تحرير الجولان هو الاختبار الوحيد لوطنية السوريين وعروبة العرب، لا يكفى أن تخرج السلطات السورية بتصريحات نارية حول انتماء الجولان لسوريا أو رفضها القاطع لتغريدة ترامب التى كشف فيها عن عزمه الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة التى يعرف العالم كله أنها سورية كما يعرف ذلك ترامب ونتانياهو، ما يكفى هو وجود الاستعداد والقدرات لتحرير الجولان من أيدى غاصبيه وطرد المحتل الإسرائيلى أو إجباره على الانسحاب وتسليم الأرض لأصحابها.
لا يكفى أن تعقد الجامعة العربية اجتماعات تلو الاجتماعات لتؤكد من خلالها اعتزامها الصمود على مواقفها الثابتة تجاه الاحتلال الإسرائيلى للجولان السورية، وأنها تحمل سلطات الاحتلال كافة التبعات القانونية المترتبة على خرقه القانون الدولى، ما يكفى هو تراجع الدول العربية المشاركة فى تخريب سوريا عن جرائمها ورصد مليارات الدولارات لإعادة الشعب السورى فى الشتات إلى أراضيه والتوقف عن التدخل فى الشأن السورى انصياعا للتوجيهات الأمريكية ودعم النظام السورى بالمال والسلاح ليستطيع خوض حرب تحرير جديدة.
لا يكفى أن يكون تعويلنا على الأمم المتحدة ومنظماتها ذات الصلة هو كل الجهد المبذول فى الحشد الدولى لمواجهة غطرسة ترامب وأطماع نتانياهو، جميل أن يتبنى مجلس حقوق الإنسان الأممى قرارا يؤكد تبعية الجولان لسوريا ويدين الاحتلال الإسرائيلى لهذه الأراضى، ردا على نية الرئيس الأمريكى، الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة، لكن طبيعة التصويت على القرار ومعارضة 16 بلدا بينها بريطانيا وأوكرانيا واليابان وأستراليا، وامتناع 5 أعضاء فى المجلس عن التصويت، تجعلنا نقول إن علينا استخدام الأمم المتحدة ومنظماتها ذات الصلة كورقة ضمن أوراق أخرى لتغطية ودعم أى تحرك سورى لاسترداد أراضيه المحتلة، لأن ترامب ونتانياهو لا يعترفان أصلا بالنظام الدولى ولا المؤسسات الأممية ويحتقرانها إذا عارضت توجهاتهما وخالفت مصالحهما المباشرة، كما أن الدول الاستعمارية القديمة وحلفاء ترامب سيؤيدونه فى كل خطوة تخص إسرائيل.
باختصار، ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، حكمة مجربة من مهزومين مازالوا يمتلكون الكرامة والإصرار على غسل العار والانتقام لمئات الآلاف من الشهداء.
السؤال هنا: كيف يمكن استرداد الأرض المحتلة بالقوة، سواء الجولان أو القدس أو أراضى فلسطين ما قبل 5 يونيو 1967، بل وأراضى فلسطين ما قبل حرب 1948؟
أرى أن تغريدة ترامب التى يعلن فيها عزم بلاده الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ليست كلها شر، وإنما فيها من الخير الكثير لنا نحن العرب المهزومين المستلبة أراضينا، ونحن السوريين المغتصبة حقوقنا وأرضنا منذ 52 سنة أو يزيد، هذا إذا أدركنا الجوانب الإيجابية فى مسعى ترامب لدعم نتانياهو على جثث العرب.
نقول إن اعتراف ترامب بسيادة تل أبيب على الجولان كاف لبدء حرب عصابات مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلى، حرب غير نظامية تستهدف كل أفراد جيش الاحتلال ونقاطه ومراكزه ومستوطناته فى الجولان، لتكن حربا غير نظامية، حرب استنزاف يتحمل تبعتها الشعب السورى فى الجولان المحتل أو فى كل الأراضى السورية.
لتكن حرب الاستنزاف السورية ضد الاحتلال الإسرائيلى فى الجولان، هدفا نبيلا يجمع الشتات السورى فى الداخل والخارج، ويعيد لحمة المجتمع الذى يسعى الأعداء لتفجيره من الداخل بتفتيته إلى عشرات الطوائف والشراذم المتشاحنة، وليوجه كل سورى وطنى سلاحه إلى قوات الاحتلال حتى ترحل عن الأرض وحتى يستقر فى وعى جنودها أن الأرض العربية تلفظهم وتكره وقع خطواتهم.
ولتكن حرب الاستنزاف السورية ضد المحتل الغاصب هدفا أمميا يجمع العالم كله فى مواجهة الغطرسة الأمريكية ومحاولة الانحدار بالعالم إلى الغابة، حيث يأكل القوى الضعيف ويهضم حقوقه، فالعالم الآن مهيأ أكثر من أى وقت مضى للاحتشاد فى وجه الإدارة الأمريكية، بعد أن باتت لا تعرف حقا ولا قانونا ولا سيادة لأى دولة على أراضيها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة