يبدو أن نظرية صامويل هننجتون الخاصة بصراع الحضارات تتحقق الآن من خلال جماعات متطرفة تدعى تمثيل الأديان. فالصراع الآن ينحصر فى قتال دموى بين جماعات أو أفراد يتسمون بالهمجية دافعهم ليس غلبة حضارة على أخرى ولكن الكراهية باسم الدين.
قبل عقود ليست طويلة ظهرت التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة، الذى شن باسم الإسلام أبشع هجوم إرهابى فى تاريخ الولايات المتحدة بلغ عدد ضحاياه نحو 3000 شخص، ثم قبل سنوات قليلة ظهر داعش مرتكبا جرائم هى الأفظع فى تاريخ منطقة الشرق الأوسط، ومنذ ذلك الحين يزداد فى المقابل اليمين الغربى تطرفا وظهرت فى الجزء الشمالى من الكرة الأرضية جرائم قتل بحق المسلمين من قبل متطرفين بيض كانت إحداها تلك الجريمة البشعة التى استهدفت مصلين سلميين فى مسجد بمقاطعة كيبيك فى كندا فى 2017.
واستيقظ العالم اليوم على مذبحة جديدة من نوعها على الجزء الجنوبى من الكرة الأرضية، حيث شهدت مدينة "كرايست تشيرش" فى نيوزيلندا ما يمكن وصفه بمذبحة إرهابية ضد مصلين فى اثنين من المساجد خلال صلاة الجمعة، راح ضحيتها حتى الآن 49 شخصا. بحسب رئيس وزراء استراليا فإن منفذ الهجوم هو مواطن استرالى يمينى عنيف.
وأظهر مقطع فيديو- انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعى والتقطه مسلح على ما يبدو وتم بثه على الهواء مباشرة خلال الهجوم- المهاجم وهو يقود سيارته إلى مسجد ثم يدخله ويطلق الرصاص على من بداخله. فيما قال شهود لوسائل الإعلام إن رجلا يرتدى ملابس مموهة تشبه ملابس الجيش ويحمل بندقية آلية أخذ يطلق النار عشوائيا على الناس فى مسجد النور.
وبحسب مفوض شرطة نيوزيلندا مايك بوش فإن هناك "أربعة أشخاص محتجزين. ثلاثة رجال وامرأة". ومضى قائلا: "وردتنا بضعة بلاغات بوجود عبوات ناسفة بدائية الصنع مثبتة فى مركبات وتمكنا من إبطال مفعولها".
هذا الهجوم الذى يبدو أنه تم تخطيطه بين مجموعة كاملة بشكل محترف ومنظم لاسيما فى اختيار توقيت الهجوم، حيث صلاة الجمعة التى تكون فيها المساجد أكثر أزدحاما بالمصلين، يبدو مستلهما من أسلوب الجماعات الإرهابية فى الشرق الأوسط، وهو ما يشكل إنعكاسا لتصاعد قوى الكراهية التى يتزايد ضحاياها من الأبرياء.
ورغم أن حوادث القتل نادرة فى نيوزيلندا، إذ وقع 35 حادثا فقط فى أنحاء البلاد منذ عام 2017، فإن الهجوم الأخير يطرح جدلية أخرى يواجهها العالم الغربى، ورغم أنها برزت فى الولايات المتحدة وأوروبا، حيث اتساع الخطاب المعادى للمهاجرين باختلاف دياناتهم، إذ أن الهجوم استهدف مصلين أغلبهم من المسلمين المهاجرين واللاجئين، بحسب ما أفادت به وسائل الإعلام المحلية.
وتتخذ قضية كراهية الغرباء حيزا متزايدا داخل المجتمعات الغربية فى ظل تصاعد اليمين المتطرف الذى بات يرفع السلاح فى وجه الغرباء.