أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن بر الأم من المشتركات الإنسانية التى أجمعت عليها جميع الشرائع السماوية والفطر الإنسانية السوية وسائر الأعراف والتقاليد، لا يشذ عن ذلك إلا شاذ عن الدين والقيم منسلخ من كل المعانى الإنسانية متجرد من الحس والشعور الإنسانى النبيل.
كما أكد وزير الأوقاف، خلال خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الجامع بمدينة أسوان، على فضل الأم وضرورة إكرامها وبيان حقها، وأنه لأمر حسن أن يحتفى بها وأن يكون هناك يوم للتذكير بفضلها ورد بعض معروفها وجميلها، غير أننا نؤكد أنه لن يكون بارا بها ولا وفيا لها من يقدم لها هدية أيا كانت قيمتها أو ثمنها فى يوم تكريمها والوفاء لها ثم لا يحسن إليها غاية الإحسان عمرها كله، فما أحسن إليها فى يومها من تأفف منها أو قال لها أف فى عامها، ورب العزة سبحانه وتعالى يقول فى كتابه العزيز : "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا" "الإسراء: 23، 24".
وأضاف جمعة، أن بركة دعاء الأم إنما تصحب الإنسان طوال حياته، وتكون بابا واسعا لرحمة الله به يوم القيامة، بل تمتد إلى بركة فى دعاء الولد البار، فالبار بوالديه حق البر مستجاب الدعوة، فقد أتى وفد من أهل اليمن على سيدنا عمر بن الخطاب "رضى الله عنه" فسألهم : أفيكم أويس بن عامرٍ ؟ حتى أتى على أويسٍ، فقال : أنت أويس بن عامرٍ ؟ قال : نعم، قال : من مرادٍ، ثم من قرنٍ ؟ قال : نعم، قال : فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهمٍ؟ قال : نعم، قال : لك والدة؟ قال : نعم، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، يقول : (يَأْتِى عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ، إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ)، فاستغفِرْ لى، فاستغفر له، فقال له سيدنا عمر "رضى الله عنه": أين تريد؟ قال : الكوفة، قال : ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال : أكون فى غبراء الناس أحبُّ إلى، ففى كلام النبى "صلى الله عليه وسلم" إشارة إلى أن استجابة الله "عز وجل" لدعائه كان بسبب بره أمه.
كما أن الإنسان البار بوالديه يظل بارًا بهما معترفا بفضلهما مكرما من كانا يكرمان طول حياته، فعن. عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه كان إذا خرج إلى مكة كانت له دابة يتروح عليها إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يوما على هذه الدابة إذ مر به أعرابى فقال: ألست فلان بن فلان قال: بلى. فأعطاه الدابة وقال اركب هذه، والعمامة، وقال: اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه : غفر اللَّه لك! أعطيت هذا الأعرابى دابة كنت تروح عليها، وعمامة كنت تشد بها رأسك، فقال: إنى سمعت رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) يقول: (إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي) وإن أبا هذا كان ودا أى صديقا لعمر (رَضِى اللَّهُ عَنْهُ).
وأكد وزير الأوقاف أن القرآن الكريم حرم قتل النفس بغير حق مؤمنة أو كافرة، فكل الدماء معصومة، وكل الدماء حرام، وجاءت كلمة نفس فى قوله تعالى:"أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا " لتفيد العموم والشمول".
وقال الوزير، لكن لنا وقفة هامة عند قوله تعالى:"ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، دلك لأن الإحياء الحقيقى لا يكون إلا لله عز وجل، ومن ثمة فالإحياء هنا أمر مجازى، والمعنى من حافظ على حياتها ودفع عنها الأذى وسبل الهلاك، سواء بكف شر الإرهاب والإرهابيين عنها، أو بتوفير ما يؤدى إلى استمرار حياتها مما ليس منه بد من ضرورات الحياة ،وإذا كان من سقى الكلب حفاظا على حياته شكر الله له فغفر له فدخل الجنة، فما بالكم بمن بحافظ على حياة الناس ويعمل على تأمينها وتأمين ما تحتاج إليه من ضرورات بقائها، إنه يكون وفق منطوق الآية الكريمة "فكأنما أحيا الناس جميعا ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة