واحد من أشهر الخلفاء المسلمين على مدار تاريخ الدولة الإسلامية، بداية من زمن الخلفاء الراشدين، إلى سقوط الدولة العثمانية، هو الخليفة العباسى هارون الرشيد، الذى خلدت سيرته فى العديد من القصص والحكايات التاريخية والأدبية، منها حكايات ألف ليلة وليلة التى حولت الخليفة العباسى الخامس إلى أسطورة، كما أنه أكثرهم ذكرا حتى فى المصادر الأجنبية كالحوليات الألمانية التى ذكرته باسم (ارون)، والحوليات اليابانية والصينية التى ذكرته باسم (الون).
وتمر اليوم الذكرى الـ 1210ميلادية، على رحيل الخليفة العباسى هارون الرشيد، إذ رحل فى 24 مارس فى عام 809 م، بعدما استمر فى حكم الدولة العباسية نحو 23 عاما كاملة، لكن يبقى السؤال، لماذا هارون الرشيد الأشهر، ولماذا ذكرته حكايات ألف ليلة وليلة وصورته بصور كثيرة ربما بعضها حقيقى وبعضها أسطورى؟
الكاتب أحمد أمين، فى كتابه "هارون الرشيد" حاول الإجابة عن هذا التساؤل، حول لماذا كانت ألف ليلة وليلة، داعية للرشيد دون غيره من كبار خلفاء بنى أمية كعبد الملك بن مروان، وهشام بن عبد الملك، أو من كبار بنى العباس كعبدالله بن محمد، وأبى جعفر المنصور، وكلهم فى الحقيقة أعظم من الرشيد وأفخم وأعدل، على حد وصفه.
ويرى الكاتب أن السبب يعود كون أن ألف ليلة وليلة، ترجمت فى عصور مختلفة، وزيد عليه فى عصور مختلفة، فكان أول ما ترجم عن الفارسية هذا القسم البغدادى فى عصر الرشيد، فتملقه المؤلفون لظهور الكتاب فى أيامه، واتقاء لما حدث لعبدالله بن المقفع حين ترجم كليلة ودمنة، وقد أومأ إيماءة خفيفة إلى ظلم الخلفاء والحكام، وذلك بوصفه للملك العادل، وما يتبغى عليه، ونقمتع على الملك الظالم، مما دعا إلى قتله بتهمة الزندقة.
وقد يكون هناك سبب آخر، بحسب الكاتب أحمد أيضا، وهو أن هارون الرشيد، لما علم بمترجم التاب أفاض عليه من عطائه، وفهم أن هذه خير دعاية له.
لكن الدكتور شوقى أبو خليل، يرد فى كتابه "هارون الرشيد: أمير الخلفاء وأجل ملوك الدنيا"، بأن ذكر اسم هارون الرشيد فى كثير من قصص ألف ليلة وليلة، جعل البعض يظن أنها كتبت بعد أيامه بزمن قصر، مشيرا أن القصص شوهت سيرة الرشيد.
واعتبر الدكتور شوقى أبو خليل، أن السبب قد يرجع إلى أن الأوربيين ظنوا أن الرفاة فى قصر الرشيد، لا يمكن أن يكون إلا كما كان فى قصر شارلمان من شراب وفسق وفجور، فجعلوا الرشيد بطلا لروايات ألف ليلة وليلة، وبصورة تشبه ما يجرى فى قصورهم، مشيرا إلى الرشيد لم يسمع بألف ليلة وليلة فى عهده، لأنها ترجمت إلى العربية فى القرن الثالث الهجرى والرشيد عاش فى الثانى الهجرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة