسمة من قبل زعيم كوريا الشمالية فى الرد على التهديدات الأمريكية، والتى وصلت إلى حد إرسال مجموعة من السفن الحربية إلى سواحل شبه الجزيرة الكورية، فى خطوة تنذر باقتراب الحرب، سواء عبر التصريحات أو الاختبارات الصاروخية، سببا رئيسيا فى اتخاذ واشنطن منحى أخر فى التعامل مع بيونج يانج، ليصبح التفاوض وسيلة لتقويض التهديد الذى تمثله الدولة المارقة، وهو الأمر الذى تجسد بوضوح فى إعراب الرئيس الأمريكى عن استعداده للتفاوض مع زعيم كوريا الشمالية، فى انعكاس صريح على فاعلية النهج الذى تبناه كيم فى التعامل مع التعنت الأمريكى.

كافة الخيارات مطروحة.. الخطوة المحتملة تقوض خطط ترامب فى آسيا

 وهنا تصبح كافة الخيارات مطروحة أمام النظام الحاكم فى كوريا الشمالية فى المرحلة الراهنة، لمواجهة الموقف الأمريكى الرافض لرفع العقوبات الأمريكية، وعلى رأسها العودة إلى تجاربها الصاروخية من جديد، خاصة وأن مثل هذه الخطوة ربما تمثل قلقا بالغا للرئيس الأمريكى، ليس فقط بسبب عودة التهديدات التى تمثلها بيونج يانج، ولكن أيضا لأنها تحمل الكثير من الأبعاد الأخرى، لا تتوقف فى تداعياتها على السياسة الخارجية الأمريكية، وإنما تمتد كذلك إلى الداخل الأمريكى.

القوات الأمريكية فى شبه الجزيرة الكورية
القوات الأمريكية فى شبه الجزيرة الكورية

الخطوة الكورية الشمالية المحتملة ربما تمثل تقويضا لأحد أهم الانتصارات الدبلوماسية التى سعى الرئيس الأمريكى للترويج لها، منذ قمته الأولى مع زعيم كوريا الشمالية فى سنغافورة فى شهر يونيو الماضى، بالإضافة إلى كونها قد تقوض خطط الإدارة الحالية بالانسحاب، أو على الأقل تخفيف الوجود العسكرى الأمريكى فى شبه الجزيرة الكورية، مع عودة التهديد النووى، كما انها تفسد رؤيتها القائمة على إعادة تشكيل التحالفات الأمريكية فى آسيا بشكل عام لمجابهة النفوذ الصينى، وهو الأمر الذى يترك تداعيات كبيرة على الداخل الأمريكى، وبالتالى تبدو إدارة ترامب فى حاجة ملحة لإعادة النظر فى موقفها من نقاط الخلاف مع بيونج يانج فى المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بتخفيف العقوبات المفروضة عليها لتحفيزها على تقديم المزيد من التنازلات فى المستقبل.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة