لا يوجد شخص، سواء كان فى سدة الحكم أو عاديا، يكذب بصدق، ويخون بمنتهى الود والوفاء، وينتصر للشر بكل أريحية، مثل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.!!
ففى الوقت الذى يملأ فيه الدنيا صراخا وضجيجا عن كراهيته لإسرائيل، ووقوفه ومساندته للقضية الفلسطينية، تجده فى الخفاء، أكثر الداعمين والمتعاونين مع تل أبيب، ولكم فى مساهمة شركة مقاولات تركية فى بناء السفارة الأمريكية بالقدس، أسوة ومثال حى..!!
أردوغان يمارس السياسة بطريقته الخاصة، فهو عدو قوى وصعب ومدافع عن القضايا العربية والإسلامية فى العلن، بينما رومانسى ويردد عبارات الحب، ويتبادل نظرات الولع والعشق، وإسداء الوعود الحالمة، فى الخفاء..!!
نراه يستعرض عضلاته مدافعا عن الدول الإسلامية «السنية» ضد «الشيعة» وتمددهم ومحاولة تهديد أمن الخليج، فى العلن، بينما يساعد ويدعم اقتصاد إيران، وخرق قرار فرض الحصار الاقتصادى ضدها، وظهر ذلك جليا عقب اكتشاف قضية تورط بنك «خلق» التركى فى عملية غسل أموال لصالح إيران، وهو ما اضطر وكالة التصنيف الائتمانى «موديز» إلى خفض التصنيف الائتمانى للبنك فى تعاملاته طويلة المدى بالليرة التركية من Ba1 إلى Ba2 كما حولت نظرتها إليه إلى سالبة.
ولم يكتف «أردوغان» ورجال نظامه، بممارسة حيل الخداع والخيانة فى السر، وإظهار البطولة فى العلن، بمساعدة إيران، ولكن فوجئ الجميع عقب قرار الرباعى العربى، مقاطعة راعية الإرهاب وهادمة الأوطان «قطر» يقفز على سطح الأحداث، ويتنصل ويتنكر لكل دول الخليج، ويقرر مساندة ودعم نظام الحمدين، ويستثمر الأزمة فى أقبح صورها، لإعادة استعمار أجداده للمنطقة، وهرع فى إرسال عساكره من قواته «المشلحة» ليكونوا كتفا بكتف مع عساكر «الفرس» دفاعا عن «تميم»!!
وخلال الأيام القليلة الماضية، وتحديدا عقب إعلان الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، فى تويتة له على حسابه الخاص بتويتر، أنه بصدد الاعتراف بخضوع هضبة الجولان للسيادة الإسرائيلية، فوجئنا بمهبول إسطنبول، رجب طيب أردوغان، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى تويتر يرد قائلا: «نحن لن نسمح أبدًا بإضفاء الشرعية على احتلال مرتفعات الجولان»، مؤكدا أن بلاده لن تصمت أمام هذا المخطط، وأنها ستتبنى تدويل القضية، وعرض الملف على الأمم المتحدة..!!
المثير والعجيب، أن رجب طيب أردوغان، كتب تعليقه هذا، باللغة العربية وليست باللغة التركية، وهى محاولة مفضوحة، واستعراض عضلات فقط أمام العرب، انطلاقا من معرفته بأن الشارع العربى تدغدغ مشاعره الخطب الرنانة، والمواقف العنترية، حتى ولو كانت مجرد فقاعات فى الهواء..!!
ومصر تدين وبقوة قرار ترامب بضم الجولان لإسرائيل، وهو موقف واضح فى الخفاء قبل العلن، ومصر تتعامل دائما وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى، بشرف وصدق، واتساق كامل بين مواقفها المعلنة، والتى خلف الكواليس والقاعات المكيفة، عكس مواقف تركيا تحت حكم حزب جماعة الإخوان الإرهابية، بقيادة رجب طيب أردوغان، التى تتناقض وبشكل فج ووقح، مواقفه ما بين العلن، والخفاء، انطلاقا من مصلحته الشخصية، وتوظيفه واستثماره للأزمات لصالح بلاده، على جثث الشعوب..!!
رجب طيب أردوغان، بمنتهى الفجر والعهر السياسى، يعلن عن غضبه لقرار الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بضم الجولان المحتلة، لإسرائيل، فى الوقت الذى يلتهم الشمال السورى، ويعبث بمقدراته، ويطمع فى ثرواته..!!
نعم، أردوغان يأكل مع الذئب ويبكى مع راعى الغنم، بُفجر لا مثيل له، فبينما يتبنى تدويل قضية الجولان، على مواقع التواصل الاجتماعى، وفى التصريحات أمام كاميرات القنوات الفضائية والصحف، يرفرف العلم التركى فوق أراضى عفرين السورية، التى احتلتها قوات أردوغان «المشلحة» فى يناير 2018، بجانب احتلال مدن، الباب والراعى وجرابلس، منذ أغسطس 2016.
ويستمر العبث الأردوغانى، ومزايداته السياسية الرخيصة، وتوظيف قرار ترامب بضم الجولان لإسرائيل، لاستعراض عضلاته أمام الشارع العربى، بينما وقبل القرار الأمريكى، بضم الجولان لإسرائيل، بأيام قليلة، كان أردوغان يهدد باجتياح المنطقة السورية شرق الفرات، متخذا من شعار مكافحة الإرهاب، مطية للوصول إلى أهدافه التوسعية والاستعمارية، ومحاولة حثيثة لإعادة الإمبراطورية العثمانية، وما تجلبه من تخلف ورجعية للأوطان العربية والإسلامية..!!
أردوغان، الذى يأكل مع الذئب فى الشمال السورى، ويبكى مع الراعى فى الجولان، دائما ما يصوب مزاعمه، فى كل اتجاه، ويؤكد أن محافظتى الموصل وكركوك العراقيتين تابعتان لتركيا، ويحاول جاهدا التشكيك فى معاهدة لوزان عام 1923، والتى بموجبها، تم ترسيم حدود تركيا الحالية، ما يؤكد بما لا يدع مجالا لأى شك، أن أردوغان لديه حلم، يسعى لتحقيقه وهو حلم إعادة الخلافة العثمانية، وأن تصير العواصم العربية من بغداد لدمشق والقاهرة، والرياض والكويت ومسقط وأبوظبى والمنامة، مجرد ولايات تابعة للسلطان العثمانى..!!
ولكن، علمنا التاريخ، أن عجلة الزمن لا يمكن أن تعود للوراء، وأن حلم إعادة الخلافة العثمانية، مجرد كابوس يزعج أردوغان نفسه، قبل خصومه..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة