فكرة الحوار وإفساح مجلس النواب المجال لبعض المعارضين لإبداء آرائهم فى القضايا المطروحة سياسية أو اجتماعية، أمر يمثل نقطة إيجابية تستحق الالتفات، وخطوة بحاجة للتوسع أكثر. ونظن أن دعوة بعض المعارضين لإبداء آرائهم داخل البرلمان كانت خطوة إيجابية، خاصة أن بعض من تحدثوا أمام البرلمان تقدوا بطلب لتنظيم وقفة أمام البرلمان فتمت دعوتهم إلى داخله ولم يحدث شىء. وهى تجربة تشير إلى أن تعدد الآراء يفيد أكثر، وقد فضل بعض من شاركوا بالرأى داخل البرلمان أن يسجلوا شهاداتهم على صفحاتهم بفيس بوك أو غيره من وسائل التواصل، تأكيدا لمواقفهم، أو إرضاء لجمهور مستهدف.
وفى المقابل أبدى رئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال احتفاء بآراء المعارضين، مثلما فعل بقراءة مقال الدكتور محمد غنيم، ورد العالم الكبير برسالة أبدى فيها تقديره لموقف رئيس البرلمان.
هناك بعض الأكاديميين وبعض القيادات الحزبية يبدو صوتهم على مواقع التواصل أكبر من مواقعهم، وقد بدوا مرتبكين وحائرين بين إعلان رأى واضح، وإرضاء جمهور افتراضى يصعب قياسه أو حسابه، وأغلبه يتعامل مع السياسة مثلما يتعامل مع النميمة، ويصعب أن يستقر على حال.
بعض الناشطين على فيس بوك وتويتر يبدون ضيقى الصدر فى مواجهة المختلفين معهم فى الآراء، وبعضهم يسارع بوصف من يختلف معه بأنه لجنة أو ناقص وعى، وهى نقاشات غالبا ما تنتهى بالبلوك، وغالبا ما يبحث كل منهم عن مؤيدين ولايكات وليس عن حوار، وقليلون من مشاهير السوشيال ميديا من يسمحون بحوار، وهناك نجوم يفقد الواحد منهم صبره عند أول خلاف من فلور أو فريند ويتنقلب إلى «وحش افتراضى» يتخلى عن موضوعيته عند أول خلاف.
وربما على كل الأطراف أن يعترفوا بأهمية الحوار حول كافة القضايا، وأن الاختلاف فى وجهات النظر أمر طبيعى ولا يعنى العداء، وفى نفس الوقت أن يعترف كل طرف بحق الطرف الآخر فى إبداء رأيه، وبقدر بساطة هذا الطرح، فإن تحقيقه صعب وسط ضجيج متبادل واتهامات مشرعة، وهى أمراض توجد لدى الأغلبية والمعارضة، ويمثل الاعتراف بها بداية لإرساء حوار موسع حول كافة القضايا السياسية والاجتماعية والتشريعية.
من هنا فإن فتح الباب لحوار فى البرلمان يمثل خطوة مهمة تحتاج إلى التعميم والتكرار فى الكثير من القضايا خاصة التى تشهد اختلافات واضحة فى وجهات النظر، فمال المانع من فتح باب الحوار حول قضايا التعليم ودعوة خبراء من مدارس أكاديمية وتربوية مختلفة؟ ونفس الأمر فيما يتعلق بالصحة والتموين والإعلام والمجتمع المدنى، مع دعوة أصحاب المصلحة، والأطراف المختلفة لأى من الموضوعات المطروحة، وبالمناسبة فإن هذه النقاط واردة فى الدستور، وتدخل ضمن صلاحيات البرلمان.
ومهما كان الرأى فى الحوار الذى أداره مجلس النواب حول التعديلات الدستورية، فهو يمثل خطوة للأمام، قد يراها البعض غير كافية، أو أن هناك شخصيات يفترض أن تتم دعوتها لتوسيع مجالات الحوار، ومع هذا فهى تمثل أساسا يمكن البناء عليه بشكل أوسع، حيث يكسر الحوار المباشر الكثير من الجمود، ويسقط حواجز مع شخصيات محترمة، لايفترض أن تكون بعيدة عن الإدلاء برأيها فى قضايا المجتمع السياسية والاجتماعية والتشريعية.