"إن تزوجت فتزوج وأنت مدرك للعواقب".. هذا حال لسان الأزواج المترددين على محاكم الأسرة، بعد ارتفاع نسب الانفصال لفترات تصل أقلها لـ يوم زواج وأحيانا قبل الدخول بعد عقد القران، ليصبح الارتباط المقدس الذى شرعه الله مجرد ورقه "تبل وتشرب مايتها" لتجعلنا نتساءل هل يوجد فى مصر منزل خالى من المشاكل الأسرية بعد كل هذا العدد الهائل من الدعاوى والأزواج والزوجات المتناحرين ليشكل العنف الأسرى بذلك أحدى أكبر الجرائم المسكوت عنها والتى يعانى مجتمعنا من أثرها المدمرة .
بين مد وجزر يحتدم الصراع بين الزوجين بعد الطلاق ليدخلا معركة تصفية الحسابات ويحاول فى غالب الأحيان كل منهما أن ينتقم من الآخر بعد فك الرابطة بحكم أنه يحمله النتائج، ووفقا لمحاكم الأسرة نتعرف على معاناة 20 % من الأزواج اضطروا للوقوف أمامها فى كل عام أكثر من مرة ما بين دعاوى نفقات وحبس وطلاق وخلع، واشتكوا من الاتهامات التى تطالهم من عجز وخيانة والبخل والتعرض للضرب فى أحيان أخرى على يد الزوجات.
اشترى سيارة ووفر لها خادما واتهمته بالبخل
ومن خلال تتبع دفاتر محاكم الأسرة كشفت القضية رقم 8975 أمام محكمة الأسرة بزنانيرى عن قصة الزوج "يوسف.س.ص" الذى طلق خلعا مرتين من قبل زوجته "شيرين .ن" والسبب الذى دفعت به الـ "البخل" رغم أنه يعيش برفقتها فى كامبوند واشترى لها سيارة ووفر لها خدم - وفق للتحريات التى تمت بمعرفة المحكمة ونيابة الأسرة.
معالم 12 شهرا فى عش الزوجية ..حفرت جروحا قطعية على جسد الزوج
يجد الزوج فى كثير من الأحيان نفسه مهددا بالسجن من طرف الزوجة الأولى بسبب النفقة، هذا هو حال الزوج "سيد" الذى خرج من زواجه الأليم ويحمل معالمه بجروح قطعية بالساطور على جسده النحيل بعد تعرضه للضرب من قبل زوجته "ن.أ"، فصرح أمام محكمة الأسرة بالسيدة زينب قائلا: " 12 شهرا جعلتنى ألوذ بالفرار من جحيم الحياة الزوجية برفقة زوجتى ووالداتها لأقضيها ما بين أقسام الشرطة والمحاكم، لا أجد من يرفع ظلمهم وجبروتهم عنى فى محاولة منهم للانتقام منى والزج بى فى السجن".
18 عام زواج و3 أبناء والزوجة تهلل عاجز جنسياً
تشتد حمى الزوجات أمام المحاكم فى محاولة لعقاب الأزواج، ليحسب المطلق لهذا العبء ألف حساب إذ أنه يكون عائقا بينه وبين المضى فى حياة جديدة ومواجهة عراقيل كبيرة ويجبرون فى كثير من الأحيان على اختيارين أحلاهما مر: أعباء المحاكم أو العودة إلى زوجاتهن، ليقص الزوج "قدرى ال. إ" صاحب الـ40 عاما حكايته أمام محكمة الأسرة بمدينة نصر :" وقفت زوجتى بعد 18 عاما من الزواج وإنجاب 3 أبناء تهلل لتفضحنى وتتدعى بعجزى طوال فترة زواجى لتلبية حقوقها كذبا، وعندما سألتها متعجبا من أين لنا بالأطفال صمتت، لأتحمل وأمتنع عن الشكوى لأحد خشية أن أشوه سمعتها، ولكن عندما فاض بى صرخت وفضحت تصرفاتها المخلة أمام عائلتها وأولادها الذى تركوها ورفضوا العيش معها".
بدايتها طلاق وأخرتها طعن بسلاح أبيض
مستحقات النفقة وهو الهاجس الذى يؤرق الأزواج الذين قد يجدون فيما بعد الطلاق مرحلة أصعب بكثير وأعقد من الزواج فى حد ذاته، وخير دليل على ذلك حالة الزوج محمود عبد العال البالغ من العمر 47 عام الذى عاش خلافات مع زوجته دامت الـ17 عام تحمل فيهم من أجل أولاده الثلاثة رغم الإساءة التى اعتادت زوجته توجيها له إلى أن قررت تطليقه خلعا وهو يعيش معها فى منزل واحد، وأجبرته على العيش معها بعد الطلاق فقط ليقضى لها طلباتها وتتحصل فى نفس الوقت على معاش والداها، وعندما اعترض كانت له بالمرصاد بعد أن وجهت له طعنة بمطواة فى أعلى جانبه الأيمين دخل على إثرها المستشفى، وبعدها حرر محضر بقسم شرطة إمبابة يتهمها فيها بمحاولة التخلص منه ولكنها سبقته باتهامه بسرقتها.
وأكد الزوج المعنف أمام محكمة الأسرة بإمبابة وبلاغه بقسم الشرطة: طوال سنوات كنت أعنف منها بالضرب بكل ما تستطيع يدها ان تطوله ورغم صبرى من أجل أولادى دمرتنى وسرقة كل ممتلكاتى".
العض وسيلة الزوجة فاتن لتأديب زوجها
لم يكن أمام الزوج "صفوت ح" موظف، إلا الصراخ طلبا للنجدة بعد أن تمكنت زوجته من أذنه وكتفه وأخذت تطبق فيهم بفمها لتتركه وهو يعانى من أثار العض المبرح بعد إنقاذه من جيرانه من بين يديها.
صرح الزوج أمام محكمة الأسرة بإمبابة وبلاغه ضدها الذى حمل رقم 1026: "مكثت معها عام ونصف تعرض فيهم لسلاطة اللسان والإساءة أمام والدتى ولأهلى كانت لها متطلبات كثيرة ودائمة الاتهام لى بالتقصير وإحراجى أمام الجميع فى علاقتنا الخاصة" .
وأكد صفوت: "لم أتخيل يوما أن تمتد يد سيدة على بالضرب وبفضل زوجتى فاتن أصبحت أضحوكة المنطقة التى أسكن بها بعد أن سرقتنى وأقامت ضدى دعوى خلع".
وهم الحب
ومن جانبها، قالت الدكتورة مها توفيق أستاذة علم النفس، إن قرار الارتباط نفسيا يعد من أصعب الخطوات التى من الممكن أن يتخذها أى إنسان، ويوجد 3 أشكال لقرار الزواج تجعل أى تجربه منهم تبوء بالفشل، والحالة الأولى هى الزواج خوفا من العنوسة سواء للرجل أو المرأة والوقوع فى دوامة وهم الحب، ويواجهون بعد الزواج "الندم"بعد أن يكتشفوا أن يا ليتهم فضلوا راحتهم عن نظرة المجتمع" .
وأضافت "توفيق"، أن الحالة الثانية تكمن فى الزواج بحثا عن الأمان والاستقرار، وهنا نجد أن غالبية هذه الحالات تكون من النساء، وإذا وجدت الرجال ضمن هذه الشريحة فإنهم أكثر حفاظا على ذلك الزواج من زوجاتهم بسبب ميول الرجال الى التفكير عن طريق العقل والحسابات أكثر من النساء اللاتى يفضلن التفكير بقلوبهم .
وتابعت "توفيق"، أما عن الحالة الثالثة هى الزواج بحثا عن الجنس والعلاقات، وهو أفشل أنواع الزواج بسبب أن الحالة النفسية والهرمونية لأى جسم بعد التعود على ذلك الأمر لا تجد اشتهاء له بنفس القدر التى كانت عليه فى البدايات ومن هنا يجد الزوجين السبب الرئيسى للزواج أنتهى وبالتالى يصبح هذا الزواج أسرع من أى نوع أخر فى الانهيار .
الزواج قرار يبنى عليه أسرة ومجتمع
فيما علق الدكتور رفعت صالح، أستاذ علم اجتماع: "تكمن المشكلة كلها فى كلمة واحدة " الكبت" فهو أخطر أنواع الأمراض الاجتماعية فهو يحول من يقع تحت طاله الى فاقد للقرار الصحيح، لانه يتخذه بناء على معطيات خاطئة فتجد العديد من هؤلاء يتعرضون للفشل، وعندما تتعلق المساءلة لاتخاذ قرار الزواج، نجد قصصا لا تستطيع أن تتخليها فمنهم من يخرج من هذه التجربة إما مطلق أو مطلقة والبعض الأخر يخرج خائن ومنهم من يقتل بسبب الخلافات الزوجية.
وتابع: "يتعدد أنواع الكبت منها "الجنسى ،العاطفى ،المادى " ونجد أن معظم شبابنا يعانون من كبت جنسى يدفع البعض الى التسرع بالزواج وعندما ينتهى الغرض بانتهاء الأيام الأولى للزواج يكتشفون خطئهم ويؤدى ذلك إلى ما يعرف بالطلاق السريع، لذا فعلى كل شاب مقدم على هذه التجربة أن يتروى فالزواج قرار يبنى عليه أسرة ومجتمع وليس قرار شهوانى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة