مع اقتراب الانتخابات البلدية فى تركيا يوم 31 مارس الجارى، يتجه الرئيس التركى لاستعادة تكتيكاته القديمة فى الترويج لمؤامرات خارجية تحاك ضد نظامه، كى يلقى بلوم إخفاقاته الاقتصادية عليها للتنصل منها أمام قاعدة ناخبيه التى باتت تعانى بشكل متزايد جراء الركود الاقتصادى.
وقالت صحيفة نيويور تايمز، إن خلال تجمع حاشد مؤخرا لإطلاق الحملة قبل انتخابات البلدية، تعرض الرئيس التركى لموقف محرج من قبل مجموعة من العمال العموميين الذين يطالبون بالوظائف، لكنه لم يكن لديه أى شيء. ورد أردوغان بغضب: "لا تتوقعوا أى شىء منا.. لست سياسيا عاديا ولا تثيروا اللقاء."
وقالت الصحيفة، إن هذه اللحظة تخبرنا عن ضعف أردوغان لأن الأتراك العاديين باتوا يشعرون بألم عميق جراء الانزلاق الاقتصادى للبلاد. مشيرة إلى إن تركيا تعانى حالة ركود اقتصادى كبيرة وسط تراجع ثقة المستثمرين وأزمة ائتمان وزيادة عمليات الإفلاس. لافتة إلى محاولات أردوغان تخفيف ما تواجهه حكومته من اقتصاد سئ مع استمرار معاناة الأتراك، وسط تضاعف معدل البطالة والتضخم، جنبا إلى جنب مع ارتفاع الأسعار، وخاصة فى أسواق الخضار، مما أصبح هاجسًا وطنيًا.
وأضافت الصحيفة، أن الأزمة الاقتصادية الآخذة فى الاتساع تمثل حاليا لحزب العدالة والتنمية الحاكم، واحدة من أصعب التحديات لقاعدة دعمه الهامة فى البلدات والمدن الصغيرة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية. موضحة أن أردوغان يلجأ حاليا لنفس التكتيكات التى اختبرها قبلا فى انتخابات سابقة حيث يلقى بلوم ارتفاع التكاليف على مؤامرات أجنبية ويهاجم الساسة المعارضين زاعما أنهم يشنون حملة وهمية حول المصاعب الاقتصادية.
وتشير التوقعات إلى تراجع النمو العام فى تركيا إلى 2% خلال 2019، مقارنة بـ7.4% عام 2017، فيما بلغ التضخم 20.3%. وبالإضافة إلى ذلك تشهد العديد من القطاعات تدهورا كبيرا وعلى رأسه قطاع المقاولات والإنشاءات الذى بدوره ألقى بظلاله على العديد من القطاعات الأخرى إذ تراجع الإنتاج الصناعى فى تركيا منذ العام الماضى، بنسبة 6%، ومبيعات التجزئة بنسبة 7%، كما تراجع النمو العام.
وكان معهد "فورين بوليسى إن فوكس" نشر فى فبراير الماضى، تقريرا بشأن الوضع المتدهور فى تركيا، ليس فقط على صعيد الاقتصاد ولكن على الصعيد السياسى، مستنكرا الممارسات القمعية لنظام أردوغان بالقول: "إن سجن المعارضة لم يرفع مستويات المعيشة".
وبدأ التقرير بالتعليق الذى أدلى به أردوغان قبل أكثر من 20 عاما عندما تم انتخابه لأول مرة عمدة لأسطنبول، قائلا "الديمقراطية اشبه بالترام. تغادره عندما تصل إلى وجهتك". وبينما تستعد تركيا للانتخابات البلدية نهاية مارس، فبالفعل حقق أردوغان نبوءته حيث السجون مليئة بالمعارضة وتم إسكات وسائل الإعلام وترهيب القضاء، فضلا عن تشريد أكثر من 150 ألف شخص من وظائفهم.
ولكن من أجل كل ذلك، هناك غيوم مظلمة تلوح فى الأفق، الكثير منها كانت من صنع الرئيس التركى نفسه، يقول المعهد، حيث يبدو أن أردوغان وحزبه مقبلين على نكسة. وفى حين كان "الإرهاب" مصدر القلق الرئيسى للناخبين فى الماضى، فإن استطلاعات الرأى الأخيرة تشير إلى أن الاقتصاد هو القضية رقم واحد تليها البطالة واللاجئين السوريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة