لا يزال الحادث الإرهابى الذى استهدف مصليين بمسجدين فى مدينة كرايست تشرش بنيوزيلندا، يهيمن على اهتمام العالم مع ارتفاع عدد القتلى إلى 50 شخصا، فى الوقت الذى لا يزال فيه العشرات مصابين بعضهم فى حالة حرجة.
وأعلنت رئيسة وزراء نيوزيلندا جسيندا أرديرن، أن مكتبها تلقى أمس الأول الجمعة "بيانا" من المسلح قبل دقائق من حصول الاعتداء. وصرحت أرديرن اليوم قائلة "كنت واحدة من أكثر من 30 متلقيا للبيان الذى أرسل قبل تسع دقائق من حصول الاعتداء".
رئيسة وزراء نيوزيلندا داخل المسجد
وأشارت إلى أن البيان لم يتضمن أى موقع أو تفاصيل محددة، موضحة أنه تم إرساله إلى أجهزة الأمن خلال دقيقتين من استلامه.
وأوضحت أن المتهم بالقتل موجود فى سجن شديد الحماية، وأن الشرطة ستحرس المساجد خلال الصلوات وستكون بالقرب منها فى كل الأوقات، وأكدت مجددا أن الحكومة ستجرى مناقشات اليوم الأحد حول تغيير قوانين حمل السلاح.
رسائل التضامن
كما أشارت أرديرن إلى أن حكومتها ستجتمع غدا، الاثنين، لمناقشة تفاصيل كيفية تغيير قوانين الأسلحة فى البلاد، وأضافت أنه سيكون هناك تواجد للشرطة فى المساجد. وأضافت أيضا أنها ستناقش بشكل مباشر مع فيس بوك كيفية قيام منفذ الهجوم الإرهابى ببثه الفاجعة مباشرة عبر منصبته.
وكانت أرديرن قد أعلنت أن المشتبه به فى إطلاق النار على المسجدين بمدينة كرايست تشرش، سيحاكم فى نيوزيلندا رغم أنه استرالى الجنسية. وقد وجهت إلى تارنت اتهامات القتل وظهر أمام المحكمة أمس السبت. ومن المتوقع أن يواجه مزيد من الاتهامات بحسب ما قالت رئيسة الوزراء، إلا أنها لم تحدد ما إذا كان من بينها اتهامات الإرهاب.
نيوزيلندا
وقد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن منفذ الهجوم قد عمل وحده على الأرجح، فيما يطلق عليه بـ "الذئب المنفرد"، وذلك بعدما أطلقت الشرطة سراح أشخاص ألقت القبض عليهم بعد الحادث تبين أن لا صلة لهم بالأمر.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن الهجوم الدموى على مسجدين فى نيوزيلندا يوم الجمعة الماضى كشف ضعف مشاركة المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وحلفائها حول تهديدات الإرهاب المحلية.
تضامن مع المسلمين
وقالت الصحيفة، إن الولايات المتحدة وأقرب حلفائها قد أمضوا حوالى عقدين فى إنشاء نظام دقيق لمشاركة المعلومات الاستخباراتية بشأن الجماعات الإرهابية الدولية، وقد أصبح أحد الأعمدة الرئيسية فى الجهود العالمية لإحباط الهجمات.
لكن لا يوجد تنسيق مشابه لمشاركة المعلومات عن التنظيمات الإرهابية المحلية، بما فى ذلك المتطرفين اليمنيين مثل منفذ إطلاق النار على مسجدين فى نيوزيلندا مما أسفر عن مقتل 50 شخصا حتى الآن، حسبما قال مسئولون أمنيون سابقون حاليون وخبراء مكافحة الإرهاب.
الورود أمام المسجد
ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومات بشكل عام تنظر إلى جماعات المتطرفين القوميين كمشكلة تواجهها أجهزة الأمن وتنفيذ القانون المحلية. وفى الولايات المتحدة، تقع مسئولية هذا الأمر بشكل أساسى على مكتب التحقيقات الفيدرالية "إف بى أى".
لكن الجماعات القومية فى الدولة المختلفة تلهم بعضها البعض بشكل متزايد، ويتوحدون عبر السوشيال ميديا، كما يقول الخبراء. فمنفذ إطلاق النار فى حادث نيوزيلندا برنتون هاريسون تارنت، نشر بيانا كاملا على تويتر استشهد فيه بمتطرفين يمنيين آخرين كمصدر إلهام له من بينهم ديلان روف الذى قتل تسعة أشخاص سود فى كنيسة تشارلستون فى عام 2015. وكتب أيضا شعارات للبيض المتطرفين على الأسلحة التى استخدمها فى المجزرة.
مسلمو نيوزيلندا
ونقلت واشنطن بوست، عن بى دبليو سنجر، الباحث فى مكافحة الإرهاب بمؤسسة أمريكا الجديدة بواشنطن، قوله إنه التطرف اليمينى المتشدد، بخلطه بين العمل المحلى والإلهام العالمى، كان وراء عمليات قتل داخل الولايات المتحدة وكل دولة فى مجموعة "العيون الخمسة" التى تشمل أمريكا وكندا وبريطانيا واستراليا ونيوزيلندا، ما بين حوادث إطلاق نار جماعى إلى تفجيرات واغتيال للقادة السياسيين.
وأضاف أن الأحداث المؤسفة الأخيرة فى نيوزيلندا توضح لماذا يجب أن يكون هناك شجاعة سياسية لوقف تجاهل ما هو تهديد إرهابى حقيقى قتل من الأمريكيين أكثر مما فعل داعش.