قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن القمة العربية الثلاثون، تنطلق والمنطقة العربية تسير على خيط مشدود، تتشبث شعوبها بأهداب الأمل والرجاء، وترفض الانجراف إلى اليأس،عارفة بأن مكانة هذه المنطقة، ودورها فى صناعة الحضارة يؤهلانها لمكان أفضل مما هى عليه اليوم.
جاء ذلك في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الثلاثون بتونس، اليوم الأحد، برئاسة الجمهورية التونسية خلفا للمملكة العربية السعودية، وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى.
وأكد أبو الغيط، أن الحلول السياسية هى الكفيلة وحدها -بنهاية المطاف- بإنهاء النزاعات وجلب الاستقرار. قائلا: "فلا غالب فى الحروب الأهلية، وإنما الكل مغلوب .. المهزوم مغلوب والمنتصر مغلوب".
وتابع:"ما زالت بعض دولنا تنزف، وبعض أبنائنا يُكابدون مرارات الصراع وآلام التشريد... في سوريا واليمن وليبيا .. بعض من أعز الحواضر وأغلى المدن العربية على نفوسنا، لا زالت تعيش فى ظلال الخوف، وتحت تهديد الميلشيات والجماعات الطائفية والعصابات الإرهابية".
وأكد أبو الغيط، على أن الأمن القومي العربي تعرض خلال السنوات الماضية إلى أخطر التحديات، وأشرس التهديدات في تاريخه المعاصر، مشددا على أن هذه التهديدات كلها، سواء تلك التى تنهش المجتمعات من داخلها، وعلى رأسها الإرهاب، وانتشار التشكيلات المُسلحة خارج سيطرة الدولة، أو تلك التي تتربص بها من خارجها، وفي مقدمتها إجتراء بعض قوى الإقليم على الدول العربية، أو نكبة الاحتلال الإسرائيلى المستمرة منذ سبعة عقود ويزيد تُنبه إلى حقيقة ساطعة، وهى أن الأمن القومي العربى وحدة مترابطة، وكل واحد لا يتجزأ له عنوان واحد وقضية كبرى هى صون الدولة الوطنية وصون استقلالها ووحدتها، وحفظ تكامل ترابها وسيادتها، والدفاع عن حق شعوبها في العيش الآمن الحر الكريم.
وأضاف: "إن ما يتهدد أمن العرب في أقصى المشرق، ليس بعيداً عما يواجههم فلا القلب أو فلا أقصى المغرب.. والعكس صحيح.. فالتهديدات واحدة، وكذا ينبغي أن تكون الاستجابة".
ونوه ألو الغيط إلى أن حاجتنا تشتد اليوم أكثر من أى وقت مضى لمفهوم جامع للأمن القومى العربى، متفق عليه والعمل فى إطاره، ويُلبى حاجة دولنا إلى الاستقواء بالمظلة العربية فى مواجهة اجتراءات بعض جيراننا، والتدخلات الأجنبية فى شئوننا، ومخططات جماعات القتل والإرهاب للنيل من استقرارنا.
وأكد أبو الغيط، أن التدخلات، من الجيران في الإقليم – وبالأخص إيران وتركيا- فاقمت من تعقد الأزمات، وأدت إلى استطالتها، بل واستعصائها على الحل، ثم خلقت أزمات ومشكلات جديدة على هامش المعضلات الأصلية.
وحدد أبو الغيط، رفض كافة هذه التدخلات، وما تحمله من أطماع ومخططات. مؤكدا ظرف الأزمة هو حال مؤقت، وعارض سيزول طال الزمن أم قصر، مشيرا إلى أن التعدى على التكامل الإقليمى للدول العربية ووحدتها الترابية، فهو أمر مرفوض عربياً، بغض النظر عن المواقف من هذه القضية أو تلك.
وشدد أبو الغيط، على أنه لا مجال لأن يكون لقوى إقليمية جيوب في داخل بعض دولنا تسميها مثلاً مناطق آمنة، كما أنه من غير المقبول أن تتدخل قوى إقليمية فى شئوننا الداخلية، بدعم فصيل أو آخر تحت غطاء طائفى لا يكاد يخفى ما ورائه من أطماع امبراطورية فى الهيمنة والسيطرة، منوها إلى أن أزماتنا -بعضها وليس كلها- من صنع أيدينا للأسف، وتكاد تستدعى منتهزى الفرص ومقتنصى الغنائم.
وتابع: "وها نحن أمام إعلان أمريكى - مناقض لكافة الأعراف القانونية المستقرة بل ولأسس النظام الدولى الراسخة - يمنح المحتل الإسرائيلى شرعنة لاحتلاله لأرض عربية فى الجولان السورى".
وشدد أبو الغيط على أن الجولان أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، مؤكدا أن الاحتلال جريمة وشرعنته خطيئة، وتقنينه عصف بالقانون واستهزاء بمبادئ العدالة.
وأضاف: "إن الاحتلال الإسرائيلى يسعى إلى اغتنام المكاسب، سواء فى سوريا أو فلسطين المحتلة، بتثبيت واقع الاحتلال وقضم الأراضى، وللأسف فإن مواقف الإدارة الأمريكية الأخيرة تُشجع الاحتلال على المضى قدماً فى نهج العربدة والاجتراء.. وتبعث بالرسالة الخطأ للشعب الفلسطينى والقيادة الفلسطينية.. وكأنها تحملهم عبئا فوق عبء الاحتلال، ومعاناة فوق معاناة القمع والاستيطان ونهب عوائد الضرائب، بالتضييق المالى والسياسى على المؤسسات الفلسطينية - وهى عصب الدولة المستقبلية - وخنق وكالة الأونروا التى تُعالج مأساة اللاجئين".
وأكمل: "وهكذا يهدف الاحتلال وداعموه إلى تقليص المكتسبات الضئيلة التى حققها الفلسطينيون من خلال التفاوض.. ويتلاشى أى أمل لدى الشعب الفلسطينى فى أن يصير حل الدولتين - وهو الحل الوحيد الممكن لهذا الصراع الطويل - أملاً بعيد المنال.. بكل ما ينطوى عليه ذلك من تهديد لأمن واستقرار المنطقة كلها".
وأكد أبو الغيط، أن العمل العربى المشترك - ولو فى حده الأدنى - يظل طوق نجاة وسط هذه الأنواء العاصفة، داعيا للتمسك به وتوسيع مساحته قدر الإمكان، قائلا: "شهدنا جميعاً الصدى الطيب للقمة العربية - الأوروبية التى انعقدت للمرة الأولى فى شرم الشيخ الشهر الماضي .. وقامت الجامعة، وتقوم بإذن الله، باحتضان منتديات مماثلة مع عدد من الشركاء الدوليين والتجمعات والتكتلات العالمية الكبرى".
وأكد أبو الغيط، أن الجامعة تظل العنوان الأبرز والرمز الأبقى لكل ما يجمع العرب، وما يوحد كلمتهم، ويُسمع الآخرين صوتهم الجماعى حيال كافة القضايا التى تتعلق بمصيرهم ومستقبلهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة