بجرة قلم وقع الرئيس الأمريكى فى وقت متأخر مساء أمس الإثنين، على مرسوما رئاسيا يخالف كافة القوانين الدولية، واعترف فيه بسيادة إسرائيل على الجولان السورية المحتلة من قبل الدولة العبرية منذ حرب 1967، ولقى القرار معارضة ورفض عربى ودولى وفى المقدمة كان الموقف السورى، حيث قالت الحكومة السورية إن قرار أمريكا بشأن الجولان اعتداء صارخ على سيادة ووحدة أراضيها.
وقالت وزارة الخارجية السورية، فى بيان "تحرير الجولان بكافة الوسائل المتاحة وعودته إلى الوطن الأم هو حق غير قابل للصرف". وأضافت أن القرار "يجعل من الولايات المتحدة العدو الرئيسى للعرب". وذكر البيان أن لا شيء يمكن أن يغير "الحقيقة التاريخية بأن الجولان كان وسيبقى سوريا".
من جانبه استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بأشد العبارات الإعلان مؤكدا أنه إعلان باطل شكلا وموضوعا، ويعكس حالة من الخروج على القانون الدولى روحا ونصا تخصم من مكانة الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة، بل وفى العالم.
وقال أبو الغيط "إن هذا الإعلان الأمريكى لا يغير من وضعية الجولان القانونية شيئا. الجولان أرض سورية محتلة، ولا تعترف بسيادة إسرائيل عليها أية دولة، وأضاف أبو الغيط أن شرعنة الاحتلال هو منحى جديد فى السياسة الأمريكية، ويُمثل ردة كبيرة فى الموقف الأمريكى الذى صار يتماهى بصورة كاملة مع المواقف والرغبات الإسرائيلية، مشددا على أن العرب يرفضون هذا النهج، وإذا كان الاحتلال جريمة كبرى، فأن شرعنته وتقنيه خطيئة لا تقل خطورة، فالقوة لا تنشئ حقوقا ولا ترتب مزايا، والقانون الدولى لا تصنعه دولة واحدة مهما كانت مكانتها، وديمومة الاحتلال لفترة زمنية -طالت أم قصرت- لا تسبغ عليه شرعية.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الجامعة تقف بقوة وراء الحق السورى فى أرضه المحتلة، وهو موقف يحظى بإجماع عربى واضح وكامل، وستعكسه القرارات الصادرة عن القمة المُرتقبة فى تونس مطلع الأسبوع المقبل.
واستنكرت المملكة العربية السعودية وأعربت عن رفضها التام، للإعلان الذى أصدرته الإدارة الأمريكية، وجاء فى البيان "أكدت المملكة العربية السعودية على موقفها الثابت والمبدئى من هضبة الجولان وأنها أرض عربية سورية محتلة وفق القرارات الدولية ذات الصلة".
وقالت "محاولات فرض الأمر الواقع لا تغير فى الحقائق شيئا، وإعلان الإدارة الأمريكية مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى، وللقرارات الدولية ذات الصلة بما فى ذلك قرارات مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، ورقم 497 لعام 1981".
وأكدت السعودية في بيانها أن اعتراف ترامب بالجولان أرضا إسرائيلية "ستكون له آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام فى الشرق الأوسط وأمن واستقرار المنطقة". ودعت الرياض كافة الأطراف إلى "احترام مقررات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة".
والكويت والبحرين أعربتا عن أسفهما لاعتراف أمريكا بسيادة إسرائيل على الجولان، وقال مصدر فى وزارة الخارجية الكويتية قوله إن الكويت تأسف لاعتراف أمريكا بسيادة إسرائيل على الجولان، مضيفا أن القرار الأمريكى يخالف القوانين الدولية.
وقالت البحرين "إنها تأسف لقرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان" ودعت إلى احترام القوانين الدولية. وقالت وزارة الخارجية فى بيان إنها "تؤكد موقفها الثابت باعتبار هضبة الجولان أراض عربية سورية محتلة من قبل إسرائيل فى يونيو 1967، وهو ما تؤكد عليه قرارات مجلس الأمن الدولى".
وأضافت أنها تشدد على ضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية "وتطالب بضرورة تضافر كافة الجهود من أجل إنهاء احتلال إسرائيل لهضبة الجولان السورية والانسحاب من كافة الأراضى العربية التى احتلتها عام 1967، وذلك لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم فى المنطقة".
كما استنكرت دولة الإمارات العربية المتحدة اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وأعربت عن أسفها الشديد، وأشارت إلى أن هذه الخطوة تقوض فرص التوصل إلى سلام شامل وعادل فى المنطقة، وأكدت على عدم إمكانية تحقيق الاستقرار والسلام طالما تواصل إسرائيل احتلالها للأراضى الفلسطينية والعربية. وأكدت أن الجولان أرض سورية عربية محتلة وأن قرار الإدارة الأمريكية لا يغير هذا الواقع.
كما أكدت وزارة الخارجية الإماراتية على قرارات مجلس الأمن رقم / 242 / لعام 1967، ورقم / 497 / لعام 1981، والمبادئ المنصوص عليها فى مبادرة السلام العربية والمتعلقة بالانسحاب الكامل من الأراضى العربية المحتلة بما فى ذلك الجولان السورى.
وأدان لبنان القرار الأمريكى بسيادة إسرائيل على الجولان السورى معتبرا أنه "يخالف كل قواعد القانون الدولى" مشددا على أن الهضبة "أرض سورية عربية".
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين فى بيان أن "الإعلان هو أمر مدان ويخالف كل قواعد القانون الدولى، ويقوض أى جهد للوصول إلى السلام العادل". وتابعت أن "مبدأ الأرض مقابل السلام يسقط، إذ عندما لا تبقى من أرض لتعاد لا يبقى من سلام ليعطى".
وأكدت أن "هضبة الجولان أرض سورية عربية ولا يمكن لأى قرار أن يغير هذه الواقعة، ولا لأى بلد أن يزور التاريخ بنقل ملكية أرض من بلد إلى آخر". وحذرت "إذا كانت إسرائيل تعتقد أنها تتوسع بالاستيلاء على الأراضى عن طريق العنف والعدوان، فإنها ستجد نفسها بعزلة أكبر وأمام هزيمة عسكرية جديدة، لن تنفعها عندها لا قوتها ولا عنصريتها". وشددت أن إسرائيل "لن تجد أمنها إلا بالسلام العادل والشامل".
كما أدان الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، بشدة قرار الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، وأعلنت الرئاسة الفلسطينية "رفضها الشديد واستنكارها لسلسلة القرارات المخالفة للقانون الدولى وللشرعية الدولية الصادرة من قبل الإدارة الأمريكية، سواء ما يتعلق بالقدس أو الجولان".
وأكدت الرئاسة مرة أخرى أن "السيادة لا تقررها إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية مهما طال أمد الاحتلال، وستبقى القضية الفلسطينية والقدس بمقدساتها والأراضى الفلسطينية المحتلة خطوطا حمراء فلسطينية وعربية ودولية لا يمكن تجاوزها".
ونقل البيان أن الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، "شدد على أنه لا توجد شرعية لأحد دون قرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية".
ودوليا أعرب الكرملين فى روسيا عن أسفه إزاء قرار الرئيس الأمريكى، محذرا من تداعيات سلبية سيجلبها هذا القرار إلى المنطقة، وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنه خطوة جديدة تتخذها واشنطن فى مخالفة واضحة للقانون الدولى، قائلا: "قرار ترامب سيجلب من دون أدنى شك تداعيات سلبية إلى التسوية الفلسطينية الإسرائيلية والتسوية السياسية فى سوريا".
وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الوضع القانوني للجولان "لم يتغير" بعد قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاعتراف بـ"سيادة" إسرائيل على الهضبة، وقال خلال مؤتمره الصحافى اليومى "بالنسبة للأمين العام (أنتونيو غوتيريش)، من الواضح أن وضع الجولان لم يتغير. إن سياسة الأمم المتحدة فيما يتعلق بالجولان تأتى من القرارات التى اتخذها مجلس الأمن وهذه السياسة لم تتغير". وسيجرى مجلس الأمن الدولى مشاورات مقررة منذ مدة حول قوة الأمم المتحدة المنتشرة فى مرتفعات الجولان "يوندوف" يوم الأربعاء.
وأعلنت كندا، أيضا رفضها دعم قرار الرئيس الأمريكى مؤكدة أن الهضبة أرض محتلة وفقا للقانون الدولى. وقالت الخارجية الكندية "إن كندا وبالتوافق مع القانون الدولى لا تعترف بالسيطرة الإسرائيلية الدائمة على مرتفعات الجولان. ولا يزال موقف كندا، الذى تتمسك به منذ زمن بعيد، دون تغيير". وتابعت الوزارة: "إن ضم الأراضى باستخدام القوة أمر يحظره القانون الدولى. وأى إعلان عن تغيير أحادى الجانب للحدود يتناقض مع النظام الدولى القائم على القواعد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة