أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

حكايات من أوديسا.. دعونى أكمل عملى

الثلاثاء، 05 مارس 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهيت من قراءة المجموعة القصصية «حكايات من أوديسا» للكاتب الروسى إسحاق بابل، التى ترجمها الروائى والمترجم يوسف نبيل، وصدرت عن مكتبة المتنبى، ومنذ بدأتُ القراءة وحتى انتهيت ظلت جملة إسحاق بابل التى قالها قبل إعدامه على يد رجال ستالين «دعونى أكمل عملى» ترن فى أذنى.
 
كنت أتساءل، لماذا لم يترك الرجال قساة المشاعر هذه الموهبة تكمل عملها لتنتج لنا روائع مثل «حكايات من أوديسا» بشخصياتها غريبة الأطوار التى كان يسكنها الخوف؟ حتى الشخصية البارزة «بينيا كريك» رجل العصابات الملقب بـ«الملك» لجرأته وفطنته كان أيضًا يشعر بالخوف، كان يعرف أن مدينته التى يحكم قبضته عليها هى مجرد مدينة صغيرة فى العالم الممتلئ بالكوارث.
 
إنها شخصيات عجيبة قدمت «متتالية قصصية»، حسبما أشار يوسف نبيل فى مقدمته «المفيدة»، فالعالم القصصى يربطه خيط واحد، حيث الحضور اليهودى مسيطرا بما يتبعه من إحساس بالعزلة، والثقافة الدينية الخاصة بتاريخ الطوائف منتشرة، وأجواء بدايات القرن العشرين التى تنتشر فيها رائحة البارود تشعرنا بالتوتر، والحديث عن الموت والمقابر لا يفارق حوارات الشخصيات بما يجعلنا نعرف جيدًا أى كاتب هو «إسحاق بابل».
 
لقد قام يوسف نبيل بمغامرة «جميلة» أدركت أبعادها بعدما انتهيت، ففى المقدمة أشار يوسف إلى أن القارئ العربى لم يعرف إسحاق بابل من قبل ولم يترجم له شىء من إبداعه، رغم أن الغرب أدرك قيمته التى ظهرت فى مؤتمر باريس للدفاع عن الثقافة فى عام 1935، وذلك عندما اكتشف منظمو المؤتمر أن الوفد السوفيتى لا يضم «بابل» ولا «باسترناك» وقرروا على الفور مطالبة السفارة السوفيتية فى باريس بضم هذين الأديبين، وانتهى الأمر بحضورهما، أما الشرق فقد كان أمام معضلة كبرى تتمثل فى خصوصية القصص التى يقدمها «إسحاق بابل» إنها غريبة بعض الشىء ومركبة، وبها أنظمة لغوية وإبداعية مختلفة شعرت بها، كما شعرت بالمجهود الكبير الذى بذله يوسف نبيل كى يحافظ على «شعرية» الحكايات وإيقاعها.
 
الأمر عند إسحاق بابل يتجاوز فكرة أنه يحكى لنا عن عصابات أوديسا ورجالها المستضعفين ونسائها الفقيرات ومينائها والرحلات الغريبة التى تمر به، وحتى افتتانه بمدينة بور سعيد المصرية التى ظهرت فى أكثر من موضع فى القصص، لقد كان الرجل يضع لمسته الخاصة لكونه يعرف أن الفن وحده هو القادر على حفظ سيرته الشخصية التى توقفت يوم 26 يناير 1940 بسبب تهم ملفقة ومحاكمة صورية، حيث أثبت التاريخ أن «ستالين» قد وقع على أمر الإعدام قبل أسابيع من انعقاد المحكمة.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة