بعيدا عن الشواطئ والإجازات الهادئة، أضحت المغامرة من الأهداف التى قد يشد لها السائحين الرحال، حيث يتسلقون الجبال أو يقفزون بالمظلات فيتدفق "الأدرينالين" فى الأجسام وتبلغ النشوة منتهاها، هذا النوع من السياحة نما بشكل كبير فى السنوات الآخيرة وبدأت كل دولة تبحث عن نصيبها من هؤلاء المغامرين الذين يركضون وراء كل ماهو جديد.
مصر بكل ما تملكه من تنوع فى مقاصدها السياحية تعد من أفضل الوجهات فى المنطقة لسياحة المغامرة، فالطبيعة أهدتها تلالا جبلية بالبحر الأحمر، تحديدا فى شرم الشيخ والغردقة والقصير وسفاجا ومرسى علم، وفى الواحات البحرية بالداخلة والخارجة وسيوة فى الصحراء الغربية، إلى جانب رحلات السفارى والغوص المفتوح فى المحميات الطبيعية فى البحار والجبال، وغيرها من المقومات التى لا تحتاج إلا إلى خطة تسويق وترويج قوية، خاصة لدى الفئات التى تبحث عن هذا النوع من السياحة حول العالم.
جبال البحر الأحمر
سياحة المغامرة انتشرت بشكل كبير بين الشباب العربى عامة والخليجى بوجه خاص، وفى الوقت الذى تنافس فيه بعض الدول بالمنطقة مصر على هذا المجال، خاصة المغرب والأردن وإمارة دبى، بدأت وزارة السياحة تولى اهتماما خاصا للترويج للتنوع الذى تملكه مصر ويتماشى مع متطلبات المغامرون.
سوق السفر العربى والذى سينعقد فى دبى فى نهاية إبريل المقبل سيشهد طفرة ترويجية لسياحة المغامرة فى مصر، حيث قالت وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط أن الأجيال الجديدة للشباب العربى لا تعلم الكثير عن المقومات السياحية لمصر، وأغلب هؤلاء الشباب يتجهون لسياحة المغامرة التى شهدت نموا كبيرا الفترة الماضية، ولذلك سيتم التركيز خلال الجناح المصرى على هذا النوع من السياحة، وعلى تعريف الشباب العربى بمقوماتنا السياحية لاستقطاب هذه الفئة المهمة.
سفارى الصحرا البيضا
ويعد السوق العربى من أهم الأسواق المصدرة للسياحة المصرية حيث احتل المرتبة الثانية بعد السوق الأوربية، وبلغ عدد السياح فى 2018 الذين زاروا مصر 3 ملايين و38 ألف و389 سائحا، وجاءت السعودية فى الصدارة بعدد 909 آلاف و092 سائحا، والكويت: 164 ألفا و532 سائحا، والإمارات العربية المتحدة: 65 ألفا و464 سائحا، ولبنان: 120 ألفا و637 سائحا، والجزائر: 62 ألفا و604 سياح.
ويأتى التركيز على سياحة المغامرة خلال سوق السفر العربى امتداد لنهج بدأته وزارة السياحة فى خطتها الترويجية الجديدة، حيث تركز الوزارة بشكل كبير على إظهار التنوع السياحى الذى تزخر به مصر، وكانت البداية فى بورصة لندن، حيث وفرت الوزارة فى الجناح المصرى عرض خاص ل"درب سيناء" والذى يعد من أهم المقاصد لسياحة المغامرة فى مصر.
وهو ما استمر أيضا خلال بورصة برلين السياحية حيث تم عرض لقطات مصورة بالتقنيات الحديثة لدرب سيناء أول ممشى طويل فى مصر يمر بجبل سانت كاترين يمثل ترويجا لسياحة المغامرات، وتم عرض لقطات مصورة بتقنية 360 للدرب، وتم بث مواد ترويجية له على شاشات العرض طوال فترة المعرض.
جبال سانت كاترين
وخصت وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط سياحة المغامرة جانب من أحاديثها الإعلامية على هامش البورصة لهذا النمط، حيث أكدت أن مصر مليئة بالأماكن السياحية الجديدة التي لم يتم اكتشافها بعد من قبل السائحين، مثل المحميات الطبيعية وسانت كاترين ودرب سيناء ونوبيع، لافتة إلى اهتمام الوزارة بالترويج لهذه المناطق وجذب المزيد من السياحة إليها.
ويأتى الإهتمام المصرى بسياحة المغامرة فى الوقت الذى رصدت فيه تقديرات منظمة السياحة العالمية أن حجم سياحة المغامرات في منطقة الشرق الأوسط سوف يصل لنحو 149 مليون سائح بحلول 2030، تسعى مصر بحملتها الترويجية إلى الحصول على حصتها العادلة منها، ويزيد معدل إنفاق سائح المغامرات عن السائح العادى، ويصل فى المتوسط لنحو ثلاثة آلاف دولار، الأمر الذى يعد رافدا سياحيا قويا يعزز موارد البلاد وينشط القطاع.
وتندرج رحلات السفارى بالدرجات النارية في عمق الصحراء ضمن سياحة المغامرات التي تلقى قبولا وتتم بالتوازى مع رحلات السياحة الشاطئية، وتعتبر رحلات السفارى فى قلب الصحراء البيضا من أبرز رحلات المغامرة فى مصر، حيث تتمتع بصفاء نادر يجعل من السماء كلوحة فنية مضاءة بالنجوم، وسط تكوينات صخرية بيضاء لا مثيل لها.
درب سيناء
أما درب سيناء فيبدأ من خليج العقبة وحتى مرتفعات سانت كاترين، وهو درب يمتد لمسافة 250 كيلومتر من البحر إلى قمة الجبل مانحا السائرين فرصة لرؤية أفضل طبيعية برية فى مصر، ويشكل "درب سيناء" عامل جذب سياحى بمرتفعاته، ووديانه الرملية، ومكانته التاريخية، ويظهر بين طيات الكثبان الرملية الذهبية التى تفصل بين قارتى آسيا وأفريقيا.
فتخيل وأنت تمشى هذا الطريق حتى تصل قمة أعلى جبل فى سيناء أنه نفس الطريق الذى كان يسلكه البدويون القدماء عند تأسيس دير "سانت كاترين" فى القرن السادس، حيث وكّل الامبراطور البيزنطى جستينيان مجموعة من الحراس بمهمة حماية الحجاج والرهبان، كما أن نظريات العلماء ترجح أنه كان المسار البرى للهجرة البشرية من القارة الأفريقية إلى بلاد الشام منذ 120 ألف عام، كما استخدمه التجار والحجاج إلى مكة على مدار عقود.
سانت كاترين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة