"معضلة الإرث".. كيف أصبحت سياسة "كسر التابوهات" وسيلة ترامب لإعادة تشكيل السياسة الأمريكية؟.. الرئيس ينزع غطاء القدسية عن "الحرس القديم" للحزب الجمهورى لفرض رؤيته.. والتهميش والتشويه وسيلته لإنهاء الانقسام

الأربعاء، 27 مارس 2019 05:00 ص
"معضلة الإرث".. كيف أصبحت سياسة "كسر التابوهات" وسيلة ترامب لإعادة تشكيل السياسة الأمريكية؟.. الرئيس ينزع غطاء القدسية عن "الحرس القديم" للحزب الجمهورى لفرض رؤيته.. والتهميش والتشويه وسيلته لإنهاء الانقسام ترامب وإعادة تشكيل السياسة الأمريكية
تحليل يكتبه - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ وصوله إلى البيت الأبيض فى يناير 2017، كان الشغل الشاغل للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، هو تقويض إرث أسلافه، وعلى رأسهم الرئيس السابق باراك أوباما، حيث كانت الأولوية لديه تتمثل فى القضاء على إرث أوباما سواء فى الداخل أو الخارج، وهو ما بدا واضحا فى العديد من القرارات، وعلى رأسها الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى، فى مايو من العام الماضى، واالذى ينظر إليه الديمقراطيون باعتباره أبرز الإنجازات التى تمكنوا من تحقيقها فى الحقبة الماضية، بالإضافة إلى انسحابه من اتفاقية باريس المناخية، وهى القرارات التى أثارت جدلا كبيرا على المستوى الدولى، خاصة وأنها لا تمثل فقط سابقة فى نكوص واشنطن بالتزاماتها الدولية، ولكنها كانت أيضا تخليا صريحا عن الحلفاء عبر قرارات أحادية الجانب.

 

أحادية ترامب لم تقتصر على المستوى الدولى، ولكنها امتدت إلى الداخل الأمريكى، حيث اتخذ العديد من القرارات التى تجاهل فيها كافة الأصوات السياسية، من بينهم أنصاره الجمهوريين، وهو ما بدا واضحا فى الجهود التى بذلها لإنهاء العمل بقانون التأمين الصحى، الذى أقرته الإدارة السابقة، رغم أنه يحظى بشعبية كبيرة، بالإضافة إلى تجاهله للكونجرس الأمريكى فى مسألة الجدار العازل، عبر الاتجاه نحو إعلان الطوارئ، فى انتهاك صريح للأعراف الديمقراطية التى طالما تباهى بها أسلافه.

 

معضلة الإرث.. ترامب يضع أسلافه فى نفس الكفة
 

"معضلة الإرث"، التى يواجهها الرئيس الأمريكى، منذ بداية حقبته، لا ترتبط فقط بموقف شخصى من سلفه، والذى كال له الانتقادات فى العديد من المناسبات منذ بزوغ نجمه على الساحة السياسية الأمريكية، أو حتى الأبعاد التقليدية سواء السياسية أو الحزبية المعتادة، إلا أنها امتدت لتطال أسلافه الجمهوريين، الذين يراهم الرئيس الأمريكى بمثابة شركاء فى المسئولية عن التدهور الذى آلت إليه المكانة الدولية لواشنطن، بسبب دعمهم الكبير للحلفاء، سواء اقتصاديا أو عسكريا، للحصول على مباركتهم لقيادة العالم عبر ما يسمى بـ"المعسكر الغربى"، وهو ما بدا واضحا فى المغامرات الجماعية التى خاضها الغرب سياسيا وعسكريا فى العديد من مناطق العالم، ولكن فى المقابل تكبدت واشنطن خسائر بالجملة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، لا تقارن بما شهدته الدول الحليفة الها.

 

ترامب وأوباما
ترامب وأوباما

وبالتالى فإن نظرة ترامب لأوباما أو لخصومه الديمقراطيين لا تختلف كثيرا عن رؤيته لأسلافه الجمهوريين، والذين تتمتع رؤاهم بصدى كبير داخل الحزب الجمهورى الذى ينتمى إليه، فكلاهما، من وجهة نظر الرئيس الأمريكي، ساهم بمقدار في تقليص النفوذ الأمريكي، لصالح قوى أخرى، سواء بتقديم تنازلات كبيرة للخصوم، كما هو الحال في الاتفاق النووي الإيراني، والذى ساهم في تقوية شوكة طهران وحلفائها، وعلى رأسهم روسيا، من جانب، أو الإفراط في تقديم المزايا للحلفاء، وهو ما جرى العمل عليه من قبل كافة الإدارات السابقة، وفى القلب منهم الإدارات الجمهورية، وهو ما أدى إلى زيادة نفوذهم على حساب الدور الأمريكي من جانب آخر.

 

"كسر التابوهات".. وسيلة ترامب لوضع بصمته في الحزب الجمهورى

ومن هنا يمكننا القول بأن الرئيس الأمريكي لا يحمل الكثير من الاحترام إلى الأفكار التقليدية التي يتبناها الحزب الذى يمثله داخل البيت الأبيض (الحزب الجمهورى)، وهو ما يبدو واضحا ليس فقط في خلافاته التي تثور بين الحين والأخر، مع قيادات الحزب، خاصة من جناح الصقور، وهو الأمر الذى لا يرتبط فقط بالموقف من القرارات التي تتخذها الإدارة وتتعارض مع رؤيتهم، وعلى رأسها تقليص الوجود العسكرى الأمريكي خارج الحدود، وإنما تمتد إلى رغبة عارمة لدى الرئيس الأمريكي في إرساء فكر جديد يحمل بصمته الشخصية، عبر ما يمكننا تسميته بسياسة "كسر التابوهات".

جون ماكين
جون ماكين

 

ولعل هجوم الرئيس ترامب على السيناتور الجمهورى الراحل جون ماكين، والذى يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الجمهوريين تمثل دليلا دامغا على محاولته نزع غطاء القدسية عن قطاع من قيادات الحزب، الذى ينتمى إليه، وهو ما يحمل بالطبع في جانب منه عداء شخصى تجاههم، وهو ما يبدو واضحا في العلاقة المتوترة التي جمعت الرئيس بالسيناتور قبل وفاة الأخير، حيث اتهمه ماكين بالعمالة لروسيا ولكن يمتد في جانب أخر إلى رغبته فى إعادة هيكلة الرؤية التي يتبناها المحافظون، بحيث لا تقتصر أدواتهم على استخدام القوة العسكرية لتحقيق النفوذ السياسى، والعمل على إيجاد أدوات أخرى يمكن من خلالها تحقيق هذه الأهداف.

 

معركة أكثر شراسة.. بوادر الانقسام تهدد البيت الأبيض

معركة الرئيس ترامب مع حلفائه الجمهوريين تبقى أكثر شراسة، إذا ما قورنت بالصراع الذى يخوضه منذ بداية حقبته، مع الخصوم الديمقراطيين، خاصة وأن حالة الانقسام التي يبدو عليها حزب الرئيس تمثل تهديدا دامغا لخططة المستقبلية، في ضوء إمكانية استغلالها من قبل الديمقراطيين، والذين يملكون الأغلبية على مجلس النواب الأمريكي، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب البيت الأبيض في المعارك الراهنة.

بول رايان
بول رايان

 

ويعد قرار مجلس الشيوخ الأمريكي، والذى يسيطر عليه الجمهوريون، قبل عدة أيام، برفض حالة الطوارئ التي أعلنها ترامب لتمويل الجدار العازل، أحد تداعيات الانقسام، بين الرئيس وحزبه، حيث يمثل هزيمة صريحة للبيت الأبيض في مواجهة الخصوم الديمقراطيين، مما يضطر الرئيس إلى استخدام الفيتو الرئاسي لاستكمال خطته.

وهنا يصبح الإرث الجمهورى في رؤية ترامب لا يقل خطورة عن إرث أوباما وأسلافه الديمقراطيين، وهو ما يفسر تهميشه، بل وهجومه في الكثير من الأحيان على عدد من قيادات حزبه، والذى دفع بعضهم إلى الخروج من المشهد السياسى، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب الأمريكي السابق بول رايان، والذى رفض الترشح لعضوية الكونجرس في انتخابات التجديد النصفى الأخيرة بسبب مواقف الرئيس.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة