قبل يوم الجمعة الماضى، لم يكن كثيرون يعرفون اسم جسيندا أرديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا، هذا البلد الهادئ الواقع فى أقصى أطراف العالم يتميز بطبيعته الساحرة وشعبه المسالم. وحتى من كانوا يعرفون جسيندا، فإن ذلك كان من خلال صورتها وهى تداعب طفلتها الرضيعة خلال مشاركتها فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة، وقد أنجبت هذه الطفلة خلال توليها المنصب.
لكن بعد وقوع مأساة إطلاق النار على المصلين بمسجدين فى مدينة كرايست تشيرش، وهو الأسوأ فى تاريخ البلاد، تكشف وجه أخر لجسيندا أرديرن، وجه الزعيمة القادرة على الوقوف فى وجه التطرف والإرهاب دون أن تمنحه الشهرة التى يسعى إليها، وتسليط الضوء على الضحايا والتركيز على احتضانهم وطمأنتهم والتشديد على قيمتهم فى المجتمع.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن أرديرن البالغة من العمر 37 عاما، قد تم الاحتفاء بها من قبل مع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون باعتبارهم وجه الشباب المناقض للتيار الشعبوى المتزايد فى العالم. وقد اختارتها مجلة تايم فى قائمتها الأخيرة لأكثر 100 شخصية مؤثرة فى العالم.
لكن فى الداخل كانت تواجه مشكلات عدة منها الاقتصاد وتوقف محاولتها لتقديم إسكان متاح للجميع بسبب القيود البيروقراطية. لكن بعد الهجوم على المسجدين، حظيت جسيندا بالإشادة من الجميع، فقد تحركت سريعا لتصف الهجمات بالإرهاب وتصف اقتراح سيناتور استرالى بوجود صلة بين هجرة المسلمين والعنف بأنه عار.
أما صحيفة "إندبندنت" البريطانية فرصدت خمس طرق يمكن أن يسير عليها قادر العالم ليحذو حذو أرديرن فى أعقاب مأساة. الأمر الأول إدانة الإرهاب فورا، أيا كان الجماعة التى ارتكبته، فلم يمض وقت طويل قبل أن تدين رئيسة وزراء نيوزيلندا الهجوم المأسوى باعتباره هجوما إرهابيا، وقالت إنه إرهابى ومجرم ومتطرف، لكن عندما أتحدث سيكون بلا اسم.
الأمر الثانى: قضاء وقت مع الجماعات المتضررة من الحادث الإرهابى. فقدت حظيت جسيندا بالإشادة للطريقة التى احتضنت بها الجماعات المسلمة بعد الهجوم، ووعدت بتغطية تكلفة جنازات الضحايا الخمسين وقضت وقتا مع عائلاتهم وارتدت الحجاب تكريما لهم. كما أنها ألقت خطابا أمام البرلمان استهلته بتحية المسلمين "السلام عليكم".
الأمر الثالث تسليط الضوء على الضحايا وليس الجانى. فقد رفضت جسيندا أن تذكر اسم منفذ الهجوم، وحث الآخرين لكى يفعلوا ذلك وقالت "لن تسمعونى أذكر اسم المتهم بإطلاق النار فى كرايست تشيرش، فهو إرهابى ومجرم". وحثت الآخرين على الحديث عمن فقدوا أرواحهم وليس الرجل الذى قتلهم، وهو ما لاقى استحسانا.
الأمر الرابع التحرك بشكل حاسم إزاء الاسلحة. فقد أعلنت جسيندا أن القوانين الخاصة بالأسلحة سيتم تغييرها، وتعهدت بحظر الملكية الخاصة للبنادق شبه الآلية. ووعد أيضا كبار المسئولين فى حكومتها بتقديم إجراءات للحد من الأسلحة فى أعقاب المأساة.
الأمر الخامس والأخير هو مخاطبة السوشيال ميديا الحديث عن دورها فى القضاء على المحتوى المسىء والخطير. حيث قالت جسيندا إن وسائل التواصل الاجتماعى تحتاج إلى وقف التظاهر بأن بإمكانهم أن يكونوا محايدين، فهم الناشرون وليس مجرد سعاة بريد، ولا يمكن أن يكون هناك وضع تحقق فيه كافة الأرباح دون مسئولية.
وجاء هذا بعد مشاهدة الآلاف لمقطع الفيديو الذى صوره مرتكب الهجوم لجريمته وتم بثه مباشرة على فيس بوك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة