"الإعلام عدو الشعب".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر" تعليقا على تبرئة ساحته فى التحقيقات التى أجراها القاضى الأمريكى روبرت مولر، فى إشارة صريحة إلى حالة الجدل التى أثارتها المنابر الإعلامية، منذ وصوله إلى البيت الأبيض فى يناير 2017، حيث تواترت حملات التشويه التى استهدفته، تارة عبر التشكيك فى فوزه على غريمته الديمقراطية هيلارى كلينتون، وتارة أخرى عبر اتهامه صراحة بالعمالة لروسيا، وهى الاتهامات التى زادت وتيرتها بصورة كبيرة فى أعقاب القمة التى عقدها مع نظيره الروسى فى هلسنكى فى يوليو الماضى.
ولعل الحديث عن الإعلام الأمريكى سيكون حلقة من سلسلة من الإجراءات التى سوف تتخذها إدارة ترامب فى المرحلة المقبلة، فى العديد من المسارات، وعلى رأسها الكيفية التى سوف يدير بها صراعه مع الحزب الديمقراطى فى المرحلة المقبلة، سواء سياسيا أو إعلاميا، فى ظل الكثير من الخلافات التى تهيمن على المشهد السياسى الأمريكى، وأبرزها الخلاف على تمويل الجدار العازل، والذى يسعى ترامب إلى تأسيسه على الحدود مع المكسيك، لاحتواء التدفق الكبير للمهاجرين، وكذلك قراره بإعلان الطوارئ حتى تمكن من حسم معاركه مع الكونجرس ذو الأغلبية الديمقراطية حول العديد من القضايا الخلافية.
إلا أن قرار الرئيس ترامب بأن يخوض أول صراعاته مع الإعلام، يمثل انعكاسا صريحا لرغبته الملحة فى إعادة تشكيل المشهد الإعلامى، وهو الأمر الذى سبق وأن ألمح له ترامب، فى تغريدات نشرها قبل انطلاق انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر الماضى، حيث أنه كال اتهامات صريحة للمنابر الإعلامية الرئيسية فى الولايات المتحدة بالتورط فى تأجيج الكراهية عبر نشر الأكاذيب، داعيا إياهم إلى الانضباط السريع، وهو ما يمكننا اعتباره تحذيرا ضمنيا، ربما يفتح الباب أمام إجراءات أخرى، من شأنها التضييق على وسائل الإعلام الأمريكية.
يبدو أن خطوة الرقابة على ما ينشره الإعلام فى الولايات المتحدة ليست ببعيدة تماما عن عقل الرئيس الأمريكى، خاصة وأنه أقدم على خطوات أخرى، تعكس تحولا فى التعامل مع الإعلام، لا تقتصر على مجرد تكذيب الأخبار التى تنال منه أو تشوه صورته أمام الأمريكيين، ولكنها امتدت إلى إهانة مراسلى القنوات والصحف فى البيت الأبيض "على الملأ"، وأمام الكاميرات، بالإضافة إلى قيامه بتأسيس وكالة خاصة، ربما يسعى إلى استخدامها كواجهة ليس فقط لإدارته، وإنما لبلاده بشكل عام، موضحا أن الهدف هو إظهار صورة "أمريكا العظيمة".
وهنا يمكننا القول بأن رؤية ترامب للإعلام، تقوم على أن المنابر الإعلامية ينبغى أن تقوم بدور دبلوماسى، يمكن من خلاله إظهار صورة براقة عن الولايات المتحدة، وكذلك تحقيق أهداف واشنطن السياسية، فى ظل معطيات دولية جديدة أصبح فيها الإعلام أحد أهم أدوات الدبلوماسية الدولية، حيث يستخدم من قبل العديد من أجهزة الاستخبارات الدولية لتحقيق أجندات بعينها.
وقد تجلى الخلاف بين ترامب والمنابر الإعلامية، حول الدور الذى ينبغى أن تقوم به مؤسسات الإعلام فى بلاده، فى تغريدة، اتهم فيها الرئيس الأمريكى شبكة "سى إن إن" بتقديم صورة مغلوطة عن الولايات المتحدة فى العالم، وهو ما ردت عليه الشبكة الإعلامية فى تغريدة أخرى بقولها إن "دور الإعلام هو نقل الحقائق، بينما تبقى مسئولية إظهار صورة أمريكا مسئوليتك الشخصية"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة